شركة حكومية تم خصخصتها في التسعينيات.. من يحتكر «البيرة» في مصر؟

شركة حكومية تم خصخصتها في التسعينيات.. من يحتكر «البيرة» في مصر؟
- احتكار البيرة
- الأهرام للمشروبات
- استهلاك الكحوليات في مصر
- احتكار البيرة
- الأهرام للمشروبات
- استهلاك الكحوليات في مصر
في 30 ديسمبر الماضي أقر مجلس إدارة جهاز حماية المنافسة ومنع الممارسات الاحتكارية، ثبوت مخالفة مجموعة الأهرام للمشروبات، لأحكام القانون في سوق توزيع المشروبات الكحولية.
القرار الذي من المفترض أن يترتب عليه إحالة الشركة إلي النيابة العامة لاتخاذ الإجراءات القانونية بشأنها فتح التساؤلات بشأن واحدة من أهم الأسواق وأكثرها ربحية وغموضا في الوقت ذاته، وهي سوق «الكحوليات» في مصر.
قبل نحو 124 عاما من الآن، وتحديدا في العام 1897 خلال فترة حكم الخديوي عباس حلمي الثاني، قررت شركة بلجيكية متخصصة في صناعة البيرة تدعى «Crown Brewery» بدء عملياتها الإنتاجية في الإسكندرية، التي كانت تضم آنذاك خليطا من الأوروبيين والأجانب.
استمرت الشركة في نشاطها، ثم أبرمت اتفاقا لتقديم مساعدات فنية مع عملاق الكحوليات العالمية المتمثل في مجموعة «هاينكن» الهولندية في 1946، وفي 1963 تم تأميمها وتغيير اسمها الذي سيدوم عقودا بعد ذلك «الأهرام للمشروبات».
منذ قرار التأميم لم يكن مسموحا، لعقود، منح تراخيص إنتاج وتصنيع الخمور والمشروبات الكحولية في مصر، لذا كانت الشركة المؤممة هى الوحيدة العاملة في السوق، وفي العام 1997 ومع احتدام موجة «الخصخصة» اشترى رجل الأعمال القريب من جمال مبارك أحمد الزيات الشركة، و فى عام 2002 دخلت على الخط مجددا «هاينيكن» الهولندية وأبرمت صفقة شراء نسبة حوالى 97.8% من أسهم «الأهرام للمشروبات» وبقيمة 287 مليون دولار.
وتعد «هاينكن» إحدى أكبر شركات الخمور في العالم، وتنتج عدة منتجات شهيرة على رأسها بيرة «ستيلا وسقارة» وغيرهما، وما زالت تعمل حتى الآن.
في العام 2020، أصبحت الشركة مدانة رسميا بتهمة الاحتكار، ووفقا لقرار جهاز حماية المنافسة فإن تحركه ضد الشركة جاء بعد ثبوت قيامها بممارسات احتكارية، حالت دون دخول أو استمرار عدد من العاملين في سوق البيرة والخمور على مدار السنوات القليلة الماضية.
ربما كانت دوافع الاحتكار من جانب الشركة، إذ تعد سوق المشروبات الكحوليات من الأسواق الرائجة للغاية في مصر، بشكل يغري ويحفز على احتكارها أو التحكم بها والسيطرة عليها، فالتقرير الصادر عن مؤسسة «فيتش سوليوشنز» بشأن قطاع المشروبات في مصر تقول إن حجم مبيعات الكحوليات في العام 2019 بلغ نحو 66.9 مليار جنيه، وتكشف الأرقام أن قيمة المبيعات سوف ترتفع بنحو 14% سنويا لتصل إلي 111 مليار جنيه في 2023.
وتوضح الأرقام أن استهلاك المشروبات الكحولية في مصر شهدت تطورا لافتا خلال السنوات الأربع الماضية، حيث ارتفع من 153 مليون لتر في 2016، إلي 183 مليون لتر في 2019، و193 مليون لتر في 2020، وتتوقع المؤسسة أن يرتفع الاستهلاك إلي 226 مليون لتر في 2023.
ويشير التقرير إلي أن البيرة تعد المشروب الكحولي الأكثر انتشارا في مصر، وتشكل 87.9% من حجم المبيعات، تليها المشروبات الروحية بنسبة 8%، والنبيذ 4%.
ووفقا لأوراق الموازنة العامة للدولة فإن وزارة المالية تستهدف تحصيل 2.58 مليار جنيه كضرائب على البيرة غير الكحولية، و394 مليون جنيه على الكحول الإيثيلي ونبيذ العنب والمشروبات الروحية والكحولية.
الأوراق التي حصلت عليها «الوطن» تكشف تفاصيل قضية الاحتكار، حيث تقدم عدد من الشركات العاملة في سوق الخمور بشكاوي منفصلة إلي جهاز حماية المنافسة خلال الفترة من سبتمبر 2017 وحتى أكتوبر 2019 ضد مجموعة «هاينكن العالمية» لما تقوم به من «ممارسات احتكارية في سوق إنتاج وتوزيع المشروعات الكحولية في السوق المصرية».
وبحسب الأوراق، فإن مقدمي الشكاوي تمثلوا في شركات على رأسها الشركة المصرية العالمية للمشروبات السياحية، التي تقدمت بالشكوي في 12 سبتمبر 2017، والشركة المصرية الدولية للمشروبات التي تقدمت بالشكوى في 13 أكتوبر 2019، بجانب عدد من التجار والموزعين للمشروبات الكحولية.
وكشفت الأوراق أن البلاغات تركزت على الممارسات الضارة لمجموعة هاينكن (الأهرام للمشروبات) ومنها على الأخص إجبار المتعاقدين على شروط وبنود حصرية، وتعليق إبرام العقود على قبول منتجات أخرى، وإعطاء خصومات وحوافز تؤدي إلي الحصرية، وفرض شروط تعسفية على المنشآت الفندقية تؤثر على توافر المنتجات المنافسة وعلى رضاء عملاء المنشآت السياحية، الأمر الذي من شأنه إخراج المنافسين لها من سوق إنتاج المشروبات الكحولية والتأثير على جودة الخدمات السياحية.
وتشير الأوراق إلي قيام الجهاز بدراسة الشكاوي والسوق، والتوصل إلي نتيجة مفادها أن الشركة تقوم بأعمال غير قانونية، وهو ما ترتب عليه عدة إجراءات كان من بينها إلزام الشركة وأطرافها المرتبطة على توريد «الملت» - خام الشغيرة المختمر - اللازم لتصنيع البيرة إلي الشركة المصرية للمشروبات السياحية مع التنازل عن الطلبات المبالغ فيها لإتمام التعاقد، وفق شروط عادلة وغير تمييزها يراقبها الجهاز، كما ألزم الجهاز أيضا على «الأهرام للمشروبات» بالتوقف عن فرض شروط تعسفية على المنافسين لمدة عام من تاريخ صدور قرار الجهاز في ديسمبر 2019، وهو الأمر الذي لم تلتزم به الشركة، فقرر الجهاز إدانتها رسميا في ديسمبر 2020.