فاتورة اقتصادية باهظة في عام الوباء.. خبراء: آثار "كورونا" ستبقى طويلا

فاتورة اقتصادية باهظة في عام الوباء.. خبراء: آثار "كورونا" ستبقى طويلا
- الاقتصاد العالمي
- كورونا
- فيروس كورونا
- خسائر الاقتصاد العالمي
- كورونا في عام
- الاقتصاد العالمي
- كورونا
- فيروس كورونا
- خسائر الاقتصاد العالمي
- كورونا في عام
ألقت جائحة كورونا بظلالها على الاقتصاد العالمي بشكل عام، ليتحمل الفاتورة الأكبر لتداعيات الفيروس المميت منذ مطلع العام الجاري، التي كان منها الغلق الكلي أو الجزئي بين الدول، ما ساهم أكثر في حالة الركود العالمية، وأدى أيضا إلى ارتفاع أسعار السلع، فضلا عن وفاة مليون شخص حتى اليوم، كما تشير التقديرات أيضا إلى تدهور الأحوال المعيشية لقرابة 90 مليون شخص هذا العام لتصل إلى مستوى الحرمان الشديد.
تأثيرات جائحة كورونا على السلع الأولية متفاوتة ودائمة على أسواق الطاقة
ووفق أيهان كوسي، القائم بأعمال نائب رئيس مجموعة البنك الدولي لشؤون النمو المنصف والتمويل والمؤسسات ومدير مجموعة آفاق التنمية، فإن تأثير جائحة كورونا على السلع الأولية كان متفاوتا، ويمكن أن يكون له تأثيرات دائمة على أسواق الطاقة، وعندما تكون الانخفاضات في أسعار السلع الأولية قصيرة الأجل، يمكن للسياسات التحفيزية أن تخفف من تأثيرها، إلا أنه وعندما تظل الأسعار منخفضة لفترة طويلة فإن واضعي السياسات يكونون بحاجة إلى إيجاد حلول لتمكين اقتصاداتهم من التكيف بسلاسة مع الوضع الطبيعي الجديد.
ويضيف أنه بسبب الجائحة، ساء الوضع الطبيعي الجديد لاقتصادات الأسواق الصاعدة والبلدان النامية المصدرة للنفط في وقت مبكر عما هو متوقع، ويتعين على هذه البلدان -بعد انحسار جائحة كورونا- أن تكون أكثر صرامة في تنفيذ السياسات لتقليص اعتمادها على عائدات النفط.
ويتابع بأن تقديرات الخبراء تشير إلى أن الأزمة الحالية أكبر في حجمها وتداعياتها من الأزمة المالية في 2008، وأكثر تضررا وأسرع أثرا، إلا أن ما يبشر على المستوى الصحي هو معرفة طبيعة الفيروس وكيفية تجنب الإصابة به عبر التباعد الاجتماعي، واتخاذ الإجراءات الوقائية والاحترازية، علاوة على بدء ظهور لقاحات فعّالة في مواجهته، لكن مع ذلك، ستبقى الآثار الاقتصادية والاجتماعية للوباء أطول زمنا من مجرد القضاء عليه أو على الأقل محاصرته، داعين إلى انتهاج ثلاث مسارات مختلفة لاستيعاب الأزمة وتجاوز آثارها الفترة المقبلة.
وزيرالتخطيط الأسبق: صدمة الاقتصاد العالمي بسبب كورونا أسرع وأقوى من الأزمة المالية في 2008 وأخطر من الكساد العظيم
ويرى عثمان محمد عثمان، وزير التخطيط الأسبق، أنه وحتى تتوفر معرفة أدق بمتى وكيف ستنتهي أزمة الصحة العامة التي خلقها فيروس كورونا، لن يتمكن الاقتصاديون من البدء فى وضع تنبؤاتهم حول نهاية الركود الاقتصادي، متوقعا أن تكون الخسائر أعمق وأطول مدى مما أحدثته الأزمة المالية العالمية فى 2008.
