النصف الفارغ.. براح للطموح في وزارة الزراعة
النصف الفارغ فى حقائب الوزارات الخدمية فى مصر، قد يوفر متسعاً لأحلام شبابية وطاقات خلاقة لا يستوعبها النصف الأول المزدحم بالغث ربما، أو المسكون بجيوش من المتنطعين والمعوِّقين للعمل، وما أحدثه السيد القصير وزير الزراعة فى قطاع الإنتاج، أحد أكبر قطاعات الوزارة، يجسد نموذجاً سباقاً فى محاولات استثمار النصف الفارغ من الكوب، حيث طالت دراسته لهذا القطاع، وتأكد من أنه معقل القيمة المضافة فى ميزان الوزير ووزارته، لم يفعل الوزير أكثر من اختياره باحثاً شاباً ينتمى لمركز البحوث الزراعية، تم اختباره فى وظائف قيادية فاعلة أخرى، فبث روح العمل فى صدره مرة أخرى، بعد إقصائه وهو على رأس العمل فى صيف رمضان الماضى، بين حدائق الأقصر وغيطانها، مقاوماً لبشائر أسراب الجراد، تابع الوزير عن كثب خطوات الدكتور ممدوح السباعى، فى قيادة قطاع الإنتاج، ليتمكن فى زمن كورونا، من تحقيق نجاح مثالى، على الرغم من أن هذا القطاع هو ذاته الذى سجل خسائر فادحة فى عهده السابق مباشرة، كما أن نجاحه الجديد لم يكن مرتبطاً بزيادة مساحات أو وحدات أو آليات أو معدات إضافية، ليسجل قيمة مضافة حقيقية، توضع على كفة ميزان الوزير الحالى، جاء تكليف الوزير الحالى لباحث شاب (فى الأربعينات) بإدارة هذا القطاع، كضربة قاصمة لظهر الإهمال، الذى تزيد نتائجه جرماً على نتائج الفساد، والمحصلة نفض الغبار عن تروس العجلة، وتشحيمها، والربت على أكتاف سائقيها، ثم الانطلاق فى مضمار العمل الجاد، نجحت إدارة قطاع الإنتاج فى وزارة الزراعة فى تحقيق نتيجة مرجوّة لأصول تملكها الدولة، أهمها 18 ألف فدان سودا، تقدّر بنحو 18 مليار جنيه، وكانت أجزاء منها تحقق أرباحاً بالجنيهات «الفكّة»، لتحقق أجزاؤها الأخرى خسائر بالملايين، وحتى لا يكون الحديث مرسلاً، فسوف ندلل على ذلك بأمثلة، قد يحار رئيس القطاع والوزير ذاته من مصدر الحصول عليها،- إصدار رخص لمنافذ بيع التقاوى الزراعية التى ينتجها القطاع من أراضيه، تحت إشراف ومتابعة الإدارة المركزية لفحص واعتماد التقاوى فى وزارة الزراعة، بعد أن كانت أراضى القطاع تُستأجر لشركات خاصة تُنتِج التقاوى لبيعها بأسعار مرتفعة للمزارعين، أو بيع التقاوى التى كان القطاع ينتجها لشركات الاتجار فى البذور والتقاوى، ثم بيعها للفلاح بربحية عالية، وكانت المحصلة خسائر فادحة من تخصيص نحو 4000 فدان تقدر قيمتها الفعلية بأكثر من 4 مليارات جنيه، نجح الرئيس الحالى لقطاع الإنتاج، بتوجيهات الوزير الحالى، فى إصدار رخصة استيراد وتصدير، وذلك للتمتع بميزة استيراد مستلزمات إنتاج أراضى القطاع، سواء الزراعية أو الوحدات الإنتاجية الأخرى، المتمثلة فى 15 مزرعة إنتاج أبقار وجاموس وأغنام، تخدمها ثلاثة مصانع أعلاف، تستخدم مدخلات إنتاج مستوردة، وأصبح بالإمكان استيرادها مباشرة دون وسيط، «الاستغلال الأمثل لأصول الدولة» كان هدفاً للوزير ورئيس القطاع، يتسق مع توجهات الدولة، فاهتدى الثانى إلى مساحة 2 فدان كانت مستأجرة لإحدى شركات قطاع الأعمال العام كمخازن معدات فى كفر الشيخ، ليتحول عقدها من إيجار بالفدان، إلى إيجار بالمتر المربع، فتكون المحصلة 985 ألف جنيه سنوياً، بدلاً من 64 ألف جنيه فى العام الماضى، الذى ختم مدة عقد استمرت 10 أعوام، وفى كفر الشيخ أيضاً، قادت الصدفة رئيس القطاع الشاب إلى مساحة نصف فدان، سيطر عليها «الهيش»، ليطرحها كمشروع خدمى يدر حالياً 500 ألف جنيه سنوياً، ليؤكد أن مبعث فرحه بها تلك الوظائف التى أتيحت من خلالها، بعد أن كانت نسياً منسياً، لم يترك الدكتور ممدوح السباعى، رئيس قطاع الخدمات بوزارة الزراعة، مصنع أعلاف محطة الصباحية مطمعاً لتجار الخردة، فآل على نفسه ومهندسى القطاع أيضاً، وبتوجيهات من الوزير مباشرة، تفكيك المصنع ونقله وتركيبه بالجهود الذاتية للقطاع، ليبدأ افتتاحه قريباً بطاقة إنتاجية تعينه على الاكتفاء الذاتى فى تغذية قطيع الماشية الذى يملكه القطاع، وبقراءة ملفات الخسائر السابقة، وجد رئيس القطاع الحالى أن حصاد الأرز، والقمح، والذرة، فى أراضيه تكبد الدولة مبالغ طائلة، هى التى تضىء خانة الخسائر، ففتش فى ركام الورش ليهتدى إلى كنز به 20 آلة حصاد «كومباين»، تقدر قيمتها السوقية الحالية بنحو 50 مليون جنيه، فأنفق عليها 220 ألف جنيه فقط، لتوفر فاتورة حصاد بقيمة خمسة ملايين جنيه فى العام الواحد، ذلك كان نموذجاً واقعياً وبالأرقام والنتائج، لإثبات أنه بالإمكان أكثر مما كان، رغم ثبات المعطيات، شرط تصفية النية، وجلاء الضمائر لتتحقق أهداف شعار «تحيا مصر».