18 ساعة شغل للفجر.. حكاية المهندس الجالس بجوار «تنك» الأكسجين في العزل

كتب: سمر صالح

18 ساعة شغل للفجر.. حكاية المهندس الجالس بجوار «تنك» الأكسجين في العزل

18 ساعة شغل للفجر.. حكاية المهندس الجالس بجوار «تنك» الأكسجين في العزل

في شروق يوم الجمعة قبل الماضية، وبينما تجاوزت عقارب الساعة السادسة صباحا، وبدأت السماء تخضب بمسحات قرمزية إيذانا بشروق الشمس، هدأت ضوضاء العمال في ساحة مستشفى كفر سعد المركزي بمحافظة دمياط، فنأى المهندس شكري بنفسه جانبا في أحد الزوايا، جالسا على الأرض ليريح قدميه وجسده العليل قليلا، ومن خلفه «تنك» الأكسجين الجديد، الذي أتت به الصحة، بعد ساعات من العمل المتواصل لتركيبه في برودة الليل، وكأنها استراحة محارب يأبى الاستسلام أمام شبح كورونا.

الصورة التقطت وقت شروق الشمس بعد 18 ساعة عمل متواصل 

مشهد عفوي جديد، يوثق بطولات الجيش الأبيض في مستشفيات العزل، وثقته كاميرا الهاتف المحمول لأحد المهندسين العاملين بمديرية الصحة في محافظة دمياط، من داخل ساحة مستشفى كفر سعد المركزي، لصديقه المهندس شكري البستاني، دون علم الأخير بذلك.

يرجع تفاصيل الصورة كما رواها بطل المشهد في حديثه لـ«الوطن»، إلى الساعة السادسة صباحا من يوم الجمعة قبل الماضية، بعد الانتهاء من تركيب تنك الأكسجين الجديد، الذي أمدت به مديرية الصحة في دمياط المستشفى المخصص لاستقبال وعزل مصابي كورونا بسعة 25 مترا مكعبا أكسجين في الساعة، لتزويد شبكة الغازات الداخلية للمستشفى، في حال نفاد مخزون الأكسجين الأساسي.

الأمر جديد على الجميع، فنيون ومهندسون، لم يسبق من قبل تزويد المستشفى بـ«تنك أكسجين» احتياطي بهذا الحجم، ما تطلب إشراف شكري البستاني، مهندس أجهزة طبية في مكتب وكيل وزارة الصحة بدمياط، على كل مراحل التركيب، بمشاركة اثنين من زملاءه المهندسين المتخصصين في الأجهزة الطبية: «مولد الأكسجين حاجة جديدة على مستشفيات مصر، والفنيين مش على دراية تامة بالتعامل معاه كان لازم أنا وزمايلي نقف معاهم خطوة بخطوة وقت التركيب عشان نراجع كتالوجات التركيب ونتأكد من صحة تركيبه».

18 ساعة شغل متواصل، هي المدة التي استغرقها «البستاني» وزملاءه واثنين فنيين من المديرية لتركيب تنك الأكسجين الجديد، انتهت المهمة مع شروق الشمس، الإرهاق تمكن من جسد الجميع، وجلس المهندس الثلاثيني ليستريح قليلا على درجة سلم بجوار التنك الجديد، اختلا بنفسه وابتعد عن الجميع ليشحذ طاقته، وحينها قرر أحد المهندسين المشاركين معه في المهمة تصويره بعدسة هاتفه المحمول: «مكنتش واخد بالي خالص إن في حد بيصورني، وتفاجأت بعدها بتداول صورته على صفحات أهالي محافظة دمياط»، للإشادة بتعبه وبطولته في العزل.

تزويد مستشفيات عزل دمياط بشبكة غازات بديلة لسد احتياجات المرضى على مدار اليوم دون انقطاع، كانت فكرة المهندس الثلاثيني في بداية الأمر، دعمه فيها الدكتور سيد عبدالجواد، وكيل الصحة في دمياط، بحسب تعبيره، شجع الفكرة فور اقتراحها، وبدأت تدخل حيز التنفيذ في كل مستشفيات العزل بدمياط.

بنبرة صوت تعكس نكران الذات، اعتبر المهندس الدمياطي ما فعله ووثق بصورة متداولة بين أهالي محافظته ما هو إلا واجب مهني وإنساني، في ظل ظروف الوباء الحالي: «وإيه يعني طبقنا للفجر عشان نركب تنك الأكسجين، ده واجبنا عشان ميكونش في مريض محتاج أكسجين ومش لاقي»، بحسب وصفه. 


مواضيع متعلقة