بالمستندات.. تعديات على "أراضي دولة" تمنع إنشاء غابة شجرية في قنا

كتب: ياسر مشالى ورجب آدم

بالمستندات.. تعديات على "أراضي دولة" تمنع إنشاء غابة شجرية في قنا

بالمستندات.. تعديات على "أراضي دولة" تمنع إنشاء غابة شجرية في قنا

كابوس يطارد الصغار والكبار، يوقظهم من النوم، فقد أصبح مستقبلهم فى خطر.. الخبر ينتشر فى قرية بلاد المال قبلى بمركز أبوتشت بمحافظة قنا كالنار فى الهشيم ليجعل حياة أفراد 200 أسرة بسيطة نوعاً من الجحيم.

الحكاية بدأت مع تشكيل لجنة فنية بقرار محافظة قنا رقم 139 لسنة 2009 لمعاينة ورفع خريطة مساحية بإحداثيات الموقع المخصص لإنشاء المزرعة الخشبية، وهو حسب المستند الصادر من الوحدة المحلية لمركز ومدينة أبوتشت (800 فدان تقريباً)، وعندها اكتشفت اللجنة التى تضم 7 مهندسين وفنيين ومسئولين من أملاك قنا والتنظيم والإدارة الهندسية فى أبوتشت -على الطبيعة- أن هناك أرضاً منزرعة تقع ضمن المساحة المخصصة لمزرعة الصرف الصحى.

اللجنة أكدت أن كل هذه الزراعات تعديات من 5 مواطنين، وأنه صدر لهم قرار إزالة رقم 11 لسنة 2007 فى 15 أبريل 2007، وتبعه قرار الإزالة رقم 3 لسنة 2009 بتاريخ 25 يناير من العام نفسه، ثم عدة قرارات أخرى، فيما ثبت لنا أن قرارات الإزالة تم تنفيذها على كل المتعدين باستثناء «م. ج» ومن معه، والسبب ببساطة أن هناك علاقة خاصة جداً تربطه مع «ك. ش»، أحد المسئولين فى محافظة قنا.

أيضاً هناك بُعد آخر لا يقل خطورة عن التعدى على أرض الدولة، وهو أن نقل جزء من المزرعة الخشبية إلى الجانب الآخر بسبب هذه التعديات يهدد بتشريد 200 أسرة تسكن فى هذه المنطقة سيئة الحظ.

مافيا الفساد تمتد من قنا جنوباً، حيث يقف من يتحدى كل اللوائح والقوانين، إلى الجيزة شمالاً، حيث ديوان وزارة الزراعة فى حى الدقى، وهناك يجلس الذراع اليمنى للمافيا، وهو مسئول يتلاعب فى الأوراق ويضلل المركز الوطنى للأراضى والذى بدوره قدم بيانات غير دقيقة إلى الجهات المسئولة فأصدرت القرار رقم 184 فى 20 أبريل 2017 بتخصيص مساحة 192 فداناً لهؤلاء المتعدين رغم أن هذه الأرض تقع فى قلب المساحة المخصصة للمزرعة الخشبية التى تخدم محطة الصرف الصحى، رغم تقديم عدة مذكرات من الشئون القانونية بالوحدة المحلية لمركز ومدينة أبوتشت إلى المهندس رئيس الهيئة العامة للتعمير والتنمية الزراعية منذ عام 2007 مروراً بمذكرة فى 31 مارس 2016، وأخيراً المذكرة رقم 9749 وتم تقديمها بتاريخ 10 أغسطس 2018، وتطلب فيها من الهيئة باسم محافظة قنا عدم التعامل على الأرض المخصصة للمزرعة الخشبية بالربط أو البيع لأى مواطن.

التعدى يوقف تنفيذ مزرعة لمحطة الصرف الصحى ويهدد قرى أبوتشت بالغرق فى المجارى

رئاسة مجلس الوزراء تفاعلت مع الملف وخاطبت محافظة قنا بتاريخ 1 فبراير 2020 تطلب سرعة إرسال المستندات الخاصة بتسليم أرض المزرعة الخشبية ومساحتها 850 فداناً كاملة، ما دفع الشئون القانونية بالمحافظة إلى مخاطبة الوحدة المحلية لمركز أبوتشت بسرعة إرسالها، وهو ما تم بالفعل، لكن المفاجأة الكبرى أن المستندات ما زالت قابعة فى أدراج المسئول فى وزارة الزراعة لأسباب لا تخفى على أحد، ولأن معنى وصولها للجهات المسئولة أنه سيحال للمحاكمة كما سيخسر مكاسبه التى حصل عليها بشكل غير مشروع.

