دعوات مقاطعة في وجه التجاوز.. التفاصيل الكاملة للإساءة للإسلام بفرنسا

كتب: دينا عبدالخالق

دعوات مقاطعة في وجه التجاوز.. التفاصيل الكاملة للإساءة للإسلام بفرنسا

دعوات مقاطعة في وجه التجاوز.. التفاصيل الكاملة للإساءة للإسلام بفرنسا

بين إصابات هائلة بفيروس كورونا، وحريق هائل في مبنى بميناء لو هافر، اشتعلت أزمة أخرى ضخمة في فرنسا قبل نحو 20 يوما، وتفاقمت حدّتها بشدة خلال الساعات القليلة الماضية، بسبب تصريحات للرئيس إيمانويل ماكرون.

خلال الساعات القليلة الماضية، أثار الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، موجة من الغضب بين المسلمين، خلال مراسم تأبين المعلم المقتول، صاموئيل باتي، حيث قال: "سنواصل أيها المعلم، سندافع عن الحرية التي كنت تعلمها ببراعة، وسنحمل راية العلمانية عاليا، لن نتخلى عن الرسومات والكاريكاتيرات وإن تقهقر البعض"، ليتصدر هاشتاج الإساءة للإسلام بالمنطقة العربية.

وتستعرض "الوطن" أبرز محطات الأزمة التي تأججت الشهر الحالي، كما يلي:

2 أكتوبر: قال ماكرون إنّ "الدين الإسلامي يمر بأزمة عميقة"، وأنّ بلاده ستتصدى لـ"الانعزالية الإسلامية" الساعية إلى "إقامة نظام مواز له قيم أخرى"، مضيفا أنّ الدين الإسلامي "يمر بأزمة في جميع أنحاء العالم ولا نراها في بلادنا فقط، وهي أزمة عميقة مرتبطة بالتوترات بين الأصوليين والمشاريع الدينية السياسية".

وأثارت تلك التصريحات أزمة كبرى بالمنطقة العربية والمسلمين في الغرب وخاصة فرنسا، الذين رفضوها بشدة، وتداولوا عدة تغيريدات ومنشورات عبر مواقع التواصل الاجتماعي لمهاجمة ماكرون.

3 أكتوبر: رفض مجمع البحوث الإسلامية بالأزهر، تلك التصريحات التي تتضمن باتهامات باطلة لا علاقة لها بصحيح هذا الدين، مؤكدًا أنّ مثل هذه التصريحات العنصرية من شأنها أن تؤجج مشاعر ملياري مسلم ممن يتبعون هذا الدين الحنيف، وأنّ إصرار البعض على إلصاق التهم الزائفة بالإسلام أو غيره من الأديان كالانفصالية والانعزالية، هو خلط معيب بين حقيقة ما تدعو إليه الأديان من دعوة للتقارب بين البشر وعمارة الأرض

4 أكتوبر: أبدى الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف، غضبه تلك التصريحات واستخدام مصطلح "الإرهاب الإسلامي"، في حديث وزير الداخلية الفرنسي، جيرالد دارمانين، والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون.

وغرّد الطيب، عبر حسابه على تويتر، محذّرا من التأثيرات السلبية للتصريحات، قائلا: "في الوقت الذي نسعى فيه مع حكماء الغرب لتعزيز قيم المواطنة والتعايش، تصدرُ تصريحات غير مسؤولة، تتخذ من الهجوم على الإسلام غطاءً لتحقيق مكاسب سياسية واهية"، مشددًا على أنّ "هذا السلوك اللاحضاري ضد الأديان يؤسِّس لثقافة الكراهية والعنصرية ويولِّد الإرهاب".

 

16 أكتوبر: أعلنت السلطات الفرنسية، أنّ نيابة مكافحة الإرهاب فتحت تحقيقا بعد العثور على رجل مقطوع الرأس، قرب مدرسة في بلدة كونفلان سان أونورين شمال غرب العاصمة باريس في نحو الساعة الخامسة مساء بالتوقيت المحلي الفرنسي، فضلا عن أنّها أطلقت النار على مشتبه به في بلدة إراجني المجاورة.

وعقب ذلك، أفادت الشرطة الفرنسية بأنّ القتيل هو أستاذ التاريخ في مدرسة صاموئيل باتي، 47 عاما، عرض مؤخرا رسوما كاريكاتورية للنبي محمد في حصة دراسية حول حرية التعبير.

وعلق على الواقعة باليوم نفسه، الرئيس الفرنسي، الذي انتقل للمدرسة، بقوله إنّ المعلم عرض على تلامذته في المدرسة الإعدادية رسوما كاريكاتورية للنبي محمد كان يستهدف بهذا الهجوم ضرب حرية التعبير، مضيفا: "البلاد بأكملها تقف مع المعلمين، الإرهابيون لن يقسموا فرنسا.. الظلامية لن تنتصر".

 

17 أكتوبر: أعلنت الشرطة مزيدا من التفاصيل حول الواقعة، بأنّ الجاني هو شاب بالغ من العمر 18 عاما، وأنّه تحدث إلى تلاميذ في الشارع، وطلب منهم أن يشيروا له نحو ضحيته، وأنّ ذلك الشاب من أصل شيشاني ومولود في موسكو، بينما ارتفع عدد الموقوفين في القضية يومها إلى 9 أشخاص، فضلا عن القبض على القاتل.