أسوأ أزمة عالمية
ويحاول "عثمان" شرح أبعاد الأزمة الحالية في ضوء سابقتها في 2008، قائلا، "كانت الصدمة التي ضربت الاقتصاد العالمي بسبب فيروس كورونا أسرع وأقوى من الأزمة المالية العالمية في 2008، وكذلك أخطر من الكساد العظيم فى ثلاثينيات القرن الماضى.
وفى كلتى الحادثتين السابقتين انهارت البورصات بحوالي 50% وتجمدت حركة الائتمان والاستثمار، وأفلست شركات، وقفزت نسب البطالة فوق 10% وانكمش الناتج الإجمالي بمعدل 10% أو أكثر. ولكن بينما استغرقت تلك الخسائر ثلاث سنوات، تدهورت كافة المؤشرات الاقتصادية والمالية في الأزمة الحالية خلال ثلاثة أسابيع فقط".
سالي فريد، أستاذ الاقتصاد المساعد بكلية الدراسات الأفريقية العليا بجامعة القاهرة، تقول إن تباطؤ الاقتصاد العالمي نتيجة تفشي فیروس كورونا، تسبب في انخفاض حجم السياحة الوافدة لمصر، وتراجع المتحصلات الواردة من قناة السويس، وكذلك انخفاض التحويلات المالية القادمة من المصريین العاملین في الخارج، وهو ما قد يترك تداعيات واسعة النطاق وطويلة المدى على الاقتصاد المصري، مقترحة تخفيض رسوم المطارات، ورسوم المزارات السياحية وتخفيض ضريبة القيمة المضافة على الوجهات السياحية، بجانب تفعيل صندوق الاستثمار السياحي.
أستاذ الاقتصاد بجامعة القاهرة: كورونا تسبب في تراجع المتحصلات الواردة قناة السويس وانخفاض تحويلات المصريين في الخارج
وفي ورقة بحثية بعنوان "التداعيات المحتملة لأزمة كورونا على الاقتصاد المصري" صادرة عن معهد التخطيط القومي، أشارت إلى أنه من المتوقع تراجع الإیرادات السياحية العالمية هذا العام ما بین 910 مليارات دولار و1.2 تريلیون دولار، علاوة على تسبب هذا الوباء في الإطاحة بحوالي 50 ملیون وظيفة سياحية على مستوي العالم، وسوف یؤدي هذا لانخفاض أعداد السائحین خلال عام 2020 إلى انخفاض الإیرادات السياحية ما بین 850 ملیونا و1.1 مليار سائح.
ولفتت تقديرات الورقة البحثية إلى أن حجم الخسائر المتوقعة لشركات الطیران في العالم تقدر بأكثر من 252 مليار دولار، وسوف تؤدي هذه الأزمة إلى انخفاض قدرة صناعة الطیران بأكثر من 30% خلال عام 2020.
وفي هذا الشأن، قال الخبير الاقتصادي فخري الفقي، مستشار صندوق النقد الدولي الأسبق، لـ"الوطن" إن الأزمة غير مسبوقة من حيث حجمها وحجم آثارها ولم تكن متوقعة وكشفت عن هشاشة النظام الصحي العالمي بشكل كبير، لافتا إلى أن كل هذه العوامل مجتمعة ترفع من فاتورة خسائر الاقتصاد العالمي جراء هذا الوباء.
مستشار صندوق النقد الدولي الأسبق: قدرات الدول ستختلف في التعافي من الآثار الاقتصادية السلبية لكورونا
لكن "الفقي" الذي يشغل منصب أستاذ الاقتصاد بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة القاهرة حاليا، أعرب في الوقت ذاته عن تفاؤله، بقرب انتهاء الأزمة على المستوى الصحي، دون الآثار الاقتصادية التي ستبقى طويلا، مضيفا، "كنا في النصف الأول من العام الجاري لا نعلم شيئا عن الفيروس ولا طبيعته، ولا سبل الوقاية منه، ومع الوقت تكيف العالم عبر التباعد الاجتماعي، وبدأت اللقاحات في الظهور تباعا، وبعضها فعّال بنسبة تتجاوز 90% في مواجهة الفيروس، وهي أمور كلها تبشر برأيي".
