الرئيس ترامب يصنع المشهد الأخير في الديمقراطية الأمريكية
بالصدمات والمفاجآت والتخوفات صنع الرئيس الأمريكى الـ45 دونالد ترامب مكونات المشهد الأخير فى الانتخابات الرئاسية الأمريكية قبل أسبوعين فقط من مغادرته البيت الأبيض ليقود الرئيس الـ46 جو بايدن أمريكا للسنوات الأربع القادمة.. أحداث كثيرة غريبة ومتسارعة وجنونية تتناقلها وسائل الإعلام الأمريكية وتنتشر بسرعة عالمياً.. وانقسم جمهور المتابعين ما بين شامت وغاضب وحزين وخائف من المستقبل.. هل هذه أمريكا الديمقراطية؟ وهل سيتحمل المجتمع كل هذه الصدمات والتحديات؟
ومع نشر وسائل الإعلام الأحداث المثيرة والغريبة نسى الجميع أن كل انتخابات رئاسية أمريكية تشهد صراعاً وشداً وجذباً واعتراضات من المهزوم ومكايدات من الفائز، وتستمر هذه الحالة لفترات طويلة بعد تولى الرئيس الجديد الفائز للسلطة.. والجديد الخطير أن الصراع قد تجاوز الفائز والمهزوم إلى المؤسسات الأمريكية السياسية والدستورية ذاتها، حيث وجدنا لأول مرة تحريضاً ضدها حتى تم اقتحامها (اقتحام الكابيتول) وإهانة رموزها وتخريب دورها والتشكيك فى نزاهة القيادات المشرفة على الانتخابات ودفع بعضهم للتلاعب بالنتائج.. وهو ما لم نر له مثيلاً طوال الـ200 عام الماضية. وتعالت نبرة حقوق المؤيدين لترامب الخاسر فى الاعتراض لتمثل إشكالية جديدة قديمة متكررة فى كل انتخابات.. وقد كان اختراع أسلوب المجمع الانتخابى بديلاً للصوت المباشر لعلاج هذه المشكلة التى توقعها المشرع مبكراً، حيث أسلوب المجمع الانتخابى لمواجهة الـMAB وهم الناخبون المتحمسون بشدة للمرشح ويستخدمون العنف لفرض رأيهم فكان المجمع الانتخابى هو الحل.
إن الديمقراطية الأمريكية أمام اختبار تاريخى لمؤسسات الدولة.. فهل تستمر المسيرة أو تتداعى المؤسسات وتتحول إلى حالة وصفها الرئيس بوش السابق بأنها (انتخابات فى جمهورية الموز). ويبدو أن ترامب قد صنع المشهد الأخير فى ولايته بنفسه، فقد جذب حبل العنصرية لنهايته فخنق نفسه واتخذ قرارات أنانية ومواقف صادمة لحزبه الجمهورى وكل مؤسسات الدولة، حتى إن معظم من اقتحموا الكابيتول يعتقدون أنهم يمارسون الثورة بقيادة الرئيس!! فخسر شعبيته واكتسب عداء حزبه بسرعة.
سيتولى الرئيس بايدن الرئاسة فى 20 يناير وستبقى نتائج تصرفات ترامب تمثل جرحاً عميقاً وتحديات قوية للمؤسسات والآليات الديمقراطية فى أمريكا والعالم.. ونثق فى أن النظام الديمقراطى سيجد حلولاً ناجزة وإلا ستحل الفوضى والانقسامات مثلما حدث فى ديمقراطيات أخرى.. والله غالب.