تعادل «2 مارك» ألماني.. «عملة الحمار» صكتها حكومة «فايمار» لمحاربة التضخم

كتب: لمياء محمود

تعادل «2 مارك» ألماني.. «عملة الحمار» صكتها حكومة «فايمار» لمحاربة التضخم

تعادل «2 مارك» ألماني.. «عملة الحمار» صكتها حكومة «فايمار» لمحاربة التضخم

اعتاد المواطنون في دول العالم تداول العملات النقدية المختلفة، كل حسب عملة دولته، وسعرها من  الدولار والدينار والريال ، وربما يقارن البعض بين أغلى وأرخص العملات، ولكن هناك عملة لا يعلم عنها الكثيرون شيئا وهي عملة «الحمار».

المسمى غير المألوف للعملة، واختيار «الحمار» للدلالة عليها، لا ينفي كونها عملة حقيقة في ألمانيا، وتعد واحدة من عملات «الطوارئ» التى ابتكرت نتيجة للتضخم الذي حدث عقب الحرب العالمية.

ما هي عملة الحمار؟

طبعت الحكومتان الألمانية والنمساوية بعد الحرب العالمية الأولى، عملات أطلق عليها عملات الطوارئ، ومنها عملة «الحمار».

كيف بدأت؟

وفي أعقاب الحرب العالمية الأولى التي بدأت عام 1914 وانتهت في عام 1918، حدثت أزمة كبيرة أثناء فترة حكومة «فايمار» والذي أسس جمهورية ألمانية في الفترة ما بين 1919 إلى عام 1933 كنتيجة لخسارة ألمانيا للحرب العالمية الأولى.

وفي نوفمبر عام 1922، تخلفت ألمانيا عن سداد التعويضات كما هو مقرر للدول، والدفعة الأولى للتعويضات استهلكت كل الأموال المتاحة بالدولة، واعتقد الفرنسيون أن الدولة تماطل من أجل التهرب، وقرروا إرسال قوات مشتركة مع بلجيكا إلى المنطقة الصناعية الرئيسة بألمانيا، والتي عرفت باسم «وادي الرور».

اقرأ أيضا .. بينها البطيخ وزنزبار.. أغلى العملات النقدية في العالم 

كان هدف الفرنسيون مصادرة السلع الصناعية بالدولة المهزومة إذ لم يصدقوا أن ألمانيا غير قادرة على سداد القسط الثاني، كما احتلوا أيضا مناجم الفحم والسكك الحديدية ومصانع الصلب، أي كل الأشياء التي كانت مهمة للاقتصاد الألماني، وفقا لموقع « بي بي سي» والمتحف البريطاني وموقع «extravelmoney».

المقاومة السلبية 

وكنتيجة للاحتلال المفاجئ ، أمرت حكومة «فايمار»العمال باتباع سياسة المقاومة السلبية والتي تعني رفض العمل أو التعاون مع القوات الأجنبية وفي المقابل استمرت الحكومة في دفع أجورهم، الأمر الذي تسبب في كارثة حيث أطلق الفرنسيون النيران على العمال الرافضون للتعاون وطردت أخرون، وبلغ إجمالي القتلى 132 ألف، والمطرودين 150 ألف.

كارثة التضخم والمال الاحتياطي 

قرر «فايمار» أن يرد على فعله الفرنسيون بطباعة المزيد  من الأموال لدفع رواتب العمال في المنطقة، ما أدى إلى التضخم المفرط، واضرب العمال عن العمل وأصبحت ألمانيا بين فكي الاضطراب المالي والسياسي، حيث كانت تعاني بالفعل من مستويات عالية من التضخم بسبب آثار الحرب والدين الحكومي المتزايد.

وأدى هذا التدفق من الأموال إلى تضخم مفرط حيث كلما تم طباعة المزيد من الأموال ، ارتفعت الأسعار، وخرجت عن السيطرة، فعلى سبيل المثال ارتفع سعر رغيف الخبز الذي كان ثمنه 250 مارك في يناير 1923 إلى 200000 مليون مارك في نوفمبر 192، وخلال الأزمة، كان العمال يتقاضون رواتبهم مرتين في اليوم غالبًا لأن الأسعار ارتفعت بسرعة كبيرة، وكانت أجورهم بلا قيمة تقريبًا بحلول وقت الغداء.

الحمار 2 مارك

ولمحاربة التضخم أصدرت حكومة «فايمار» عملات الطوارئ أو «Notgeld»، ومن بينها عملة ورقية بقيمة 2 مارك وسم عليها حمار يأكل العشب، وتم التعامل بها كعملة داخلية، وأصبحت من صكوك الدولة لمحاربة التضخم.

ومن بين عملات الطوارئ أيضا طباعة الأموال المعدنية من معادن رخيصة وهي الألمونيوم والزنك والحديد، ولكل معدن فئئة معينة، وخلال الفترة بين عامي 22 و23 تم إصدار عملات الألمونيوم بقيمة 200 و500 مارك وهي العملة الرسمية لألمانيا في الوقت الحالي، وتفاوتت جودة العملات وطباعتها من غني لفقير.

إصدار ملايين العملات بلا قيمة

كما كان للعديد من المقاطعات والمدن أيضًا إصدارات خاصة بها من العملات المعدنية والمذكرات، وحدث هذا في كثير من الأحيان بسبب نقص العطاءات القابلة للاستبدال في منطقة أو أخرى خلال فترات الحرب والتضخم المفرط، وفي النهاية تم إصدار عملة بقيمة 1000000000000 مارك «ألف مليار» والتي تعد أكبر عملة في ذلك الوقت، ومع ذلك كانت بلا قيمة بسبب التضخم.

وبدأت ألمانيا في استخدام العملات الورقية من 1 إلى 100 مارك، ولكن الشائع في ذلك الوقت كان 1 و2 مارك، وبسبب تشغيل مطابع الأموال بشكل دائم انهار المارك الألماني تماما، حيث كان العملة الذهبية الواحدة تساوي تريليون مارك.

الحصان بقيمة 5 مليون مارك

كما شهدت تلك الفترة إصدار عملة ذهبية مرسوم عليها حصان بقيمة 5 مليون مارك، واختفت تلك العملات منذ تولي هتلر حكم ألمانيا وبدأ الحكومة النازية.


مواضيع متعلقة