تحويل المستوردين إلى منتجين!!

قلبى ينشرح بمشاهدة افتتاح مزارع ومصانع جديدة، لأننى متعصب جداً للزراعة والصناعة لأنهما أساس التنمية والتقدم، والبلاد التى تعانى من الفقر المائى يجب أن تتجه للصناعة والتصدير، فمثلاً القطاع الصناعى المصرى يستهلك حوالى 2.5 مليار متر مكعب من المياه، ويسهم فى الناتج المحلى بنسبة 17%، كما أن العائد من متر المياه فى الصناعة كبير.

أما الزراعة فهى المصدر الأساسى للغذاء وتستوعب عمالة مباشرة وغير مباشرة أكثر من نصف الشعب، وتسهم بحوالى 15% فى الناتج المحلى، كما أنها توفر المواد الخام للصناعة، ولها علاقات متشابكة مع معظم القطاعات الأخرى، وهناك طفرة غير مسبوقة فى البنية الأساسية شهدتها مصر خلال السنوات الأخيرة أنفقت عليها الدولة أكثر من ألف مليار (تريليون) جنيه، وذلك بهدف تهيئة المناخ للاستثمار الصناعى والزراعى والتنمية المستدامة التى تحقق الرفاهية للشعب.

والمشروع القومى لتطوير منظومة الرى، الذى يتم تنفيذه الآن، سوف يسهم فى توفير المياه لمزيد من المشروعات الزراعية والتوسع فى استصلاح الأراضى لإنتاج الغذاء.

«تصنيع.. تشغيل.. تصدير» ثلاث كلمات عظيمة تبدأ بحرف التاء، لا بد أن تكون أساس اختيار المسئولين وتقييمهم، لأن غيابها من قاموسنا يزيد صعوبة وضعنا الاقتصادى، فالصناعة والزراعة توفران فرص العمل، والتصدير يجلب الأموال من الخارج لدعم الاقتصاد الوطنى.

مصر لديها إمكانيات واعدة فى الصناعة، حيث تمتلك أرضاً شاسعة وعمالة رخيصة ومواد خام يجب تحويلها إلى قيمة مضافة من خلال التصنيع، وأيضاً أموالاً كثيرة فى البنوك يذهب معظمها لشراء العقارات والسيارات وليس لبناء المصانع والمزارع.

على مدار نصف قرن تكبّدت الدولة خسائر وأموالاً طائلة أنفقتها على الاستيراد، ولم يتسبب ذلك فقط فى تراكم الديون الخارجية والداخلية، بل ساهم أيضاً فى تدمير الصناعات الوطنية الناجحة وتشريد العمالة وزيادة نسبة الفقر، وأصبحنا سوقاً لكل دول العالم وسبوبة للمستوردين.

وحسناً فعلت الحكومة ‏خلال السنوات الأخيرة حينما وضعت قيوداً كثيرة على الاستيراد، وأتمنى أن يصاحب ذلك إزالة كافة العقبات أمام المنتجين وتخفيض أسعار مستلزمات الإنتاج إلى أدنى حدودها أو توفيرها بالمجان، وأيضاً إلغاء كافة أنواع الضرائب والجمارك عليها، بما فى ذلك الضرائب العقارية على المصانع والمزارع حتى تكون المنتجات المصرية متوفرة بأسعار رخيصة للسوق المحلية ومنافسة فى الأسواق الخارجية، وبالتوازى مع ذلك تتم زيادة الأعباء على السلع المستوردة التى لها بديل محلى، لأن دعم مستلزمات الإنتاج يستفيد منه الشعب كله وليس المنتجون فقط.

ما زال هناك من يسعى إلى الثراء السريع حتى لو كان على حساب مصلحة الوطن، وأسهل طريق لذلك هو إنشاء شركة على الأوراق، ثم استيراد أى شىء وبأرخص الأسعار وأقل جودة، حتى أصبحت أرصفة الموانئ المصرية مكدسة بالواردات بدلاً من الصادرات، مما أدى إلى تدمير منتجاتنا المحلية واستيراد معظم احتياجاتنا حتى غذاءنا ونحن كنا سلة غذاء العالم.

تشجيع الإنتاج وحماية المنتجين المحليين مع تحويل المستوردين إلى منتجين وصنّاع ونشر ثقافة الإنتاج فى المجتمع قضايا مهمة جداً أتوقع وأتمنى أن تأخذ أولوية قصوى حتى نجنى ثمار كل الجهود التى بذلتها الدولة خلال الـ6 سنوات الماضية.. والله الموفق والمستعان.