«إجازة مؤقتة بأمر الحب».. أفراح الجيش الأبيض وقت كورونا: ملحقناش نتهنى

كتب: سمر صالح

«إجازة مؤقتة بأمر الحب».. أفراح الجيش الأبيض وقت كورونا: ملحقناش نتهنى

«إجازة مؤقتة بأمر الحب».. أفراح الجيش الأبيض وقت كورونا: ملحقناش نتهنى

وباء ألقى بظلاله على الجميع لم يسلم من أثاره أحد، ضرب الأرض طولا وعرضا واخترق حدود البلدان، كضيف ثقيل جاء فجأة من غير موعد أربك حياة العاملين بالقطاع الصحي في دول العالم كافة، ومن بينها مصر، أفراح أٌجلت ومناسبات أٌلغيت، بات واقعا لا مفر منه عليهم مواجهته بشجاعة فأعادوا ترتيب خطتهم بما يتناسب مع ظروف الأزمة الراهنة، واسترقوا من شهور المعاناة أيام قلائل للفرحة كسرت ظلام المشهد.

صاحب انتشار فيروس كورونا إجراءات وقائية أوصت بها منظمة الصحة العالمية، ونفذتها حكومات الدول وبينها مصر، ومنها إغلاق قاعات الأفراح ومنع حفلات الزفاف، تلك القرارات التي لم تكن في الحسبان أربكت الدكتور عبدالله حسين، جراح العظام بمستشفى أسوان التخصصي، المخصصة لعزل مصابي كورونا، كيف سينتهي من تجهيزات شقة الزوجية قبل أشهر قليلة من موعد زفافه الذي استقر عليه؟.

الدكتور عبدالله عقد زفافه في منتصف يوليو الماضي وعاد إلى عمله في العزل

في العشرين من مارس الماضي، كانت المواجهة الأولى بين الطبيب الثلاثيني ومصابي فيروس كورونا في مستشفى العزل، رغم تخصصه الطبي في جراحة العظام، والبعيد عن الصدر والباطنة، إلا أنه لم يتوان في تلبية نداء المستشفى له للانضمام ضمن فريق الطوارئ، مرت 4 أشهر داخل العزل، انقطع فيها عن خطيبته وأسرته إلا بمكالمات هاتفية من حين لآخر، منشغل باله بالمسؤولية المؤجلة، وبحسب وصفه لـ«الوطن»، لم يهون عليه صعوبة الفترة سوى كلمات الدعم والسند من خطيبته وأفراد أسرته.

بدأ العد التنازلي لموعد زفاف الطبيب الثلاثيني، لم يتبق سوى شهر واحد دون اكتمال تجهيزات شقة الزوجية: «خدت إجازة قبل الفرح ونزلت خلصت كل حاجة في الشقة واشتريت بدلة الفرح، كل ده في أقل من شهر».

الفرح في جزيرة مفتوحة على النيل مقتصرا على أسرة العروسين

في 16 يوليو الماضي، وفي ذروة الموجة الأولى، احتفل الدكتور عبدالله بزفافه في جزيرة مفتوحة على ضفاف نيل أسوان، في ظل إغلاق قاعات الأفراح مقتصرا على أفراد أسرته وأسرة عروسته «الدكتورة أمل»، التزاما بإجراءات التباعد.

أسبوعان فقط قضاهما طبيب العظام مع عروسه بعد الزفاف، وعاد بعدها لاستكمال مهمته داخل عزل أسوان، وسط مشاعر قلق سيطرت على زوجته خلالها، حاولت إخفاءها عنه قدر استطاعتها، حتى نقلت محل عملها معه بالمستشفى بحكم تخصصها كطبيبة صيدلانية: «بعد الجواز نقلت شغلها في صيدلية مستشفى أسوان التخصصي للعزل، وبقينا شغالين في مكان واحد».

