اتكلم عربي.. مصريون في الخارج يعلمون أبناءهم لغتهم الأم: «أفلام ودروس»

كتب: محمد أباظة

اتكلم عربي.. مصريون في الخارج يعلمون أبناءهم لغتهم الأم: «أفلام ودروس»

اتكلم عربي.. مصريون في الخارج يعلمون أبناءهم لغتهم الأم: «أفلام ودروس»

يعتز المصريون بلهجتهم ولغتهم، ويفتقدونها كلما غادروا أرض الوطن، إلا أنّ صغار الأبناء قد لا يشعرون بالحنين للهجتهم، نظر لعدم وجود ذكريات لديهم، ما يدفع الأهالي لبذل جهد كبير لتدريب أبنائهم على مبادرة «اتكلم عربي»، التي أطلقتها وزارة الهجرة وشؤون المصريين في الخارج، بالتزامن مع اليوم العالمي للغة العربية، وذلك بهدف ربط المصريين المهاجرين والمغتربين وأبنائهم، بلغتهم الأصلية، وترسيخ الهوية المصرية والعربية في نفوسهم، كما نظمت الوزارة، أكثر من 20 برنامجا لأبناء الجيلين الثاني والثالث من المصريين في الخارج.

«الوطن» تواصلت مع الجيلين الأول والثاني من المصريين في مختلف الدول التي لا تتحدث العربية، لإبراز تجربتهم مع أبنائهم وربطهم بهويتهم الأصلية.

«نفسي ابني يقرأ القرآن بالعربي».. أمنيات مصري في أمريكا لنجله

رغبته في أن يقرأ نجله القرآن الكريم باللغة العربية ويفهم معانيه، عزّزت لدى محمد صلاح الرغبة في تعليم ابنه «باسم»، 8 أعوام، لغة موطنه الأم، بعد أن فقدها بسبب مولده في أمريكا عام 2012، والاستمرار بالعيش بها، نظرًا لعمل والده مديرًا لإحدى المكاتب الصحية بالولايات المتحدة، بعد أن سافر من مصر عام 2000، وتزوج بأجنبية.

كانت زيارة «صلاح» لمصر في العام الماضي، الثالثة له منذ هجرها، واصطحب معه نجله ذو الـ8 سنوات، الذي لا يعلم عن لغته سوى «أهلا، مع السلامة»، وهو ما يشعر والده بالضيق والإحراج حينما لا يستطيع نجله التواصل مع أهله في مصر حين زيارتها، أو يقرأ القرآن بلغته، ويفهم معانيه في صلواته.

التمسك بالهوية الأصلية في بلد أخرى وُلد فيها ونشأ بها الطفل أمر صعب، وانشغاله في عمله، ولغة زوجته الأجنبية، أمور أرّقت «صلاح» ودفعته للتساؤل عن مبادرة «اتكلم عربي»، رغبةً منه في تعليم ابنه العربية كلغة والمصرية في لهجتها، حتى يتواصل مع أهله في مصر دون الحاجة لترجمة والده، ويقرأ القرآن بلغته الصحيحة.

«طاحون» علّم أطفاله العربية منذ صغرهم: الغربة مأثرتش عليهم

«التعليم في الصغر كالنقش على الحجر».. منهج اتبعه إسلام طاحون، المصري المقيم في العاصمة النمساوية «فيينا»، مع أولاده مريم ذات الـ15 عامًا، وشقيقها الأصغر بدر ذو الـ11 عامًا، إذ علمهم العربية باللهجة المصرية منذ نشأتهما، رغم مولدهما وإقامتهم في «فيينا»، وذلك حفاظًا منه على أصولهم وهويتهم.