ويضيف "الفقي" في تصريحاته، "أتوقع أنه سيكون بمقدورنا عما قريب القضاء على الفيروس، سواء بحصاره والسيطرة عليه أو بالتعايش معه فترة أطول، لكن ستبقى الآثار الاقتصادية مدة أطول، وستختلف قدرة كل دولة في التعافي من هذه الآثار عن الدول الأخرى".
مدیر مركز السياسات الاقتصادية بـ"التخطيط القومي": الدعم النقدي للأفراد الأكثر تضررا والسياسة النقدية ركائز التعافي من آثار كورونا
خالد زكريا أمین، مدیر مركز السياسات الاقتصادية الكلية بمعهد التخطيط القومي، يرى أنه بالنظر إلى التقارير الدولية وتوصياتها بشأن الإجراءات التي یجب أن تتخذها الدول؛ يمكن القول أنه يتعين مواجهة التداعيات الاقتصادية والمالية لفیروس كورونا المستجد، عبر ثلاث ركائز أساسية ینبثق من كل منها مجموعة من الإجراءات.
ووفق أمين، تتمثل الركیزة الأولى في السياسة المالية التي من خلالها یتم تقديم الدعم النقدي للأفراد والأسر والقطاعات الأكثر تضررا عن طريق شركات الحماية الاجتماعية وغیرها من الأدوات المختلفة، بالإضافة إلى الشركات، خاصة الصغیرة والمتوسطة، فيما یتعلق بتخفيض أو إلغاء أو تأجیل الضرائب، والدعم الخاص بالعاملین في القطاع الصحي والقطاعات الأكثر تضررا.
ويضيف مدیر مركز السياسات الاقتصادية الكلية، في ورقة بحثية - اطلعت عليها "الوطن" - أن الركیزة الثانية تُعنى بالسياسة النقدية، التي تضم التدابیر التي تقوم بها البنوك المركزية لضمان توفیر السیولة وتسهیل الإجراءات وتخفیف القیود المتعلقة بسعر الفائدة، وتوجيه الإرشادات إلى المؤسسات المالية المصرفية وغیر المصرفية لتقديم الدعم للأفراد والشركات، وخاصة الصغیرة والمتوسطة من خلال القروض الميسرة وغیرها من الأدوات التي تضمن صمود تلك الشركات خلال الأزمة.
وتختص الركیزة الثالثة، كما يرى "أمين" بالتعاون الدولي لمواجهة الأزمة من خلال العمل على رفع العبء عن الدول النامية عن طريق تخفیف عبء الدیون وإعادة جدولة سدادها، وتعزيز المساعدات المقدمة إلى الدول النامية، بالإضافة إلى تعزيز سلاسل الإمداد العالمية وفتح التجارة بین الدول خاصة فيما یتعلق بتصدیر واستیراد المنتجات الطبية، فضلا عن تقديم الدعم من المؤسسات الدولية مثل صندوق النقد الدولي والبنك الدولي وغیرهما.
وكان البنك الدولي، قال إن هذه الجائحة ستدفع نحو 150 مليون شخص للسقوط في براثن الفقر المدقع بحلول نهاية عام 2021، وأن الأولوية القصوى العاجلة هي تسريع وتيرة تطوير اللقاحات التي يمكنها السيطرة على تفشي فيروس كورونا وتوزيعها، وإتاحة 160 مليار دولار بحلول منتصف عام 2021 لمساعدة البلدان منخفضة الدخل والبلدان متوسطة الدخل على التخفيف من حدة الآثار الصحية والاجتماعية والاقتصادية الناجمة عن هذه الجائحة.