عرجون: خطيبتي كانت بتساندني طول الوقت وكتبنا الكتاب مع بداية السنة الجديدة

مع زيادة أعداد الإصابات بفيروس كورونا في أسوان، أعلن محمد عرجون تطوعه لتمريض حالات العزل المنزلي دون مقابل، على مدار شهور الأزمة واجه الشاب الثلاثيني حالات وفاة قليلة ممن تعامل معهم مقارنة بحالات الشفاء التي تمت على يده، لم يتوقف رنين هاتفه المحمول على مدار اليوم، مكالمات استغاثة مستمرة يكسر جمود المشهد مكالمة هاتفية من خطيبته، تطمئن عليه وتدعو له بكلمات حنونة يشحن بها طاقته.

«كانت دايما بتدعيلي وبتساندني طول شهور الأزمة وما صدقت الأزمة انفرجت شوية وكتبنا الكتاب»، يقول الممرض المتطوع في بداية حديثه لـ«الوطن» عن عقد قرانه خلال عام وباء كورونا رغم الظروف الصعبة، مقتصرا في الحفل على أفراد أسرته وأسرة العروس فقط، حفاظا على إجراءات التباعد الاجتماعي.

انفض حفل عقد القران الذي تم منتصف يناير الماضي، وفي صباح اليوم التالي ذهب العريس الثلاثيني لتمريض إحدى حالات العزل المنزلي في محافظته: «من تاني يوم كتب الكتاب روحت أشوف حالة تعبانة في البيت وخطيبتي مقدرة المجهود اللي بعمله».

طه تزوج قبل أشهر من بداية أزمة كورونا ووضعت زوجته مولودهما الأول خلال الموجة الأولى

لم يمض عام كامل على زواج الدكتور محمد السيد طه، مدير معمل تحاليل مستشفى أبو خليفة للعزل، الذي انقعد في حفل مكتظ بالأهل والأصدقاء في 12 يوليو عام 2019، حتى جاءت جائحة فيروس كورونا لتحرمه من بيته الهادئ الذي اختار كل ركن فيه بمشاركة حبيبته وأم ابنه المنتظر، وبات يقضي يومه كاملا متنقلا بين عينات تحاليل ومسحات المرضى؛ إذ يتولى إدارة معمل تحاليل مستشفى أبو خليفة للعزل، يراوده خياله بلحظة تجمعه بزوجته ومولوده الذي ينتظر ضمه إلى حضنه وسماع صوت أنفاسه، في ذروة إصابات الموجة الأولى من الوباء.

حين علم الطبيب العشريني بمهمته الجديدة في مطلع أبريل الماضي، داهمت أعراض الولادة المبكرة زوجته الحامل في بداية شهرها السابع آنذاك، زاد خوفه وارتباكه لاضطراره تركها في تلك الظروف الطارئة ولكن وحسب تعبيره: «مكنش في خيار تاني في ظرف وباء استثنائي على الجميع».

تأقلم الصيدلي العشريني ومدير معمل التحاليل بمستشفى أبو خليفة، على المهمة التي أُسندت إليه سريعا، وظل اشتياقه لزوجته وأسرته غير قابل للتعود والتأقلم، حتى جاء موعد ولادة طفلهما الأول في 15 يونيو الماضي، فاختلس من وقته المزدحم إجازة سريعة مدتها ساعات قليلة لمساندة زوجته: «روحت أقف معاها في المستشفى وكنت خايف أكون مصاب بكورونا وأعديهم».

وضعت «سلمى» زوجة الطبيب العشريني مولودهما الأول «معتصم»، سليما معافا، وعاد هو لمكان عمله في العزل سريعا قبل أن يحفظ ملامح طفله، يتلهف كل ساعة لسماع صوته ورؤية صورته عبر الهاتف، حتى يقضي الله أمرا، ويجمعه بزوجته وأسرته من جديد، بعد انتهاء الأزمة. 

 


مواضيع متعلقة