مستقبل العشيرة المحمدية الصوفية بعد وفاة شيخها
توفى منذ أيام شيخ العشيرة المحمدية، والطريقة الشاذلية الصوفية، الشاب ذو المحامد حفيد الكرام، شريف النسب «نور الدين عصام الدين»، حفيد الإمام الرائد الشيخ الأزهرى الكبير ومجدد التصوف الإمام محمد زكى الدين إبراهيم، وقد سلك الفقيد درب آبائه وأجداده وتوفى عن 23 سنة، وكان قد تولى مقاليد الأمور وهو فى سن صغيرة، بعد وفاة والده الشيخ عصام الدين عام 2017م، الأمر الذى جعله يضطلع بهذه المهمة فى نشر التصوف، وتنقيته من الدخيل، واستمرار الحفاظ على الدعوة.
ولا يخفى أن جده الشيخ محمد زكى إبراهيم، توفى 1998م، هو رائد العشيرة المحمدية، ومجدد التصوف، وعمل مستشاراً لشيخ الأزهر عبدالحليم محمود، ولقبه البعض بـ: (الشاذلى الثانى).
لقد كان عصام الدين نجل الإمام وابنه نور الدين حفيد الإمام خير خلف لخير سلف، ولا بد أن العشيرة، التى تعد من أهم مراكز التصوف المنضبط أن تبذل جهوداً مضنية لملء الفراغ الروحى، بديلاً عن الواردات الأخرى، بأساليبها القوية، ومغرياتها السخية، خاصة تيارات السلفية الوهابية.
وهنا نتساءل عن الدعوات التى طالب بها الإمام المؤسس كالدعوة إلى إنشاء الجامعة الصوفية، ودائرة المعارف الصوفية التاريخية، وإنشاء بيت الصوفية، ومعهد الدراسات الصوفية، والمركز العلمى الصوفى، والمجلة، وهى أمور تحقق بعضها.
كما يجب إعادة التصوف برونقه وصورته التى قال عنها الإمام الرائد: «التصوف هو تصحيح الإسلام، وتحقيق الإيمان، وتأكيد الإحسان، وهو مقام ينهض بالعقيدة والخلق، وتتحقق به إنسانية الإنسان، وهو إيمان وعمل، وعبادة ودعوة وأخلاق وبر مطلق، وهو التسامى بالبشرية إلى مستوى الإنسانية الرفيعة، وهو إعادة بناء الإنسان وربطه بمولاه فى كل فكر وقول وعمل ونية، وفى كل موقع من مواقع الإنسانية فى الحياة العامة، وهو التقوى فى أرقى مستوياتها، ومعاملة العباد بحسن الخلق، الذى عليه تدور حقوق الإنسانية الرفيعة، ولهذا كله فليس التصوف شيئاً غير الإسلام».
ولقد شخصت العشيرة المحمدية على لسان رائدها أسباب التدهور الذى لحق بالتصوف، وعلى رأسها ترويج الأساطير والخرافات، ونسبتها إلى بعض أئمة التصوف، ومنها علاقة الصوفية بالحكومات وجعل التصوف جزءاً منها، فضلاً عن انتفاء صفات الورع والزهد والعلم عن بعض من يمثلون الطرق الصوفية.
وقد وقفت العشيرة -ولا بد أن يقف كل منتسب للتصوف- ضد التطبيقات الخاطئة التى تقع من بعض المنتسبين للتصوف من التغالى المذموم، والشطحات الغريبة، حتى قال الإمام المؤسس: «كل ما نراه من شعوذات وخرافات، تصوف بدعى أو «تمصوف»، وهذا أسباب القضاء على التصوف السنى الصحيح»، فلا يجوز أن تطغى العاطفة على العقل، وأن تتغلب المشاعر المخبولة والأفكار المجذوبة على حقائق الإسلام.
ونحن نتفق مع منهج العشيرة المحمدية فى أنه لا يجوز الشطط بتكفير من يرتكبون هذه الأخطاء، لأنهم يفعلونها على أنها مظهر من مظاهر حبهم للنبى، صلى الله عليه وآله وسلم، ولا يفعلونها على أنها عبادة، إذ العبادة لا تكون إلا لله وحده، وأنه هو الذى يتوجه إليه المسلم بالدعاء دون غيره، إذا حملنا ما يأتى به عامة الناس على هذا المعنى لم يكن ذلك شركاً، وينبغى على العلماء أن ينهوهم عنه ويفهموهم أن حبهم لبيت رسول الله لا يكون بالإتيان بهذه الأعمال، إنما يكون باتباع شريعته وبالوسائل المقنعة التى تفهمها عقولهم وتطمئن إليها قلوبهم، وحتى تضمن العشيرة الاستمرار فى تأدية دورها فى المستقبل لا بد من إحياء منهج الإمام الرائد ومدرسته والحفاظ عليها وإسناد الأمر إلى أهله بالعلم والكفاءة لا بالنسب والوراثة.