جو بايدن !
- د.محمد صفى الدين خربوش
- جو بايدن
- انتخابات الرئاسة الأمريكية
- د.محمد صفى الدين خربوش
- جو بايدن
- انتخابات الرئاسة الأمريكية
استقبلت الأبواق الإخوانية الإعلان عن فوز المرشح الديمقراطى فى انتخابات الرئاسة الأمريكية جو بايدن بتهليل يوحى بأن بايدن كان مرشح الإخوان أو مرشح حزب الحرية والعدالة، وليس مرشح الحزب الديمقراطى الأمريكى، أحد الحزبين الرئيسيين فى النظام السياسى الأمريكى، والذى يتنافس فى كل انتخابات مع نظيره الجمهورى على منصب الرئيس وعلى الأغلبية فى مجلسى النواب والشيوخ. وقد احتفت تلك الأبواق ببعض تصريحات بايدن إبان حملته الانتخابية احتفاءً يُخيَّل لمن يستمع إليها أن بايدن سوف يقوم بتطبيق برنامج النهضة الوهمى للإخوان لإقالة الولايات المتحدة من عثراتها، وسوف يعيد الإخوان إلى السلطة فى مصر وفى غيرها من الدول العربية.
وفى ظل هذا التهليل وذلك الاحتفاء، على الإخوان ومريديهم ألا يعيدوا تكرار نفس الأخطاء وارتكاب نفس الخطايا، من خلال تذكر الحقائق الآتية:
أولاً: ظلت قيادات الإخوان قبيل الثالث من يوليو عام 2013 ترفض أى مقترحات أو مبادرات للإصلاح استناداً إلى الدعم القوى من الإدارة الأمريكية فى عهد الرئيس باراك أوباما ونائبه جو بايدن. وظلت تلك القيادات تعتقد أن الإدارة الأمريكية سوف تحول دون الإطاحة بهم من السلطة، وتم الاستمرار فى نهج يتسم بالتعنت والاستعلاء بسبب الاطمئنان إلى الدعم الأمريكى القوى. وقد تمكنت القوات المسلحة من الإطاحة بالإخوان من السلطة وسط تأييد شعبى جارف. ولم تستطع الإدارة الأمريكية فى ظل رئاسة أوباما ونائبه بايدن تحدى إرادة الأغلبية الكاسحة من المصريين.
ثانياً: ظلت القيادات الإخوانية قصيرة النظر على اقتناعها بقدرة إدارة أوباما على التأثير على السياسات المصرية بعد الثالث من يوليو. وكان القرار الأرعن باستمرار الاعتصام فى كل من رابعة والنهضة نابعاً من وجهة نظر حمقاء بالقدرة على تحدى النظام الجديد المؤيَّد شعبياً، انتظاراً للدعم المتوهم من الأصدقاء فى الإدارة الأمريكية.
ثالثاً: ظلت إدارة الرئيس الأمريكى الديمقراطى باراك أوباما فى البيت الأبيض ثلاث سنوات ونصف، بعد الثالث من يوليو 2013، وكان جو بايدن المحتفَى بفوزه نائباً له. فماذا فى جعبة بايدن من أوراق لم تكن متاحة لأوباما، حتى يستطيع التأثير على السياسات المصرية؟!.
رابعاً: يضطلع الكونجرس الأمريكى بمجلسيه، إلى جانب رئيس الجمهورية، بدور محورى فى صنع السياسات الأمريكية، وقد تمكن الديمقراطيون من السيطرة على الأغلبية فى مجلس النواب خلال النصف الأخير من فترة رئاسة الرئيس ترامب.
خامساً: يعتبر الحزب الديمقراطى الأمريكى «ليبرالياً»، فى مقابل اتسام الحزب الجمهورى بكونه أكثر محافظة. ومن ثم، عُرف عن زعماء الحزب الديمقراطى فى الرئاسة وفى الكونجرس الدفاع عن حقوق الأقليات وحقوق الإنسان وحقوق أخرى لا نعتقد أن أعضاء الإخوان يجرؤون على الحديث عنها أمام الرأى العام.
سادساً: لا يختلف الحزب الديمقراطى عن نظيره الجمهورى فى التأييد التام لإسرائيل، وعادة ما كانت الإدارات الديمقراطية أكثر انحيازاً لإسرائيل. وإذا كانت إدارة ترامب قد أقدمت على نقل السفارة الأمريكية إلى القدس وأنكرت حل الدولتين؛ فعلى المهللين لفوز بايدن وتصريحاته عن مصر وعدد من الدول العربية أن يراجعوا تصريحاته عن إسرائيل وعن الصهيونية.
سابعاً: منذ استقلال الولايات المتحدة، تعاقَب رؤساء جمهوريون وديمقراطيون، واختلفت الأغلبية فى كل من مجلسى النواب والشيوخ من فترة إلى أخرى، وظل المسئولون الأمريكيون يسعون لتحقيق المصالح الأمريكية فى المنطقة العربية وفى غيرها من مناطق العالم، مع تباين رؤى تحقيق تلك المصلحة بين الإدارات الجمهورية والديمقراطية، وحتى بين الرؤساء المنتمين لنفس الحزب.
لقد كان كل من كينيدى وجونسون وكارتر وكلينتون وأوباما ديمقراطيين، بينما كان كل من نيكسون وفورد وريجان وبوش الأب والابن وترامب جمهوريين، ولم يكن أى من هؤلاء نسخة مكررة من الآخر.
ثامناً: تعاملت مصر منذ السبعينات مع كل الإدارات الأمريكية المتعاقبة، الجمهورية والديمقراطية على السواء، ولا يمكن لمصر بمكانتها أن تتجاهل أهمية الولايات المتحدة ذات الدور العالمى الأكثر تأثيراً. وتسعى مصر باليقين إلى الحفاظ على علاقات جيدة مع جميع دول العالم، لاسيما مع القوى العظمى ذات المواقف الأشد تأثيراً على منطقتنا وعلى العالم أجمع، وفى مقدمتها الولايات المتحدة وروسيا الاتحادية والصين. ولم يمنع ذلك فى الماضى، ولن يمنع فى المستقبل، أن تشهد العلاقات مع أى من هذه الدول موجات من المد والجزر، ما دام المسئولون المصريون يسعون لتحقيق مصلحة مصر وشعبها، وليس مصلحة جماعة ضيقة الأفق راهنت، ولا تزال تراهن، على الخارج، وتميزت دائماً بخسارة الرهان.