مصري عائد من العراق بعد 39 سنة غربة: تراب مصر أغلى من الماس

مصري عائد من العراق بعد 39 سنة غربة: تراب مصر أغلى من الماس
شهدت قرية "طحلة"، التابعة لمركز بنها بمحافظة القليوبية، عودة المواطن "وحيد عبد المحسن"، قادماً من العراق، بعد رحلة غربة استمرت 39 سنة، حيث سافر إلى الدولة العربية عام 1981، عندما كان عمره 18 سنة، بعد حصوله على دبلوم فني تجاري.
ومثلت عودة "وحيد" إلى قريته، بعد كل هذه السنوات، مفاجأة غمرت أفراد أسرته بفرحة عارمة، حيث حرصوا على تقديم الشكر للحكومتين المصرية والعراقية، على جهودهما لإعادته إلى بلده مرة أخرى، بعدما انقطعت أخباره لفترة طويلة، حتى ظن الجميع أنه توفى ولم يتم العثور على أي أثر له، أو لحق به أذى.
تحدث "وحيد" لـ"الوطن" قائلاً إنه سافر إلى العراق منذ عام 1981، مثل العديد من الشبان الذين سافروا إلى دول الخليج في ذلك التوقيت، وظل يعمل في مصنع للبلاط لمدة 14 سنة، وكان يرسل الأموال لوالده ووالدته وأشقائه، كما كان يرسل بعض المتطلبات لهم مع أصدقاء له من أبناء بنها، كان يلتقي بهم في محل عمله بالعراق، ولكن فجأة انقطعت الاتصالات بينه وبين أقاربه ومعارفه، وضاعت منه أرقام تليفونات الأسرة بسبب التغييرات في شبكة التليفون الأرضي.
وروى الرجل، الذي أصبح على مشارف الـ60 من عمره، أن ظروف العراق تغيرات كثيراً بعد الاحتلال الأمريكي عام 2003، وبدأ الحال يسوء ويتعرض للمضايقات، لدرجة أنه ظل في منطقة سكنه هناك لمدة 4 سنوات، في محيط 150 متراً فقط، يعمل في مخبز دون الخروج من هذا النطاق، لتهديد بعض المليلشيات له وللمقيمين معه بعدم خروج من هذا النطاق بالقتل.
وأضاف: "رغم أنني حاولت النزول إلى مصر في تلك الفترة، إلا أن الظروف كانت صعبة، خاصةً في ظل فقدان أوراق الهوية وجواز السفر، بالإضافة إلى عدم وجود أي وسيلة اتصال مع عائلتي أو اخوتي منذ عام 1994 وحتى 2014".
وعن رحلة عودته إلى مصر، قال "وحيد" إنه تعرف على أحد المصريين من المقيمين في العرق، يعمل في وزارة الصحة العراقية، ساعده عن طريق شقيقه بالقاهرة، في الوصول إلى أسرته في بنها، وتمكن من التواصل معهم قبل عامين، قبل أن يفقد هاتفه المحمول في حريق بالمخبز الذي يعمل به.
وأوضح أن حال العراق تبدل من الأمن والأمان، إلى الذعر والخوف بعد الغزو، وظهرت عصابات الشوارع، على عكس الوضع في مصر، التي يعيش أهلها في حفظ وأمن من الله، ناصحاً الشباب بعدم اللجوء إلى الغربة وترك الوطن، قائلاً إن "أي طموح أو ثروة او اموال يمكن تحقيقها على أرض الوطن بالعمل والكد"، مشيراً إلى أنه التقى أحد الشبان في المطار، كان ضحية لعملية نصب عليه بتأشيرات مزورة، وآخر سافر إلى إحدى الدول الكبرى للعمل بها، وبعد عام تم تلفيق قضية له وسجنه لمدة 14 سنة، قبل أن يتم ترحيله إلى القاهرة.
وقال "وحيد" إنه فوجئ بالتغيير الكبير الذي شهدته مصر في عهد الرئيس عبد الفتاح السيسي، مؤكداً أنه عندما توجه من مطار القاهرة إلى ميدان رمسيس، ومنه إلى مدينة بنها، الساعة 11 مساءً، لم يصدق أنها نفس المدينة التى تركها منذ 39 سنة، وذهب إلى ميدان سعد زغلول ومدرسته التي تخرج منها، والصيدلية بميدان المحطة، للتأكد من أنها المدينة التى يقصدها.
ووجه "وحيد" الشكر لمجموعة من شباب بنها، الذين استقبلوه ووقفوا بجواره حتى الساعات الأولى من الفجر، وقاموا بالإتصال بأشقائه، الذين جاؤا إلى مدينة بنها واصطحبوه إلى قريته، وتابع بقوله: "يجب على المصرين أن يوجهوا الشكر لله يومياً، على نعمة الأمن والأمان"، مشدداً على قوله إن "تراب مصر أغلى من الماس"، داعياً إلى حسن استثمار ما تذخر به مصر من خيرات وموارد، وفتح مجالات كثيرة للشباب حتى لا يضطروا للغربة.
وأضاف أن أسوأ ما استقبله بعد غربته، هو إبلاغه بأن والديه توفيا وهو في الغربة، فسيطرت عليه حالة من الحزن، حيث كان يتمنى رؤيتهما ويحتضنهما، مؤكداً أن الغربة كانت سبباً في عدم حضورة جنازة والديه، ولم يشارك في عزائهما، مؤكداً أنه يعتزم أن يعيش ما تبقى من حياته في حضن أشقائه وأولادهم، حتي يعوض ما فاته من عدم الإنجاب أو الزواج، وفقدانه والده ووالدته.