صوت عذب ومهنة خشنة.. إبراهيم قارئ قرآن بدرجة صبي تشطيبات بناء

صوت عذب ومهنة خشنة.. إبراهيم قارئ قرآن بدرجة صبي تشطيبات بناء
صوته يصدح في المجالس الدينية وسرادقات العزاء، يجلس بثبات رغم صغر سنه، يرتل آيات القرآن الكريم، يُطرب بها أذان العشرات المنصتين له، استحوذ حب مهنته على قلبه حتى أرجأ دراسته الجامعية وتفرغ لها، يتنقل بين محافظات الجمهورية من شرقها إلى غربها، كلما استدعاه أحد لحفل ديني يٌلبي النداء طوعًا، وإذا احتاجه والده من أجل مساعدته في عمله بمجال المعمار وتشطيبات البناء، تجرد من جلبابه الحرير وقفطانه القطني وعمامته الأزهرية، مرتديًا ملابس العمل الذي يترك أحيانا جروح صغيرة تبقى أثارها في راحة يديه، معتزًا بصنعة أبيه التي بات بارعًا فيها، يأتيه الزبائن من شتى أنحاء محافظته، وخارجها، قاصدين إياه دون غيره.
بدأ تلاوة القرآن بالمجالس في عمر 8 سنوات
وسط شوارع مدينة السنبلاوين بمحافظة الدقهلية، كثيرا ما التقى "إبراهيم عبد الحي" في طفولته بكبار المشايخ والقراء في بلدته حين كان يصطحبه والده معه في المجالس الدينية، حتى إذا بلغ عامه الثامن لم يجد في صدره رهبة من تلاوة القرآن أمام الرجال في أي احتفال ديني مقلدًَا ما تعلمه منهم: "بدأت أقلد المشايخ وأقرأ سور قصيرة في حلقات الإنشاد الديني، لحد ما وصلت سن 14 سنة، وبدأت أقرأ لوحدي في العزاءات والمناسبات الدينية في البلد".
ألفت أذناه تلاوة القرآن بروايتي حفص عن عاصم ورواية ورش بن نافع، رغم صعوبة الثانية بالنسبة له، برع فيهما وبات صوته معروفا ليس فقط داخل محافظته بل وخارجها "بسافر لحد الصعيد أقرأ في العزاءات وحفلات الإنشاد وذكر في المناسبات الدينية"، حتى اختار تأجيل دراسته بكلية أصول الدين جامعة الأزهر للتفرغ لعمله كمقرئ للقرآن الكريم "أجلت الدراسة عشان الشغل، وحاليا بدرس في الفرقة الثالثة بآداب المنصورة، وبطور أدائي باستمرار في التلاوة"، بحسب قوله.
والدي لما بيطلبني بنزل أشيل رمل وأتابع العمال
كونه الابن الأكبر والرجل الوحيد لوالديه، يعتمد عليه والده كثيرا في عمله، يكلفه بمهام خاصة تضطره إلى السفر خارج محافظته في بعض الأحيان، "لما بيطلبني بنزل معاه أي مكان وأي حاجة بيطلبها بعملها، ممكن أحمل رمل على العربية وأتابع العمال مبتأخرش عليه"، حتى احترف المهنة، واعتادت يداه ملمس الطوب والرمل والأدوات المعدنية في مهنة شاقة لا تشبه عذوبة صوته.
طموح الشاب العشريني لم يتوقف عند عتبة القراءة في العزاءات والمناسبات الدينية وبعض الإذاعات المحلية، استأجر شقة صغيرة في مدينته وحولها إلى مكان لتحفيظ القرآن الكريم للأطفال وتعليم التلاوات: "بحلم أكون قارئ كبير ومشهور".