د. على جمعة مفتى الجمهورية.. أنا متفائل.. والإساءات فرصتنا لتوضيح حقيقة الدين

كتب: د. على جمعة

د. على جمعة مفتى الجمهورية.. أنا متفائل.. والإساءات فرصتنا لتوضيح حقيقة الدين

د. على جمعة مفتى الجمهورية.. أنا متفائل.. والإساءات فرصتنا لتوضيح حقيقة الدين

هذه الإهانات الوقِحة الموجهة لشخص النبى الكريم لا يمكن لأى مسلم أن يستهين بها، ونحن لنا الحق فى رفضها والاعتراض عليها بشكل سلمى، حيث إن ذلك يمثل محاولة لاستفزاز المشاعر الراسخة لأكثر من مليار ونصف المليار مسلم فى العالم كافة. ونحمد الله أننا كنا أول من أدان الفيلم ولفت انتباه ملايين المسلمين له، فبمجرد علمنا بهذا الفيلم المسىء للرسول صلى الله عليه وسلم، قامت دار الإفتاء بتكوين وحدة داخل الدار للتواصل مع المؤسسات الإسلامية فى أمريكا، لبحث الأزمة، وحثهم على اتخاذ إجراءات قانونية ضد كل من شارك فى هذا الفعل المشين، استناداً إلى المواد الخاصة بجرائم الكراهية، كما هو ثابت فى القانون الأمريكى، وطالبنا الأمين العام للأمم المتحدة، بان كى مون، بضرورة السعى فى إصدار اتفاقية يوقع عليها جميع الدول الأعضاء بالأمم المتحدة، لتجريم التطاول على الأديان والرموز والمقدسات الدينية، بحيث يكون ذلك رادعاً للسفهاء والموتورين. أما بالنسبة لدورنا فى الرد الأمثل على هذه الإساءات، بداية على المسلمين فى كل مكان أن يبذلوا الجهد لتقديم صورة الإسلام المشرقة للعالم، بالحكمة والموعظة الحسنة والسعى لمحو أى مفاهيم مغلوطة عن هذا الدين العظيم وعن رسوله الكريم، من خلال توضيح أخلاق النبى صلى الله عليه وسلم، وكيف أنه أسس دولة قامت على الحق والعدل والمساواة، وأنه صلى الله عليه وسلم لم يكره أحداً على دخول الإسلام، وكيف أنه نشر الدين فى كل بقاع الدنيا بالحكمة والموعظة الحسنة، وتوضيح أن هذا الدين الإسلامى تتفق مبادئه التى نصت عليها الشريعة الإسلامية مع مبادئ حقوق الإنسان التى كان هدفها إعلاء قيمة الحفاظ على الإنسان من خلال الحفاظ على الدين والنفس والعقل والنسل والمال، وعلينا أن نوضح لهم كيف أن هذا الدين حفظ للمرأة حقوقها وأعلى من قدرها أمّا وزوجة وأختاً وبنتاً، وكيف أن الإسلام يوقر الكبير ويرحم الصغير، وغيرها من الأخلاق والآداب الإسلامية. الفرصة الآن سانحة أمام المسلمين لتوضيح حقيقة الدين الإسلامى، والبحث عن وسائل نشره وتقديم صورته المتسامحة لا الإساءة إليه بسلوك عشوائى عاطفى تأثيره سلبى ومحدود. ودار الإفتاء المصرية كانت لها سابقة فى هذا الأمر؛ حيث قامت بعمل مشاريع كثيرة للتوعية والتعريف بالدين الإسلامى وحضارته، منها أننا قمنا بعمل أسطوانة تحتوى على ألف كتاب باللغة الإنجليزية بهدف تعريف غير المسلمين بالدين الإسلامى وحضارته، ووزعناها على غير المسلمين بهدف التعريف بالإسلام وأيضاً الوصول إلى الشرائح المختلفة فى العالم، التى ربما يصعب عليها الحصول على المعلومات الكافية عن الإسلام وحضارته. أنا متفائل بمستقبل الإسلام فى العالم، فكل المؤشرات تؤكد ذلك، على الرغم من كل حملات التشويه التى تشن على الإسلام وعلى نبيه صلى الله عليه وسلم فى الغرب وحرق القرآن، فإنك تجد أعدادا كبيرة تعتنق الدين الإسلامى وربما لم يكن ليسمعوا عنه قبل ذلك، وإن هذه الأحداث قد جعلت من فى الغرب يبحثون ويقرأون عن هذا الدين الذى يكتشفون أنه دين يعلى من قيمة الفرد والمجتمع ويرعى حقوق المرأة والطفل، وانظر إلى الأعداد الهائلة التى اعتنقت الإسلام بعد أحداث سبتمبر والحملة الشنيعة التى تعرض لها الإسلام فى الغرب واتهامه بالعنف وسفك الدماء، وعلى الرغم من ذلك فنحن نجد أن الأعداد تزداد يوماً بعد يوم فى الدخول فى الإسلام. وأعتقد أنه فى الأيام المقبلة ستكون الأمور أكثر إشراقاً ونجاحاً للإسلام فى الغرب، لكن علينا أن نقوم بدور كبير من أجل إحلال صورة وسطية ومعتدلة مكان الصورة النمطية المشوهة التى يأخذها بعض من أبناء الغرب عن الإسلام، وإظهار جوهر الدين وأخلاقياته التى تعلى من قيمة الفرد والمجتمع، وأن نبتعد عن كل أنواع التشدد والمغالاة.