في ذكرى وفاة صاحبة "ليالي الأنس".. وهبي يروي تفاصيل الليلة الأخيرة لـ"أسمهان"

في ذكرى وفاة صاحبة "ليالي الأنس".. وهبي يروي تفاصيل الليلة الأخيرة لـ"أسمهان"
"آمال الأطرش" صاحبة الصوت الشجي، كما وصفها عمالقة الغناء والفن، وأطلق عليها الملحن المصري داود حسني اسمها الفني "أسهمان" لتكون "قيثارة الطرب العربي" التي فارقت الحياة، ولا زالت حادثة موتها تشغل جمهورها بعد مرور أكثر من 60 عامًا.
والدها هو "فهد الأطرش"، والذي لعب دورًا هامًا في الحياة السياسية في سوريا، وشقيقة المطرب "فريد الأطرش".
ولدت على متن باخرة عام 1912 أثناء انتقال عائلتها من تركيا إلى سوريا، وتحديدًا إلى جبل الدروز بلد آل الأطرش، بعد خلاف وقع بين الوالد والسلطات التركية، حيث عاشت الأسرة حياة سعيدة حتى وفاة الأمير فهد، وتقرر الأم بعدها الهروب إلى مصر على إثر قيام الثورة السورية الكبرى، لتنشأ في ظل ظروف أسرية متقلبة، أثرت في شخصيتها بعد ذلك، حيث أقامت الأسرة في حي الفجالة بالقاهرة، وعانت من البؤس، الأمر الذي دفع بها إلى العمل في الأديرة والغناء في حفلات الأفراح الخاصة لإعالة وتعليم أولادها الثلاثة.
شاركت "أسمهان" شقييقها "فريد الأطرش" الغناء في صالة ماري منصور في شارع عماد الدين، وراح نجمها يسطع في سماء الأغنية العربية، حتى عام 1933 لتتزوج من الأمير حسن الأطرش، وانتقلت معه إلى جبل الدروز في سوريا لتمضي معه كأميرة للجبل مدة 6 أعوام، رزقت في خلالها ابنه وحيدة هي "كاميليا"، لكن حياتها في الجبل انتهت على خلاف مع زوجها، فعادت من سوريا إلى مصر، ومعها حنين إلى عالم الفن لتمارس الغناء ولتدخل ميدان التمثيل السينمائي.
صاحبة "ليالي الأنس"، سجلت أول أسطوانة لها عام 1937، ثم مثلت أول أفلامها "انتصار الشباب" عام 1941 ثم فيلم "غرام وانتقام"، الذي غنت به مجموعة من أروع أغانيها، وتنوعت بأغانيها بين الأوبرالي الدرامي مع شرقي المعتق، بصوت شجي أعذب، ومن أهم أغنياتها، يا طيور، ليالي الأنس في فيينا، امتى حتعرف، رجعت لك يا حبيبي، الليل، أعمل إيه علشان أنساك.
أسمهان، وكما روى عميد المسرح العربي يوسف وهبي، في إحدى الحلقات النادرة مع الإعلامية أماني ناشد، خلال تصوير فيلم "غرام وانتقام"، وذهبت إليه كي تخبره، أنها تلت دعوة من إحدى صديقتيها لقضاء عطلة الأسبوع في رأس البر، وأبدى لها "وهبي" أنه غير مرحب بهذه الرحلة، فلم تكن رأس البر بالرفاهية التي اعتادت عليها المطربة، إلا أنها قبلت الدعوة مرحبة، رافضة إلحاح "وهبي" لكي تسافر معه وزوجته إلى الإسكندرية، حتى فجر اليوم الذي حددته للسفر، جاءها لكي يقنعها لآخر مرة، ولكن حضرت صديقتا أسمهان لاصطحابها ولحقت بهما بسيارة مملوكة لاستوديو مصر، ما يبعد الشكوك حول أن للحادث شبهة جنائية، بحسب ما ذكره "وهبي"، ووقعت السيارة في ترعة الساحل المتواجدة حاليًا في طلخا، وغرقت هي ومديرة أعمالها "ماري قلادة"، حيث لم تستطع الخروج لأن الأبواب كانت مغلقة.
رحلت ذات العيون الساحرة عن عمر يناهز 31 عامًا في حادثة غرق غامضة في 14 يوليو 1944، ما دفع وهبي لتغيير النهاية السعيدة لفيلم "غرام وانتقام"، وأظهر جثتها في آخر مشهد، وقال وهبي في اللقاء التليفزيوني أنه بذل جهود كبيرة لاستكمال الفيلم مستخدمًا العديد من الحيل السينمائية.
واقعة مقتل "أسمهان" أثارت الكثير من القصص والأقاويل حول تعاونها مع الاستخبارات البريطانية، حيث قيل أن في مايو 1941 يرجع أول لقاء بينها مع أحد السياسيين البريطانيين العاملين في منطقة الشرق الأوسط، وجرى خلاله الاتفاق على أن تساعد أسمهان بريطانيا والحلفاء في تحرير سوريا وفلسطين ولبنان من قوات "فيشي" الفرنسية، وقوات ألمانيا النازية، عن طريق إقناع زعماء جبل الدروز بعدم التعرض لزحف الجيوش البريطانية والفرنسية، وبعد أن قدمت مهمتها أعادها البريطانيون إلى زوجها الأسبق الأمير حسن، فرجعت أميرة الجبل من جديد، وهي تتمتع بمال وفير أغدقه عليها الإنجليز، وبهذا المال استطاعت أن تحيا مرة أخرى حياة الترف والبذخ وتثبت مكانتها كسيدة لها شأنها في المجتمع.
لم ينج من الحادثة سوى السائق، والذي أثار الإشاعات حول أنها حادثة مدبرة لاغتيال أسمهان، أشارت فيه أصابع الاتهام لزوجها الثالث أحمد سالم، ثم ذهبت اتهامات أخرى إلى أم كلثوم للتخلص من الفنانة التي نجحت في تكوين شعبية جماهيرية كبيرة في العالم العربي بصوتها الساحر، كما ذكرت روايات أخرى أن الملكة الراحلة نازلي وراء تدبير حادث اغتيال أسمهان، بسبب غيرتها منها على حبيبها أحمد حسنين باشا، رئيس الديوان الملكي الذي كان معجبًا بالفنانة السورية، ولكن حتى بعد مرور 60 عامًا على وفاتها لم يعرف أحد حقيقة مقتلها.