«أم سيف وصفاء».. سيدتان تطوعتا لتكفين جثة خاف الجميع منها ورفضوا تغسيلها

كتب: أسماء أبو السعود

«أم سيف وصفاء».. سيدتان تطوعتا لتكفين جثة خاف الجميع منها ورفضوا تغسيلها

«أم سيف وصفاء».. سيدتان تطوعتا لتكفين جثة خاف الجميع منها ورفضوا تغسيلها

في الواحدة والنصف بعد منتصف الليل دق هاتفها.. على الجانب الآخر رجل يبكي بكاءًا هستيريا، يتقطع صوته من فرط البكاء، بعد رفض المغسلين تغسيل جسد شقيقته المتوفاة في حادث بسبب تمزق جسدها.

«أنا واقع في عرضكم أنا مش من هنا أنا من أسيوط وأختي محدش راضي يغسلها وكل اللي يشوف الجثمان يستأذن ويسيبني ويمشي ومش معقول أدفنها بدون تكريم.. كل اللي يدخلها يخاف منها ويمشي ينفع تيجي تكفنيها».. نص المكالمة التي تلقتها «أم سيف»، 30 عامًا، في ساعة متأخرة ورغم إبلاغها بخطورة الموقف إلا أنّها لم تتردد لحظة في الذهاب إلى ثلاجة الموتى بمستشفى الفيوم العام  بعد أن طمأنت شقيق المتوفية.

وعلى الرغم من كونها أم لثلاثة أطفال لم يُثنها ذلك عن التطوع لتغسيل وتكفين متوفيات الكورونا، حيث ارتدت ملابسها واستعانت بصديقتها «صفاء»، في طريقهما إلى ثلاجة الموتى لتلبية استغاثة غريب لا يعرفونه.

تروي «أم سيف»، كواليس تلك الليلة قائلة: «فوجئت بمكالمة هاتفية في ساعة متأخرة من الليل لتكفين جثمان سيدة رفض الجميع تكريمها خوفًا منها فارتديت ملابسي سريعًا وإتصلت بصديقتي صفاء، وهرعنا إلى مستشفى الفيوم العام، وقبل دخولنا على الجثة أخبرنا مسؤول المشرحة أنّها جثة سيدة خمسينية توفيت في حادث وجثمانها ممزق وأنّ الجميع خافوا من تغسيلها واعتذروا ورحلوا».

وأضافت أنّها بالفعل دخلت هي وصديقتها وكشفتا الغطاء عن الجثة، مؤكدة أنّ تلك أبشع حادث رأته في حياتها منذ بداية تطوعها لتغسيل وتكفين الموتى سواء المتوفين بكورونا أو في حوادث، ولكنها شجعت صديقتها حتى تكفينها وكأنها لم تتعرض لحادث ولم تتأذ أبدًا، وتم تسليمها لشقيقها في أفضل صورة لمواجهة رب كريم.

وكشفت أنّها اكتسبت الشجاعة من والدتها التي تعمل ممرضة في غرفة العناية المركزة وكانت ترى الكثير من الحالات الصعبة سواء في حوادث أو قتل أو غيرها وتروي لها قصص كثيرة حول ما تراه لكي تكون قوية وشجاعة، حتى حلت جائحة الكورونا فتطوعت لتغسيل متوفيات الكورونا برفقة فريق «شباب رواد الخير»، منذ بداية الجائحة.

وأشارت إلى أنّ الجثة كانت لسيدة تبلغ من العمر 55 عامًا، زوجة حارس مزرعة على طريق أسيوط الغربي وهي من محافظة أسيوط وأثناء قيامها بزيارة زوجها وخلال عبورها الطريق تعرضت لحادث بشع تسبب في هرس جسدها وكأنّ قطار  مر من فوقها.

وبيّنت أنّها أم لثلاثة أطفال «سيف، 8 سنوات، ساندي، 7 سنوات، ورؤى، 3 سنوات»، ولكنها دائمًا تروي لهم ما تفعله حتى لا يكون قلبهم ضعيف لأنّها تريد أن يتصفوا بالشجاعة وطوال الوقت تخبرهم أنّ ما تفعله عمل بطولي، لدرجة أنّ أصغر أطفالها حينما يسأل أحد عن والدتها في غيابها يرد: «ماما بتغسل حالة».

وتابعت أنّ وجود صديقتها «صفاء»، يشجعها على الاستمرار ومواصلة تطوعها مهما كانت الحالة صعبة، فكل منهن تشجع الأخرى، بالإضافة إلى أنّها تساعدها على تلبية النداء في أي وقت، فتتحرك معها مباشرة دون النظر للتوقيت أو الساعة مهما كان الوقت متأخرا، كما أنّها طوال الوقت خلال تغسيل وتكفين المتوفيات تقول لها: «إثبتي.. خليكي جامدة»، لتمنحها القوة اللازمة لتستمر.

وأردفت قائلةً أنّ زوجها له الفضل الأكبر في ذلك الثواب، نظرًا لأنّه دائمًا ما يشجعها على فعل الخير ولا يمنعها من الذهاب لتلبية النداء لتكفين المتوفيات سواء بكورونا أو طبيعي أو في الحوادث، ويجلس برفقة أبنائه حتى عودتها .

 

 


مواضيع متعلقة