والمستندات التى طلبتها هذه الجهات تشمل خطابات تخصيص قطعة الأرض المخالفة؛ للسير فى إجراءات فسخ العقود المحررة بين المواطن وهيئة التعمير والتنمية الزراعية، وكذلك محضر تسليم الـ750 فداناً المخصصة للمزرعة الخشبية (الغابة الشجرية) بالقرار 140 لسنة 2010، كما تشمل خرائط مساحة الـ850 فداناً المقترحة كتوسعات للغابة الشجرية، ليصبح إجمالى مساحة المزرعة الخشبية 1600 فدان.

محافظ الوادى الجديد، اللواء محمد سالمان الزملوط، دخل أيضاً على خط الأزمة وأرسل فى 22 أبريل 2020 كتاباً إلى نظيره محافظ قنا يفوضه فيه باتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة لإزالة التعديات على أراضى الدولة الواقعة على حدود المحافظتين، ومنها جزء من الأراضى التى استولى عليها «م.ج».

التزوير بلغ منتهاه بقيام المتعدى على أرض الدولة بتوصيل الكهرباء إلى التعديات، حيث قام بمحاكاة ختم الوحدة المحلية لمجلس قروى القارة وتركيب محول كهرباء و50 عمود إنارة، حيث تم اكتشاف التزوير بمذكرة رسمية قدمها سكرتير الوحدة المحلية إلى سكرتير عام المحافظة.

فى المقابل، قال أحد المواطنين المتهمين بالتعدى، والذى فضلنا عدم ذكر اسمه، إن لديه قراراً بتخصيص 200 فدان، وإن الأهالى يضعون أيديهم على الأراضى الصحراوية فى المنطقة التى يقول مجلس مدينة «أبوتشت» إنها أراضى الغابة الشجرية، منذ نحو 40 عاماً، وطالب محافظ قنا بتحديد خريطة الغابة الشجرية وتسلم الأرض وإعلان خريطتها للمواطنين والمتضررين حتى يعرفوا حدودهم.

وعن وجود أعمدة إنارة مخالفة فى مزرعته، قال: «عندما وضعت 50 عموداً لتوصيل الكهرباء وصلت شكاوى بأننى مزور الختم وأثبت أن ذلك غير صحيح، ومنذ أشهر أزيلت تلك الأعمدة بمعرفة المحافظ وتمت زراعتها مرة أخرى بإشراف المحافظة وهى تعمل حالياً».

وعلى الصعيد الرسمى، قال جمال حلمى، رئيس العلاقات العامة لشركة مياه الشرب والصرف الصحى فى محافظة قنا، إن الشركة لم تتسلم أراضى الغابة الشجرية فى مركز أبوتشت حتى الآن، مؤكداً أنها عندما تتسلمها ستكون خالية من أى تعديات.

وأكد «حلمى» أن أية أراضٍ فى محيط محطة الصرف لا يمكن زراعتها بالآبار لأن المياه الجوفية ستكون قد تشبعت بمياه الصرف وأصبحت ملوثة، وبالتالى ستكون محاصيلها الزراعية مضرة بصحة الإنسان، والشىء نفسه حصل فى مركزى دشنا وقوص، فقد كان هناك مواطنون وضعوا أيديهم على مثل هذه الأراضى من عشرات السنين وتم نزعها لصالح الغابات الشجرية. وقال خالد عويس، رئيس مجلس مركز ومدينة أبوتشت، إن المجلس رفض طلب الأهالى تقنين أراضى وضع اليد الواقعة بأراضى الغابة الشجرية، مؤكداً أن الدولة ستأخذ حقها وستزيل التعديات على أملاك الدولة وتسلمها لشركة مياه الشرب والصرف الصحى.


مواضيع متعلقة