الكعبة بُنيت من جبل الطور!
حكايات: مفاجآت الكعبة.. حجارتها من 5 جبال وامرأة شاركت ببنائها لأول مرة
تتعلق القلوب بكل شبر فيها، وتشتاق الآذان إلى سماع كل قصة ترتبط ببنائها، وتغلق العيون لتخيل كيف كانت البدايات، قصص هنا وهناك؛ لكن تظل قصة بناء الكعبة المشرّفة واحدة من أعظم الروايات.
تاريخياً يُقال إن الكعبة أعيد بناؤها من 10 إلى 12 مرة، لكن ابن كثير أكد أن أول من أعاد بناءها هو نبى الله إبراهيم، عليه السلام، وابنه إسماعيل، ويجزم بذلك النص القرآنى: «وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ».
وبحسب الباحث السعودى فى تاريخ وآداب المسجد الحرام، عبدالله سعيد الزهرانى، فإن أعمال بناء الكعبة توالت بعد ذلك فى ما بين البناء القرشى، نسبة إلى قريش، ثم عبدالله بن الزبير، ثم الحجاج.
لكن يظل البناء الخامس هو الأبرز فى عهد السلطان العثمانى مراد الرابع فى عام 1040 للهجرة، وأحضر الحجارة من منطقة الشبيكة وجبل الكعبة، وهى حجارة تميل إلى الزرقة، ولذلك تسمى حجارة شبيكية.
وعن البناء الفهدى أو السعودى، فتم فيه إزالة السقف بالكامل بعد تآكل الأعمدة الخشبية الثلاثة التى استمرت لأكثر من 1200 سنة، وتم إحضار أخشاب من بورما لبناء أعمدة بديلة، وتسمى أخشاب (التيك).
اقرأ حكاية أخرى.. (منديس) المقدسة أول قبلة حج إليها المصريون القدماء:
محمد بن طاهر الكردى، وهو أحد المؤرخين لتاريخ مكة المكرمة، قام بحصر عدد أحجار الكعبة فتوصل إلى أنها 1614 حجراً، وأكبرها يبلغ طوله 190سم وعرضه 50سم وأصغرها طوله 50سم وعرضه 40سم.
بين 5 و6 جبال:
فى الوقت الذى يتحدث فيه النص القرآنى عن إتيان نبى الله إسماعيل لأبيه بالحجارة من مكة المكرمة، ذهب البعض -بالاجتهاد- إلى أنها بُنيت من خمسة جبال، وتم الاستناد فيه إلى حديث شريف يصنّفه البعض على أنه (ضعيف).
ووفقاً لهذا الحديث، الذى رواه الفاكهى من حديث عبدالله بن عمرو بن العاص وعند ابن أبى حاتم، فإن مصادر حجارة الكعبة كانت من جبال (حراء وثبير ولبنان والطور والخمر).
ويقع جبل حراء فى مكة المكرمة، وجبل ثبير فى مكة المكرمة أيضاً، والذى هبط عليه كبش فداء إسماعيل بن إبراهيم، وجبل لبنان، وهو أعلى منطقة فى الهدا بالطائف، وجبل الطور فى سيناء، وجبل الخمر فى بيت المقدس بفلسطين.
وتعدّد بعض الروايات لتشمل جبالاً أخرى مثل جبل طور زيتا فى بيت المقدس، والجودى فى الموصل، أو على أطراف الجزيرة العربية، ثم رواية ثالثة لتقول إن الكعبة تأسست من 6 جبال هى:
جبل أبى قبيس، هو أحد الأخشبين فى الجهة الشرقية للمسجد الحرام، والطور، وجبل إدقس أو قدس (التسمية التاريخية القديمة)، ويُلقّب بجبل عوف الأخضر، أحد جبال الحجاز، وجبل ورقان، أحد جبال منطقة المدينة المنورة، وجبل رضوى بمحافظة ينبع فى المدينة المنورة، وأخيراً جبل أحد المطل على المدينة المنورة.
ويبرّر بعض من تحدثوا عن فرضية الجبال الخمسة، بأن بعض الجبال تحركت من موضعها لنبى الله إسماعيل للحصول على الحجارة، ورواية أخرى تتحدث عن أن الملائكة كانت تحضر تلك الحجارة لسيدنا إبراهيم وولده إسماعيل، وحججها ضعيفة فى النهاية.
كيف تم البناء؟
فى الروايات التاريخية لبناء الكعبة فإنه يتم استثناء قول بناء الملائكة وسيدنا آدم لها، ويتم الحديث عن أن أبا البشر استخدم فى بنائها أحجاراً من جبال طور سيناء وحراء وثبير وغيرها، وعن البناء الإبراهيمى للكعبة، فيُشار إلى أن إبراهيم عليه السلام، بناها بالحجارة ردماً فقط من غير مونة، أى وضع الحجارة فوق بعضها فقط، وكان الاعتماد على تماسكها.
ظل شكل الكعبة الإبراهيمية مستطيلاً، وارتفاعه 9 أذرع، وبنى فى شماله عريشاً، وهو ما يعرف بالحجر، وجعل طول الضلع الشرقى 32 ذراعاً والغربى 31 ذراعاً والشمالى 22 ذراعاً والجنوبى 20 ذراعاً، وفتحتى بابين ملاصقين للأرض بدون باب وحُفرت بداخلها حفرة كخزانة، لكنه لم يجعل لها سقفاً، وتبقى المفاجأة أن عمليات تجديد قريش للكعبة، اعتمدت على مواد خشبية من سفينة رومية، حيث تم تحديد ارتفاعها بـ18 ذراعاً، بسقف وأعمدة خشبية.
