مصر وفرنسا مصالح مشتركة في أفريقيا وتحركات لمكافحة الإرهاب

مصر وفرنسا مصالح مشتركة في أفريقيا وتحركات لمكافحة الإرهاب
- قمة السيسي وماكرون
- زيارة السيسي لفرنسا
- الإرهاب
- أفريقيا
- قمة السيسي وماكرون
- زيارة السيسي لفرنسا
- الإرهاب
- أفريقيا
أكد تقرير حديث أن التحركات المصرية الفرنسية في العمق الأفريقي تتلاقى في جملة من الأهداف والأبعاد، تتجلى في العمل على تعبئة الجهود الدولية لمكافحة الإرهاب، ومواجهة ظاهرة انتشار الجماعات الإرهابية المسلحة في القارة الأفريقية وعلى رأسها "تنظيم بوكو حرام" و"حركة الشباب الصومالية" وتنظيم "داعش"، إلى جانب تنظيم القاعدة في المغرب العربي.
وأشار التقرير إلى أن أفريقيا تأتي في قلب التقارب المصري الفرنسي، في ظل التهديدات المشتركة النابعة من بعض مناطق التوتر داخل تلك القارة، وعلى رأسها منطقة الساحل والصحراء فضًلا عن القرن الأفريقي، وتحقيًقا لمصالحهما المشتركة في تلك القارة، وهو ما برز بصورة كبيرة خًلال المؤتمر الصحفي الذي جمع كلا من الرئيس عبدالفتاح السيسي، والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون.
أهمية استراتيجية
وذكر التقرير أن وجود أهمية استراتيجية متنوعة تنبع من أهمية القارة الأفريقية بصورة عامة في كونها تطل على أهم الممرات المًلاحية العالمية، فضلا عن امتلاكها اقتصادات تعد من بين الأسرعُ نموا في العالم، وخاصة منطقة غرب أفريقيا، لذلك أصبحت هي ومنطقة شرق أفريقيا جاذبة بقوة للاستثمار الأجنبي.
ولعل الموقع الجغرافي الذي يمتاز به العمق الأفريقي وخاصة في منطقة القرن التي تمثل أهم الممرات البحرية على الصعيد الإقليمي والدولي، جعلها مسرًحا للتشابكات والتجاذبات الإقليمية والدولية، خاصة وأن تلك المنطقة تقع على عدد من الممرات البحرية التي ُتشكل في حد ذاتها بع ًدا استراتيجًيا وأمنًيا ليس فقط على الصعيد الإقليمي ولكن على المستوى الدولي.
وذكر تقرير "المرصد المصري" أن تلك المنطقة بمثابة أهم مناطق التوازن والاستقرار الإقليمي، وتشكل حلقة وصل رابطة بين المحيط الهندي والبحر المتوسط، حيث إنها تقع بالقرب من مضيق باب المندب، الذي يتحكم بصورة رئيسة في خط التجارة العالمية في البحر الأحمر من ناحية الجنوب، مما جعلها تكتسب أهمية استراتيجية وسياسية وعسكرية واقتصادية كبيرة
أهداف ومصالح متشابكة
وذكر التقرير أن المتأمل لكلمة الرئيس الفرنسي خلال المؤتمر الصحفي المنعقد يوم 7 ديسمبر 2020، يجد أن ملف الإرهاب كان أحد أبرز مجالات الاهتمام المشترك مع القاهرة، خاصة وأن باريس تنظر لمصر على أنها الحصن المنيع لمواجهة التطرف، ومن ثّم فإن هذا الملف واحد من تشابك المصالح الفرنسية المصرية وأرضية صلبة للتعاون، انطًلاًقا من أولويات تحقيق السًلم والاستقرار في القارة السمراء، والعمل على تقويض الحركات المسلحة والجماعات المتطرفة التي من شأنها تهديد الأمن القومي لدول المنطقة والدفع بمسارات الحل في القضايا العالقة خاصة في ظل هشاشه الأنظمة المتواجدة بتلك المنطقة.
واتصالا بالسابق؛ تأتي عملية تأمين المصالح الاستراتيجية المصرية والفرنسية على طول سواحل البحر الأحمر والحفاظ على أمن البحر الأحمر، وذلك في ضوء ما تتمتع به دول القرن الأفريقي من موقع استراتيجي مهم على أحد أبرز المضايق البحرية في المنطقة، بما يعزز من فرص سًلامة المًلحة البحرية، ومجابهة الحركات المعادية للمصالح المصرية التركية في القارة السمراء من جانب عدد من القوى الإقليمية وعلى رأسها تركيا، واتهام فرنسا لها بانتهاج استراتيجية تستهدف بها تأجيج مشاعر العداء لفرنسا داخل القارة، خاصة وأن أنقرة شهدت تحركات متعددة في الآونة الأخيرة في الشرق والغرب الأفريقي، عكستها الزيارات المختلفة لوزير الخارجية التركي "مولود جاويش أوغلو"، وتدخلها عسكرًيا على خط الأزمة الليبية، مما دفع فرنسا في تعزيز قواتها العسكرية بدول تشاد والنيجر ومالي، وذلك لقطع الطريق على انتقال العناصر الإرهابية من نيجيريا شمالا إلى ليبيا، وبالتالي التأثير على المصالحة الفرنسية في معادلة غاز شرق المتوسط.