يرى «طاحون»، أنّ الوالدين عليهما العامل الأكبر في الحفاظ على هوية أبنائهم، لذلك بدأ في تلك الخطوة منذ بداية فترة الاستيعاب لدى أبنائه، من خلال القنوات والأفلام والمسلسلات المصرية التي لا تفارق المنزل، وحرصه على التعامل باللغة العربية باستمرار في البيت مع أسرته، وقضاء الإجازات في مصر وسط أجداد الطفلين وأهلهم، لتعزيز جذورهم الأصلية لديهم، وتنمية قدرتهم على التواصل مع أهلهم في مصر.

بعد دخولهم المدرسة في فيينا، أصبحت الألمانية لغة أساسية لدى الأبناء، ما دفع الأب لفرض العربية داخل المنزل بين أفراد الأسرة، وتصليح الأخطاء اللغوية لدى «مريم» و«بدر» في نقاشهما معًا، لتزويد مصطلحاتهم العربية، وخوفًا من أن تطمس الغربة هويتهم.

علّمه أبوه العربية.. فردّها لأطفاله

نشأته في السويد وألمانيا لم تفقده لغته بشكل كبير، فوالديه اعتادا تعليمه العربية، والحديث معه بالمصرية بالاستمرار، وهو ما رسّخه وليد علاء ثابت، المصري المقيم في ألمانيا في نشأة نجليه، ياسين ذو الـ4 أعوام، وديانا ذات العامين بنفس البلد.

لهجة «وليد» العربية يتخللها لكنة شامية، نتيجة العدد الكبير من الشاميين والفلسطينيين الموجودين بكثرة في «برلين»، واختلاطه بهم دائمًا، لكنه يحاول تصليح ذلك مع زوجته المصرية في الحديث معًا بلغة موطنهم الأصلي.

بدافع الخوف على أبنائه، قرر «وليد» أن يبدأ تعليم الألمانية لأبنائه باعتبارها لغة مولدهما ونشأتهما، وللقدرة على التعبير في أي وقت يحتاجون فيه لشيء، وتمهيدًا لدخولهم المدرسة، إلا أنّه مؤخرًا بدأ تعليمهم العربية، وتعريفهم عليها، حتى لا ينسوا أنّ أصولهم مصرية.

أفلام ومسلسلات وقصص أطفال.. أسلحة والد «آدم» لتعليمه العربية

قبل التحاقه بالمدرسة في فيينا التي وُلد ونشأ فيها، كان آدم حسام القسط ذو الـ10 سنوات، يقضي إجازته في مصر مع أهله هناك، رغبة من والده لتعزيز هويته المصرية ولهجته العربية لديه، ولتنمية مهارات اللغة لديه عن طريق تواصله مع أهله المصريين، إلا أنّه بعد أن التحق بالمدرسة قلّت زياراته للقاهرة، وبدأت الألمانية تطغو عليه، خاصة أنّه لم يزر مصر منذ عامين نتيجة تفشي فيروس كورونا، وتوقف حركة الطيران.

عالج والد «آدم» الأمر بالمسلسلات والأفلام المصرية في المنزل، والحديث مع الطفل باللهجة العربية باستمرار، فضلا عن اشتراكه في مبادرة «اتكلم عربي» لتنمية قدرته على التواصل مع الأطفال العرب من مختلف دول العالم، إذ كان يتواصل مع نحو 15 طفلا من المصريين بالخارج لمدة 4 ساعات على مدار يومين.

وكانت قصص الأطفال باللغة العربية، أحد الأسلحة المهمة التي لجأ لها الوالد للتصدي لطغيان الألمانية على نجله، والجلوس معه حين عودته من المدرسة، لسؤاله عن أحوال يومه باللغة العربية، وتصحيح أخطاءه اللغوية، وإضافة المصطلحات العامية لقاموسه اللغوي المحدود.

لم يكتف الوالد عند هذا الحد، بل أشرك نجله في مدرسة تابعة للنادي المصري في «فيينا»، لتعليم اللغة العربية مرة أسبوعيًا لمدة ساعتين، لتحسين لغته وكسر اللكنة الإنجليزية بها، وتنمية مهاراته على التواصل.


مواضيع متعلقة