«رب أسرة عنده 8 سنين».. أحمد يبيع الليمون بعد مرض والده: عليا مسؤولية

«رب أسرة عنده 8 سنين».. أحمد يبيع الليمون بعد مرض والده: عليا مسؤولية
طفل بجسد نحيل وملابس غير متناسقة، يرتجف من صقيع الهواء الذي يصطدم به ذهابا وإيابا، دون أن يحميه شيئًا سوى بعض «الكراتين» التي اتخذها ملاذا له من البرد، وأمامه أكياس مربوطة يحتوي كل منها على كيلو من الليمون، رصها الصغير بنظام أعلى منضدة خشبية تمهيدًا لبيعها، ذلك الوجه البرىء ذو الـ8 سنوات، أجبرته الحياة أن يكون «بائع ليمون»، بدلًا من أن يمارس طفلوته كأقرانه ممن في عمره.
أحمد هاني النشار، 8 سنوات، طالب بالصف الثاني الابتدائي بمحافظة دمياط، يجلس أسفل الكوبري العلوي بمحافظة دمياط، يجلس محتميًا بقطع الكرتون ويبيبع الليمون، يواجه البرد تارة وقلة الرزق تارة أخرى، بعد دخول والده العناية المركزة منذ عامين إثر أزمة قلبية، منعته من نزول الشارع حتى الآن، ليقوم الطفل بلعب دور رب الأسرة، من أجل تغطية تكاليف الحياة، بدلا من والده، لتصبح صورته التي التقطت له حديث رواد مواقع التواصل الاجتماعي، وخلقت حالة من الجدل.
في كل صباح يخرج الطفل أحمد لبيع الليمون، مستقرا تحت الكوبري العلوي الجديد، يجلس ويفترش بضاعته ويبدأ في التسويق لها بصوته الضعيف، وتبدأ الناس بمداعبته نظرا لخفة ظله وبراءته، «الناس بتهزر معايا، وبقولهم صوروني وببقا فرحان لما حد يصورني»، وحينما يشتد البرد يبحث الصغير عن شيء يقيه شر الصقيع، «لما الدنيا تبدأ تليل، بجيب الكراتين واتدارى فيها، وساعات يوسف أخويا يجي ياخدني ونروح لما يكون فيه مطر جامد».
مرض الأب جعل «أحمد» يكبر قبل أوانه، ويحمل مسؤولية كان في غنى عنها بتلك المرحلة العمرية، للمساعدة في مصاريف البيت وأشقائه الـ4، وهو الدافع لتحمله الطقس البارد، «أنا بخرج أنا وأخويا، وبنشتغل وإحنا سقعانين، وبنحاول نتحمل ومنروحش إلا واحنا مخلصين» على حد قوله لـ«الوطن».
تحكي والدة الطفل «أم يوسف»، معاناة زوجها مع المرض بدءًا من عام 2018، حيث كان هاني إبراهيم والد الطفل متكفلا بجميع المصاريف قبل ذلك، وأطفالها الأربعة الذي لم يتخط أكبرهم الحادية عشر من عمره، كانوا منشغلين بدراستهم فقط، مضيفة: «أبوهم خرج عشان يشوف شغله في تجارة الليمون، اتفاجئنا إنه وقع ودخل العناية المركزة ومحتاج دعامات في القلب، والدعامة الواحدة تمنها 24 ألف جنيه، وكنا منتظرين قرار علاجه على نفقة الدولة، علشان منقدرش ندفع المبالغ دي».
لم يعد الأب يقوى على النزول إلى الشارع وممارسة البيع، حتى بعد أن تكفلت الدولة بالدعامات، وإذا حاول ذلك يصاب بهبوط، لذا ينوب عنه نجله الأكبر يوسف البالغ من العمر 11 عاما، بجوار أخيه الأصغر أحمد، وفقًا لوالدتهما، قائلة: «يوسف الكبير بينزل من البيت الساعة 11 هو وأحمد، يوسف بيلف بالليمون، وأحمد بيقعد تحت الكوبري علشان ميقدرش يلف، وغالبا بيخلصوا الساعة 10 بليل ويروحوا، ودعواتي محاوطاهم منين مايروحوا».