فيديو.. عم "روبي" 54 عامًا في نحت الجمال.. رحلة أقدم صانع للفخار بالفيوم
فيديو.. عم "روبي" 54 عامًا في نحت الجمال.. رحلة أقدم صانع للفخار بالفيوم
عمل في صناعة الفخار منذ كان عمره 8 أعوام ويحلم بدخول موسوعة "جنيس"، وتسببت "كورونا" في وقف تصدير منتجاته وتوقف عمله، حيث طالب "روبي" المسؤولين بضرورة توفير أفران حرق الفخار الحديثة لهم، حيث يعتبر "فخار فانوس" الأول عالميًا ويُصدر لعدة دول عربية وأجنبية
البداية من طريق صغير محاط بالأراضي الزراعية من الجانبين يأخذك إلى مساحة شاسعة من الأرض في قرية فانوس التابعة لمركز طامية، حيث تتراص فيها آلاف القطع الفخارية في أشكال هندسية رائعة، تأسرك فور رؤيتك لها، فلا تستطيع أن تحوّل عينيك من عليها، كل ما تفعله أنك تترك عينيك تستمتع بذلك الجمال.
ووسط آلاف القطع الفخارية يجلس عم روبي حسين جودة، صاحب الـ (62 عامًا) تدور قدمه على قرص خشبي بينما يستخدم كلتا يديه في تشكيل القطع الفخارية بدقة وبراعة، قائلًا إنّه عشق صناعة الفخار منذ طفولته حينما كان يرى والده يُحوّل الطين إلى أشكال جميلة من المزهريات والقُلل ويُبدع في صنع القطع الفخارية، فعشق تلك الصنعة.
ويروي "عم روبي" لـ"الوطن أنّه كان دائمًا يجلس بجوار والده ليتعلم منه "سر الصنعة" ولكن كان والده دائمًا يرفض تعليمه بحجة صغر سنه حتى استجاب لإلحاحه أخيرًا ووافق على تعليمه نحت الجمال على الطين حينما بلغ الثامنة من عمره، وحينما رأى تفوقه قرر أن يجعله المساعد الخاص به.
وأشار إلى أنّه بدأ رحلته بصناعة القطع الصغيرة والسهلة مثل القلل والإبريق والزهرية، وحينما بلغ الثانية عشر من عمره كان قد أتقن صناعة الفخار، وأصبح يصنع القطع الكبيرة مثل الزير، والفازات الكبرى المخصصة للزينة، والبلاص المخصص لحفظ "المش والعسل الأسود"، موضحًا أنّ صناعة الفخار أصبحت حرفة أهل القرية بعدما كانوا بلا عمل خصوصًا بعدما ذاع صيت فخار فانوس في العديد من الدول العربية والأجنبية.
وكشف "عم روبي" أنّ فانوس تضم 25 ورشة لصناعة الفخار، يعمل بها 200 شاب، وتخصصوا في صناعة القطع الفخارية الضخمة التي تستخدم للزينة في الفلل والفنادق، بالإضافة إلى تلك القطع التي تستخدم في الطهي، مؤكدًا أنّ احترافيتهم وإتقانهم لحرفتهم جعلهم مقصدًا للكثير من التجار في عدة دول عربية وأجنبية أهمها قبرص وإيطاليا وهولندا وبلجيكا وفرنسا وسويسرا، وفي الدول العربية منها الكويت واليمن والسعودية.وأشار إلى أنّ "فيروس كورونا" أثر بشكل كبير على عملهم، حيث كانوا يصدرون حمولة "2 كونتنير" أو ثلاثة أسبوعيًا ولكنهم لا يصدرون أي شئ منذ ظهور الفيروس، ما أثر على عملهم بشكلٍك كبير، ويعتمدون على التسويق محليًا لأصحاب الفلل والكافيهات، ومعارض المنتجات اليدوية، كاشفًا أنّه يبدأ العمل فجر كل يوم وحتى المغرب.
ونوّه إلى أنّ الأسعار لديهم مختلفة جدًا والجميع يتربح منها، فالقطع لديهم تتراوح أسعارها بين 20 إلى 300 جنيهًا حسب الحجم واللون، بينما يأخذ التجار بعض القطع ويقومون بتلوينها ثم يضيفون أرباح أخرى عليها ويبيعوها، خصوصًا المزهريات الكبيرة التي تستخدم في الفنادق.
وعن صناعة الفخار، بيّنّ "عم روبي" أنّهم يخلطون طمي البحر بطمي "أسواني" وهو رماد شبيه للكحل، ثم يتم عجنهم معًا داخل أحواض مليئة بالمياه وتترك عدة أيام ويتم تقليب الطمي عدة مرات في الأحواض للتخلص من كافة التكتلات، ثم يتم غربلته لإزالة الشوائب منه، بعد ذلك يتم عجن الطين جيدًا لإخراج الهواء منه والتأكد من خله من أي شوائب، وأخيرًا يتم تشكيل الطين على "الدولاب" حسب الشكل المطلوب.ولفت إلى أنّه يجب ترك قطعة الفخار جيدًا، حيث يتم تركها في الظل بعد تشكيلها لمدة ثلاثة أيام، ثم يتم وضعها في الشمس لمدة يومين حتى تجف المياه منها تمامًا، ثم يتم رصها في الفرن لمدة يومين وبعد ذلك يتم حرقها، وأخيرًا تترك يومين في الفرن بعد حرقها حتى تبرد وعند ذلك تصبح جاهزة للبيع.
أمّا عن القطع التي يقوم بزراعتها، أوضح عم روبي أنه يصنع القُلة والزير والبلاص والزهرية والقصرية والزلعة والفازات الضخمة وقطع ديكورية كل شئ ما عدا "البوكلة" حيث أنّ لها "صنايعي" خاص بها لأنها يتم صناعتها في حفرة بالأرض ولكن صانعو الفخار بفانوس يعملون على الدولاب فقط.
وطالب عم "روبي" الدكتور أحمد الأنصاري محافظ الفيوم بتوفير أفران حرق الفخار بالقرية أسوةً بقرية تونس، لأنهم يحرقون منتجاتهم بالطريقة البدائية بواسطة الخشب مما يضر البيئة نتيجة تصاهد أدخنة كثيفة، أمّا الأفران الحديثة فهي صديقة للبيئة وتعمل بالغاز الطبيعي أو السولار.
وختم "عم روبي" قائلًا أنهم يشاركون في المعارض الدولية، ومعارض الحرف اليدوية بالقاهرة، موضحًا أنهم صنعوا أكبر قطعة فخار في العالم وهي عبارة عن مزهرية طولها 8 أمتار ويحلمون بالدخول في موسوعة "جينس" من خلالها.