«اتبرع بزبالتك».. حملة فى العمرانية لتوظيف القمامة فى الأعمال الخيرية
تبرع بأموالك، تبرع بدمائك، تبرع بملابسك.. جمل معهودة، اعتادتها الآذان وألفتها الأعين، فى إعلانات التليفزيون والشوارع، لكن سكان حى العمرانية كانوا من أوائل المصريين الذين سيتعاملون مع نوع جديد من الدعوة إلى التبرع من أجل الخير، حيث تم توجيه دعوة جديدة من نوعها إليهم مفادها «اتبرع بزبالتك».
لقاءات كثيرة خاضها الشاب محمد صلاح، أحد سكان المنطقة، فى محاولات شخصية للتغلب على مشكلة القمامة، مع المحافظ، مع رئيس الحى، مع رئيس هيئة النظافة والتجميل، تعاقب المسئولون على تلك الهيئات وبقيت المشكلة، ومعها محمد، الذى بات يعرف السبب الحقيقى وراء تراكم القمامة من حوله. «المسئولية موزعة على الجميع، مسئولية عامل نظافة واقع تحت تأثير البيروقراطية، ومواطن يتعامل مع أزمة القمامة باستهتار، ودولة غير قادرة على استثمار شىء يُدخل لتركيا 8% من دخلها».
لم يقف المصرفى الشاب مكتوف اليدين أمام المشكلة، فاقترح فكرة «اتبرع بزبالتك»، وهى عبارة عن حملة للتبرع بمخلفات المنزل التى يمكن تدويرها، التى تتعدى 25% من قيمة المخلفات المنزلية، والتى من الممكن أن تساعد فى تنمية الحى، انطلق مع متطوعين يوزعون المنشورات على أهالى الحى، وعلى صفحاتهم الخاصة فى شبكة الإنترنت، يدعون إلى جمع كل مخلفات المنازل خلال الأسبوع، والالتقاء فى يوم الجمعة من كل أسبوع فى شارع خاتم المرسلين، لتجميعها، والاتصال بإحدى شركات التدوير لشرائها منهم.
«بداية الحل مع السيدات فى البيوت، لو علمن أهمية فرز المخلفات فى البيت، وكم سيجلب هذا من أموال! يمكن من خلاله شراء أدوات طلاء، وأكياس بلاستيك، وسلال قمامة يتم تعليقها على أعمدة الإنارة، والإشارة إلى إنها من أموال تبرعات القمامة، سوف يشجع هذا السيدات على الانضمام والاهتمام بالفكرة» يتحدث محمد عن مبادرته، التى استمر فى الدعاية لها مع أصدقائه لمدة أسبوعين، ودعمها عدد من الأحزاب والقوى المدنية.
تعود أصول فكرة الحملة إلى عام ونصف مضى، طرق خلالها محمد أبواب المسئولين، لكنه اكتشف بعد فترة لا بأس بها أن الحل فى طرق أبواب المواطنين، وأن المشكلات فى مصر لن تحل إلى من أسفل لأعلى، وليس العكس كما يحدث فى أغلب الدول.. «اكتشفت أن التخطيط للحملة يكون بلفت نظر المواطنين مش المسئولين، ودا من خلال الأسواق، والمساجد، وكمان البيوت، هنبدأ نقلل المشاكل اللى ممكن تواجه واحد بيتبرع بزبالته من خلال تروسكلات تجمعها، والاتفاق على نقط قريبة من المواطنين».
للحملة بعد فلسفى عند محمد، الذى يعمل فى البنك المركزى، بدار طباعة النقد، والذى لم يمنعه عمله من اقتطاع جزء كبير من وقته لحل المشكلة التى عجزت الدولة عن حلها، يقول: «الزبالة إهانة لىّ ولكل مواطن، لو تقبلها الناس أنا مش ممكن أتقبلها، التعامل مع مشكلة القمامة مش قذارة، القذارة الحقيقية إننا نسكت، وبدل ما ولادنا يشوفوا فراشات ومساحات خضرا، ونضيفة، يشوفوا ديدان وروائح قذرة».