ومن هذا المنطلق، فإن التحركات المصرية الفرنسية في العمق الأفريقي تتلاقى في جملة من الأهداف والأبعاد تتجلى في العمل على تعبئة الجهود الدولية لمكافحة الإرهاب، ومواجهة ظاهرة انتشار الجماعات الإرهابية المسلحة في القارة الأفريقية وعلى رأسها "تنظيم بوكو حرام" و"حركة الشباب الصومالية" وتنظيم "داعش" إلى جانب تنظيم القاعدة في المغرب العربي.
فضًلا عن حتمية انتهاج الطرق السلمية لإقرار السلم والأمن داخل الدول، والحفاظ على الدولة الوطنية وتماسكها، كما هو الحال بالنسبة للحالة الليبية وكذلك الدول الأفريقية كما هو الحال بالنسبة لدولة مالي، وتكمن الرؤية المصرية الفرنسية حول تعزيز التعاون البناء في تعظيم الاستفادة من الموارد الطبيعية التي تمتاز بها القارة الأفريقية، بما يحقق رخاء ونمو شعوب تلك المنطقة.
ولعل التقارب يكمن بين القاهرة وباريس في أدوات الانخراط داخل القارة السمراء والتي تتنوع في مجهودات عسكرية في ضوء بعثات الأمم المتحدة لحفظ السلام، أو من خلال التعاون الثنائي والجماعي لدحض الإرهاب، إلى جانب الأداة الاقتصادية والتنمية، وأخيًرا الأداة الثقافية النابعة من الخصوصية المصرية ومن السياسة الفرنسية منذ عام 1986، وسعيها لتأسيس الرابطة الفرانكفونية، بهدف تشكيل تجمع سياسي بمثابة تكتل مؤثر على الساحة الدولية، والتي بالطبع أثرت بصورة كبيرة على ثقافة شعوب تلك الدول، وهو ما يختلف بصورة كبيرة عن كًًل من روسيا والصين وكذلك واشنطن التي تركز بصوررة كبيرة على البعد الاقتصادي وبنسبة أقل الأدوات الأخرى.
مصر والتوازن الأفريقي
انطًلاقا من الاعتبارات الجيوسياسية المختلفة التي تمتاز بها مصر، واستراتيجية التحرك نحو إقرار السًلم والاستقرار الداخلي في القارة السمراء في عهد الرئيس السيسي، تعول فرنسا كثيرا على مصر في ضوء الشراكة الاستراتيجية مع باريس، في الكثير من الملفات المختلفة وعلى رأسها القضية الليبية، وحتمية العمل المشترك لإنجاح الحوار السياسي في تلك الدولة التي تشهد صراعا ممتدا منذ عام 2011.
وفي ظل سياسة المحاور والاستقطاب الذي تشهده البيئة الدولية والإقليمية للتفاعل في القضايا الإقليمية، خاصة تزايد التنسيق الروسي الأمريكي التركي، ترى فرنسا في مصر حليفا استراتيجيا لها، لكسر تلك الحلقة وتعزيز موازين القوى داخل المنطقة، بما يضمن تواجدها على الساحة والحفاظ على مصالحها المختلفة. فضًلا عن أهمية دور القاهرة في تعزيز الأمن داخل منطقة الساحل والصحراء، والتي تواجه تحديات على رأسها الإرهاب والجريمة المنظمة، فنجد أن فرنسا تتواجد داخل تلك المنطقة بصورة عسكرية تتمثل في إطلاق عملية برخان لمكافحة التطرف في منطقة الساحل الأفريقي منذ مطلع أغسطس عام 2014، والمشكلة من 4500 ،علاوة على دعمها للقوة "المشتركة العابرة للحدود" المشكلة بين كًًل من بوركينا فاسو ومالي وموريتانيا والنيجر وتشاد في عام 2017.
وفي ظل توجه أمريكا لتقليص عدد قواتها المتمركز في المنطقة، لدراسة جدوى التواجد العسكري الأمريكي في تلك الدول، يعزز من إفساح المجال واسًعا أمام فرنسا للعب دور المكمل لغياب واشنطن المحتمل في تلك المنطقة، حيث يتبلور محور التوجه الحديث لواشنطن حول دراسة تقليص التواجد العسكري لها في الصومال كاستراتيجية للانسحاب من الصراعات المستمرة منذ سنوات. ونتيجة حتمية للسابق؛ فإن دول الساحل والصحراء التي تجمعها حدود مباشرة مع دول القرن الأفريقي سوف تشهد تنامًيا كبيًرا للتمدد الإرهابي وتفاقم لظاهرة الجماعات المسلحة، الأمر الذي يعزز من الطرح لجهود مكافحة الإرهاب من خلال تدشين تحالف فرنسي بتفردها كراع G5 عام 2017، مما يستدعي مزيدا من التنسيق الفرنسي المصري على المستوى الأمني منًعا لزعزعة الاستقرار داخل أفريقيا، والتعويل على القاهرة لسد هذا الفراغ خاصة في ظل ما تمتاز به من خبرة طويلة في مواجهة التنظيمات الإرهابية.
وختاًما؛ تلعب الشراكة المصرية الفرنسية دوًرا مهًما في مخاض القضايا المتشابكة داخل القارة الأفريقية، ترمي في نهاية الأمر إلى تعزيز الاستقرار السياسي والأمني ومواجهة الإرهاب داخل منطقة الساحل والصحراء وامتداده لمنطقة القرن الأفريقي، بما يحقق ضرًرا جسيًما ليس فقط لمصالح الدولتين في تلك القارة بل لكافة دول العالم.