أجدع من الوجع.. شاب بيد مكسورة يتخلى عن مقعده لعجوز في قطار الصعيد

أجدع من الوجع.. شاب بيد مكسورة يتخلى عن مقعده لعجوز في قطار الصعيد
للشهامة وجوه عدة أعظمها إيثار الآخرين لصالح الإنسانية، فلم يلبث أن استقر "علام رمضان" على مقعده المجاور للباب في أحد عربات القطار الإسباني خط "أسوان- القاهرة"، محاولا تجاهل الآلام المبرحة التي تنخر في عظام يده اليمنى، حتى أطل عليه عجوز سبعيني حنى الزمن ظهره وخط الشيب في رأسه مفترشًا أحد الأركان وجلس أرضًا، فما كان منه إلا أن انتفض من مكانه، مُصرًا على أن يأخذ العجوز مكانه.
لم يضعف الشاب الشهم أمام محاولات الرجل المسن لإقناعه بالراحة من أجل الجبس الذي أحاط ذراعه، "اتعلمنا نحترم الكبير وميصحش أنا أقعد وهو قاعد على الأرض"، حسبما قال الشاب الصعيدي لـ"الوطن"، وهو يروي مشهد الجدعنة الذي وثقه ركاب القطار.
واقعة شهامة جديدة يسطرها ابن محافظة الأقصر، لينضم إلى مشاهد الجدعنة الخفية في عربات قطار الصعيد، ترجع ملامحها إلى يوم الثلاثاء الماضي، حين استقل "علام" القطار من محطة الأقصر في الثانية صباحا متجهًا إلى القاهرة لعلاج كسر يده اليمنى، وبعد وقت قليل وحين أعلنت عقارب الساعة الثالثة فجرًا همّ عجوز سبعيني بالصعود من محطة قنا، ليس له مكان ولم يكن أمامه خيار سوى الوقوف عدة دقائق حتى افترش الأرض ممسكًا بسبحة يده يتنقل بين حباتها واحدة تلو الآخرى متمتمًا بأذكار غير مسموعة، "استنيت شوية يقعد قولت يمكن بيدور على الكرسي اللي حاجزه بس طلع ملوش مكان، ومكانش ينفع أنا أقعد وهو كده" - بحسب ما قاله علام.
العجوز استقل القطار من محافظة قنا في الثالثة فجرا
رفض العجوز السبعيني في البداية مطلب الشاب الثلاثيني بعد أن وقعت عينيه على إصابة مفصل يده اليمنى، "فضلت أتحايل عليه"، حتى وافق على استحياء، وبين كل مسافة من الوقت يحاول إقناع "علام" بالعودة إلى كرسيه لراحة يده، "كل ربع ساعة يقولي يا ابني تعالى أقعد عشان متتعبش وأنا رفضت".
ست ساعات كاملة مضت حتى جاءت محطة المنيا، "وجهة العجوز"، نهض من مقعده موجها عبارات الشكر والثناء للشاب الثلاثيني، وجلس الأخير بعدها فقط في مقعده ليستريح، "فرحت بدعواته ليا هو ده اللي أنا محتاجه بس".
علام: اتفاجئت بوالدي بيقولي تعالى اتفرج على الفيس بوك في حد صورك
بعد رحلة علاج انتهت في نفس اليوم استقل علام القطار مرة أخرى في طريق عودته إلى محل إقامته بالأقصر، وفور وصوله بيته فوجئ بوالده يخبره بأن ما فعله مع العجوز السبعيني بات متداولا على صفحات الفيس بوك الخاصة بأهل الصعيد، "اتفاجئت بوالدي بيقولي تعالى اتفرج على المنشور على فيس بوك في حد صورك وأنت مش واخد بالك"، معتبرًا أن ما فعله هو الواجب فقط.