آدم وحواء:
نقطة أخرى يذهب بها المؤرخ المقريزى إلى تأريخ بعيد لاسم «الكعبة الشريفة» إذ شبهها بقدم ابن آدم عند الكعب ضيق، وعند الأصابع أوسع، وعلى هذا المثال بنى بيت الله ووضع على الأرض فى أول القدم، ولذلك سميت الكعبة لشبهها بكعب ابن آدم.
وفى مخططه (بناء الكعبة البيت الحرام) يتحدث المؤرخ السعودى عبداللطيف بن دهيش عن أن الله تعالى أمر آدم ببناء الكعبة حال إنزاله إلى الأرض، وأن جبريل هو الذى دلّه على موضع البيت، وأن حواء شاركته فى البناء، فى إشارة إلى أنها أول امرأة شاركت فى هذا البناء.
أين يقع الوادى المقدس طوى؟
يعتبر الوادى المقدس طوى من الوديان المذكورة فى جميع الديانات السماوية، فقد مر به الكثير من أنبياء الله تعالى، فورد ذكره مرات كثيرة فى القرآن الكريم، وفى الإنجيل، وفى التوراة، فهو مكان مبارك وعظيم، وتلقى فيه سيدنا موسى الوصايا العشر، وسنتحدث فى هذا المقال عن موقع الوادى المقدس طوى، ومكانته الدينية، والسياحة فيه.
يقع الوادى المقدس طوى فى جمهورية مصر العربية، وبالتحديد فى جزيرة سيناء، ويصل ارتفاعه إلى 2285م عن مستوى سطح البحر، ويقع بجانبه جبل سانت كاترين الذى يصل طوله إلى 2629م، والذى يُعتبر أعلى قمة جبلية فى مصر، ويُحاط الوادى بسلاسل جبلية من كل ناحية، وفى أسفل الوادى توجد كنيسة العذراء، ويتكون الوادى المقدس من مجموعة من القمم الجبلية.
مكانة الوادى المقدس طوى الدينية:
للوادى المقدس طوى أهمية دينية، ومقدسة جداً لدى جميع الأديان السماوية، ويُستدل على هذه المكانة من خلال قصة سيدنا موسى، عليه السلام، التى وردت فى الكثير من المواقع فى القرآن الكريم، والتى تتمثل فى تكليم الله تعالى لسيدنا موسى، ونشوء حوار بينهما، حيث مر موسى، عليه السلام، مع عائلته من الوادى المقدس طوى، وهناك رأى النار تخرج من بعيد، فأمر عائلته بالبقاء فى هذا المكان، ثم رجع إلى مكان النار، وعندما اقترب منها سمع كلام الله، قال تعالى (فَلَمَّا قَضَى مُوسَى الْأَجَلَ وَسَارَ بِأَهْلِهِ آنَسَ مِن جَانِبِ الطُّورِ نَارًا قَالَ لِأَهْلِهِ امْكُثُوا إِنِّى آنَسْتُ نَارًا لَّعَلِّى آتِيكُم مِّنْهَا بِخَبَرٍ أَوْ جَذْوَةٍ مِّنَ النَّارِ لَعَلَّكُمْ تَصْطَلُونَ فَلَمَّا أَتَاهَا نُودِىَ مِن شَاطِئِ الْوَادِ الْأَيْمَنِ فِى الْبُقْعَةِ الْمُبَارَكَةِ مِنَ الشَّجَرَةِ أَن يَا مُوسَى إِنِّى أَنَا اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ) [القصص: 29 - 30].
السياحة فى الوادى المقدس طوى:
يعتبر الوادى المقدس طوى من الأماكن السياحية التى يُقبل عليها الزوار بشكل كبير، حيث يتسلق السياح الوادى المقدس بواسطة الكثير من الطرق، ومنها: عبور درج مكون من 3٫750 خطوة تُعرف باسم خطوات الندم، وهى منحوتة من الحجر على يد رهبان دير سانت كاترين، وتقع بالقرب من السفح الشمالى الشرقى للجبل، وغالباً ما يخرج الزوار من هذا الطريق ليلاً لكى يتسلقوا الجبل مع بلوغ ذروة شروق الشمس.
بالإمكان صعود هذا الطريق ليلاً مشياً على الأقدام، أو على ظهر الجمل، وتستغرق مدة ساعتين مشياً على الأقدام، وعند المشى يمر الزائر بالباعة الذين يبيعون الماء، والمواد الغذائية، وبعدها يصل إلى مدرج طبيعى يطلق عليه اسم حكماء إسرائيل السبعة، ومن تلك المنطقة يسير الزائر سبعمائة وخمسين خطوة من أجل بلوغ القمة.
فى القمة يوجد مكان مغلق بوجه الزائرين، وهو كنيسة الثالوث الأقدس، التى أُنشئت فى عام 1934م، ويُعتقد أنّ سيدنا موسى انتظر فى هذا المكان لكى يستقبل الألواح، وعند الوصول إلى قمة الوادى المقدس طوى ستدهش بالمنظر الجميل الذى سيصادفك من السلاسل الجبلية المحاطة بالوادى، والوديان الكثيرة، إضافة إلى رؤيتك للكثير من الآثار الموجودة هناك.