تساؤلات لأعضاء البرلمان الأوروبي

استيقظ السيدات والسادة أعضاء البرلمان الأوروبى فجأة، واكتشفوا أن «انتهاكات» حقوق الإنسان فى مصر تمثل التهديد الرئيسى للسلم والأمن الدوليين. وأفرط البيان الصادر عن البرلمان الأوروبى فى توجيه الانتقادات اللاذعة لمصر وكأنها تحتل المرتبة الأولى فى عدم احترام حقوق الإنسان على سطح الكرة الأرضية، وربما فى جميع كواكب المجموعة الشمسية. وبهذه المناسبة، نتوجه للسيدات والسادة أعضاء البرلمان الأوروبى بعدة تساؤلات.

التساؤل الأول: لماذا لم تنتفضوا للدفاع عن الإبادة الجماعية التى تعرضت لها أقلية الروهينجا فى ميانمار؟، ولماذا لم توجهوا سهام نقدكم إلى صديقتكم رئيسة الجمهورية الحائزة على جائزة نوبل للسلام، التى تحظى لديكم بكل تقدير باعتبارها من المدافعين «التاريخيين» عن حقوق الإنسان؟

التساؤل الثانى: لماذا لم توجهوا سهام نقدكم لصديقكم رئيس وزراء إثيوبيا، الحائز أيضاً على جائزة نوبل للسلام، الذى أقدم على قصف عاصمة إقليم التيجراى ومدن الإقليم وقراه بالأسلحة الثقيلة؟

التساؤل الثالث: لماذا لم تنتفضوا ضد الاحتلالين الأمريكى والتركى لأجزاء من الأراضى السورية منذ عدة سنوات، وضد سرقة النفط السورى والثروات السورية دون أى سند أو قرار دولى؟

التساؤل الرابع: لماذا لم تنتفضوا ضد المذابح التى ارتكبها الاحتلال الأمريكى فى العراق، وقد أقدم الرئيس الأمريكى «ترامب» على إصدار عفو عن عدد من مرتكبى أفظع تلك الجرائم قبيل أن يغادر منصبه؟

التساؤل الخامس: لماذا لا تنتفضون فى مواجهة الحرب الأهلية المستمرة فى ليبيا التى كنتم أنتم وحليفكم الأمريكى السبب المباشر فيها عندما تدخلت قواتكم فى حلف شمال الأطلنطى من أجل «حماية المدنيين»؟!

التساؤل السادس: لماذا سمحتم لبعض الغوغاء من أذنابكم بقتل العقيد القذافى بُعيد إلقاء القبض عليه دون محاكمة عادلة، حتى لا يفتضح أمر بعض زعمائكم من رعاة حقوق الإنسان الذين حصلوا من «القذافى» على تمويل لحملاتهم الانتخابية؟

التساؤل السابع: لماذا لا نسمع لكم صوتاً فى مواجهة الاعتداءات الإسرائيلية اليومية على المدنيين الفلسطينيين، التى لا تستثنى النساء والمسنين والأطفال؟

التساؤل الثامن: لماذا يقتل معظم المشتبه بارتكابهم هجمات إرهابية فى العواصم الأوروبية بُعيد تنفيذ الهجوم، ولا يتم القبض عليهم ومحاكمتهم محاكمة عادلة، بينما تملكون الجرأة، ولا أقول الوقاحة، لمطالبة الدول الأخرى بإلغاء عقوبة الإعدام؟!

التساؤل التاسع: لماذا لم تصدروا بياناً عندما أقدمت الولايات المتحدة فى ظل رئاسة أوباما، الحاصل أيضاً على جائزة نوبل للسلام، على إعدام أسامة بن لادن وهو مريض ولم يُسمح له بمحاكمة عادلة، احتراماً لحقوق الإنسان وليس دفاعاً عن «بن لادن»؟

التساؤل العاشر: ألم يقل رئيس الوزراء البريطانى الأسبق، ولم تكن المملكة المتحدة قد غادرت الاتحاد الأوروبى بعد، ألا حديث عن حقوق الإنسان عندما يكون الأمن القومى البريطانى فى خطر، ولم يكن الخطر سوى بعض مظاهر الشغب فى العاصمة لندن؟

التساؤل الحادى عشر: لماذا لا تتأثر مشاعركم النبيلة وأحاسيسكم المرهفة بدموع مئات الأمهات المسنات اللائى يفقدن أبناءهن، والزوجات الشابات اللائى يفقدن أزواجهن، والأطفال الأبرياء الذين يفقدون آباءهم منذ سبع سنوات فى سيناء وفى غيرها من المحافظات المصرية، وتعلمون علم اليقين أنهم قد سقطوا ضحايا هجمات إرهابية يجد زعماؤها ومؤيدوها وممولوها الملاذ الآمن على أراضيكم باعتبارهم مدافعين عن حقوق الإنسان؟

التساؤل الثانى عشر: لماذا لم نسمع لكم صوتاً خلال العام الكئيب الذى كان الإخوان خلاله فى السلطة، وارتكب رئيسهم وحكومته كل ما يتعارض مع حقوق الإنسان، وكان من بينها إعادة العمل بقانون استثنائى كان قد صدر فى الخمسينات ولم يعد يتذكره أحد، كى يسمح بمحاكمة المعارضين والتنكيل بهم؟

التساؤل الثالث عشر: لماذا غضضتم الطرف عن اعتقال ومحاكمة رئيس سابق كان قد شارف على التسعين، ولو استمر أصدقاؤكم فى السلطة لحكموا عليه بالإعدام، ولمَ لا وقد قال أحدهم على الملأ: إنه سيخرج من السجن إلى المقبرة؟

التساؤل الرابع عشر: لماذا تشعرون بآلام شديدة عندما يتعرض معارضون روس أو صينيون، فى الصين أو فى هونج كونج، أو فى فنزويلا لمضايقات وتقدمون على فرض العقوبات، بينما لا تتأثرون مطلقاً فى حالة قتل أو اعتقال معارضين فى دول صديقة لكم؟

التساؤل الخامس عشر: لماذا لا يتملككم نفس هذا الحماس للدفاع عن حقوق الإنسان لدى كثير من أصدقائكم فى منطقتنا وفى غيرها من مناطق العالم، الذين يملكون سجلاً شديد السوء فى مجال انتهاك حقوق الإنسان التى تتشدقون بالدفاع عنها؟

التساؤل السادس عشر: هل يحق لأحفاد وأبناء من استعمروا واحتلوا دولنا فى أفريقيا وآسيا وأمريكا الجنوبية عشرات السنوات وقتلوا الملايين من أبناء شعوبنا أن يقدموا لنا دروساً فى احترام حقوق الإنسان؟ والنصيحة الأخيرة: التزموا الصمت لأن ماضيكم ملطخ بالدماء الطاهرة التى سالت فى النضال ضد وحشية أجدادكم وآبائكم، وحاضركم ملوث بالمصالح الوضيعة وبإثارة الفتن وبالدفاع عن العملاء، ممن يقتاتون على موائدكم ويقبلون تنفيذ مآربكم على حساب مصالح شعوبهم.