18 أكتوبر: انعكست تلك الأحداث المتلاحقة والاستغلال الإرهابي لها، في إشعال العنصرية بفرنسا، ليقع ضحيتها المسلمون بها ويدفعون ثمن الإرهاب، لتتعرض سيدتين من أصول عربية للهجوم بسكين قرب برج إيفل في باريس، بعد ما وجهت لهم سيدة سبابا وألفاظ عنصرية ووصفتهما بـ"العرب القذرين"، وتعرضت السيدتان إلى 6 طعنات، حيث ترقد إحداهما في المستشفى بسبب ثقب في الرئة، بينما خضعت الأخرى لعملية جراحية في إحدى يديها.

وتلقى عدد من المساجد تهديدات بالعنف بعد الحادث الأخير، وبسبب ذلك طلب وزير الداخلية الفرنسي جيرارلد دارمانين، السلطات المحلية، بوضع المساجد في مدينتي بوردو وبيزييه تحت حماية الشرطة، ووجّه بطرد 231 أجنبيا مدرجين على قائمة المراقبة، للاشتباه في أنّهم يتبنون فكرا دينيا متطرف.

وأغلقت السلطات الفرنسية مسجد بانتان قرب باريس، لمدة 6 أشهر، بعد ما نشر إمام المسجد مقطع فيديو يندد بعرض المعلم الفرنسي رسوما كاريكاتورية تمثل النبي محمد.

 

19 أكتوبر: التقى الرئيس الفرنسي أسرة المدرس القتيل في قصر الإليزيه، لمواساتهم وبحث ترتيبات تكريم وتشييع الجثمان، واختار السوربون مسرحا لمراسم تكريمه، كونه الأثر التاريخي الذي يعد رمز للأنوار والإشعاع الثقافي والأدبي والتعليمي في فرنسا.

وأعلن وزير التعليم الفرنسي جون ميشيل بلانكير، منح المدرس صامويل باتي، وسام جوقة الشرف وهو أعلى وسام في فرنسا.

 20 أكتوبر: أعلن ماكرون، تفكيك مجموعة "الشيخ ياسين" المقربة من تنظيم الإخوان، مؤكدا أنّ "التحركات ستتكثف" ضد الجماعات المتطرفة بعد قتل مدرس التاريخ الفرنسى.

وأضاف ماكرون: "يجب حماية مواطنينا المسلمين من المتطرفين"، مطالبا المسؤولين المعنين بشؤون الأمن في البلاد باتخاذ إجراءات عاجلة لمكافحة الإرهاب، مشيرا إلى أنّه سيترأس جلسة استثنائية لمجلس الدفاع الفرنسي لبحث قضايا التصدي للإرهاب في فرنسا.

 

21 أكتوبر: قال المدعي العام الفرنسي لمكافحة الإرهاب، جون فرانسوا ريكار، إنّ السلطات ألقت القبض على 16 شخصا بينهم 5 قاصرين في ملف مقتل أستاذ التاريخ، إذ إنّ طلابا في الإعدادية التي كان يدرّس فيها الأستاذ أرشدوا الإرهابي لمكان الضحية مقابل مبلغ من المال يتراوح بين 300 و350 يورو.

وفي اليوم ذاته، أقيم حفل تأبين المعلم المقتول، الذي حضره ماكرون، وقال فيه: "سنواصل أيها المعلم.. سندافع عن الحرية التي كنت تعلمها ببراعة وسنحمل راية العلمانية عاليا، لن نتخلى عن الرسومات والكاريكاتيرات وإن تقهقر البعض، سنقدم كل الفرص التي يجب على الجمهورية أن تقدمها لشبابها دون تمييز وتهميش، سنواصل أيها المعلم مع كل الأساتذة والمعلمين في فرنسا، سنعلم التاريخ مجده وشقه المظلم وسنعلم الأدب والموسيقى والروح والفكر".

 

22 أكتوبر: انتشرت تلك التصريحات كالنار في الهشيم، وأجّجت الغضب بين المسلمين بالعالم والمنطقة العربية ليتورط ماكرون في تهمة الإساءة للنبي، ليحتل ماكرون قائمة أكثر الموضوعات التي تفاعل معها المغردون في المملكة العربية السعودية، تحت هاشتاج "ماكرون يسيئ للنبي"، لانحيازه المثير للجدل في تلك القضية.

كما انتقدت عدة مؤسسات دينية إسلامية، فرنسا، بينما تعالت الدعوات العربية لمقاطعة البضائع الفرنسية، بسبب تصريحات لمسؤولين فرنسيين، اُعتبرت "مُسيئة" للإسلام.

24 أكتوبر: رفض شيخ الأزهر، الدكتور أحمد الطيب، أن تكون رموز الدين الإسلامي ومقدساته "ضحية مضاربة رخيصة في سوق السياسات والصراعات الانتخابية"، عبر حساباته المختلفة بمواقع التواصل الاجتماعي، معلنا استنكاره الحملة الشرسة الممنهجة على الإسلام.

وقال الطيب: "نشهد الآن حملةً ممنهجةً للزج بالإسلام في المعارك السياسية، وصناعةَ فوضى بدأت بهجمةٍ مغرضةٍ على نبي الرحمة صلى الله عليه وسلم، لا نقبلُ بأن تكون رموزُنا ومقدساتُنا ضحيةَ مضاربةٍ رخيصةٍ في سوق السياسات والصراعات الانتخابية".

وأضاف: "أقول لمَن يبررون الإساءة لنبي الإسلام، إنّ الأزمة الحقيقية هي بسبب ازدواجيتكم الفكرية وأجنداتكم الضيقة، وأُذكِّركم أنّ المسؤوليةَ الأهمَّ للقادة هي صونُ السِّلم الأهلي، وحفظُ الأمن المجتمعي، واحترامُ الدين، وحمايةُ الشعوب من الوقوع في الفتنة، لا تأجيج الصراع باسم حرية التعبير".


مواضيع متعلقة