المنتدى العربي الاستخباري.. دروس الماضي وتحديات المستقبل
طالعتنا الصحف ووسائل الإعلام منتصف الأسبوع الماضى بخبر إنشاء المنتدى الاستخبارى العربى واستضافة مصر لهذا الحدث الذى شهد مشاركة رؤساء أجهزة المخابرات بمختلف الدول العربية، ومخطئ من يمر عليه هذا الخبر مرور الكرام ويقرأه بعينيه فقط كخبر منشور فى الصحف، لأن هذا الخبر يحتاج إلى التمعن وقراءته بعقولنا وليس بأعيننا لأنه فى تقديرى خبر سيؤسس عليه الكثير خلال الفترة القادمة، ففى هذا الخبر إرادة قوية تسعى إلى الاستفادة من دروس الماضى القريب التى شهدتها السنوات العشر المنقضية والتى شهدت محاولات نجح بعضها فى ضرب استقرار وتهديد مقدرات العديد من بلدان الوطن العربى، نتج معها وطن عربى مصاب فى جسده إصابات بالغة ما بين سوريا محطمة وعراق مفككة وليبيا مهددة وسودان مقسمة وتونس تائهة ويمن نتمناها تعود، وهو ما يمثل ضرراً بالغاً للوطن العربى كله من المحيط إلى الخليج، لذا وجب الوقوف أمام هذا المشهد واستدعاء الماضى بدروسه وآلامه لنتجاوزه صانعين مستقبلاً مستعداً لمواجهة أى مخاطر فى المستقبل وهو ما أدركته مصر ودعت فيه للتشاور فى عاصمة العرب (القاهرة) بحضور دروع الأوطان وعقلها وهى أجهزة الاستخبارات بالدول العربية لتدشين كيان نفكر معاً من خلاله ونتبادل المعلومات وننسق الجهود نحو إصلاح وضع العالم العربى المزرى، الذى تتحكم فى قضاياه بدرجة كبيرة جداً قوى إقليمية ودولية، كما أن المنتدى بمثابة منظومة أمن قومى عربى تبحث قضايا المنطقة ومكافحة الإرهاب، لمعرفة تنقلات الإرهابيين ومنابعهم ووسائل تمويلهم وآليات المكافحة، والتعامل مع القوى الدولية والإقليمية فيما هو مرتبط بالمعلومات المتوافرة الخاصة بقضايا العالم العربى.. فهذا المنتدى يخدم الأمن القومى العربى ويعمل على معايشة التطورات الإقليمية التى تطلبت تأسيس هذا المنتدى، من أجل مواجهة التحديات والمخاطر التى تواجه الدول العربية..
فلا يستقيم أن تجلس الدول العربية وأجهزتها ومؤسساتها فى مقاعد المتفرجين لشرق أوسط جديد تريد أن تشكله دول كبرى تلعب فيه إسرائيل دور البطولة ومعها تركيا فى دور السنيد بإنتاج قطرى.. لذا وجب التوقف وتأسيس مشهد تعاونى تعمل فيه الدول العربية مجتمعة مؤمنة بأن مصيرها واحد يتطلب منا التشابك والتلاحم والمواجهة الجامعة للإرهاب ومموليه وداعميه، فلا يصح أن تكون مواجهة الإرهاب لمصر وللمنطقة حصرية لمصر، بل يجب أن تكون كل الدول العربية وأجهزتها حاضرة بجوار مصر لمواجهة هذا الإرهاب الأسود..
ورأيى أنه إذا كانت السلعة التى أحدثت تغيراً ديموجرافياً فى الوطن العربى فى القرن العشرين هى البترول، فإن السلعة الأهم التى أرى أهمية العمل المشترك على الحفاظ عليها فى القرن الحادى والعشرين هى (الأمن) الذى أراه حجر الأساس لبناء وطن عربى قوى قادر على مواجهة هذه التحديات والمتغيرات الدولية، خصوصاً فى ظل إدارة أمريكية جديدة على رأسها جو بايدن الذى سيحاول إعادة إنتاج (ربيع عربى جديد) يمكنهم من إصلاح ما أفشله الجيش المصرى العظيم من مخطط بدأ فى ٢٠١٠ وتحقق فى عدد من الدول العربية إلا مصر التى نجحت فى إفشال هذا المخطط وتصدت لكل محاولات التفتيت والاختطاف عن طريق جماعة سعت بدعم أمريكى للسيطرة على مفاصل الدولة المصرية واختطاف هذا الوطن..
تحية إجلال وتقدير لصقور المخابرات المصرية، بقيادة الرجل الوطنى اللواء عباس كامل، على هذه الرؤية الاستباقية لتدشين هذا المنتدى ويكون مقره مصر لنكون أمام أول عمل حقيقى فاعل يتجاوز مرحلة الكلام ويسعى لحماية وطننا العربى..