"التحرش زاد ليه" يتصدر "تويتر" وسط تحذيرات من "الإفتاء" والطب النفسي

كتب: أحمد محمد الشرقاوي

"التحرش زاد ليه" يتصدر "تويتر" وسط تحذيرات من "الإفتاء" والطب النفسي

"التحرش زاد ليه" يتصدر "تويتر" وسط تحذيرات من "الإفتاء" والطب النفسي

ارتفعت حالات التحرش داخل المجتمع المصري خلال الآونة الأخيرة، حيث كان آخرها ما حدث مع "فتاة المعادي" التي لقيت مصرعها قبل يومين، مما أدى إلى تساؤل البعض عن أسباب زيادة حالات التحرش، عبر تدشين "هاشتاج" حمل عنوان "التحرش زاد ليه" على موقع "تويتر".

وتنوع التفاعل مع الهاشتاج ما بين تغريدات ساخرة وأخرى جادة وغيرها حزينة من الحال التي وصل إليها المجتمع المصري.

ويرى البعض أن زيادة التحرش ترجع إلى ضعف الوازع الديني، حيث علق حساب يحمل اسم "عاصم التركي" بقوله: "لأن محدش بقى بيخاف من ربنا لأن مبقاش فيه حد بيتقي ربنا ولا حد بقى قريب من ربنا وكما تدين تدان زي ما المتحرش بيعمل في بنات الناس ويغتصب حتترد في أهل بيته لأن ربنا مابيسيبش ظالم ولا بيسيب حق حد ولا حول ولا قوة إلا بالله".

كما غرد حساب يحمل اسم "محمد رجب" قائلًا: "عشان بعدنا عن ربنا الشاب بيتحرش دون خوف من غضب ربنا"، وذكر حساب يحمل اسم "منى أحمد": "محدش يقول البنت عشان بتلبس كذا وضيق ومقطع حتى لو لابسة عباية ومافيش حاجة ملفته بردو الشاب مبيسبهاش في حالها"، فيما كتب آخر: "السبب الضغط العصبى على الشباب والظروف الاقتصادية الصعبة، الشباب مش عارفة تتجوز وتكون اسرة عشان الشاب يتجوز عاوز مئات الألوف".

من كبائر الذنوب

وكانت دار الإفتاء المصرية قد دخلت على خط التحذير من التحرش، مؤكدة في بيان لها في يوليو الماضي أن إلصاقُ جريمة التحرش النكراء بقَصْر التُّهْمَة على نوع الملابس وصفتها، "تبريرٌ واهمٌ لا يَصْدُر إلَّا عن ذوي النفوس المريضة والأهواء الدنيئة؛ فالمسلم مأمورٌ بغضِّ البصر عن المحرَّمات في كل الأحوال والظروف".

وتابعت: "الـمُتَحَرِّش الذي أَطْلَق سهام شهوته مُبَرِّرًا لفعله؛ جامعٌ بين منكرين: استراق النظر وخَرْق الخصوصية به، والنبي صلى الله عليه وآله وسلم، قال: "إِيَّاكُمْ وَالجُلُوسَ عَلَى الطُّرُقَاتِ"، فَقَالُوا: مَا لَنَا بُدٌّ، إِنَّمَا هِيَ مَجَالِسُنَا نَتَحَدَّثُ فِيهَا، قَالَ: "فَإِذَا أَبَيْتُمْ إِلَّا المَجَالِسَ، فَأَعْطُوا الطَّرِيقَ حَقَّهَا"، قَالُوا: وَمَا حَقُّ الطَّرِيقِ؟ قَالَ: "غَضُّ البَصَرِ، وَكَفُّ الأَذَى، وَرَدُّ السَّلاَمِ، وَأَمْرٌ بِالْمَعْرُوفِ، وَنَهْيٌ عَنِ المُنْكَرِ" (متفق عليه).

وقبل يومين، أكدت "الإفتاء" "أن التحرش الجنسي حرامٌ شرعًا، وكبيرةٌ من كبائر الذنوب، وجريمةٌ يعاقب عليها القانون، ولا يصدر إلا عن ذوي الأهواء الدنيئة، والنفوس المريضة التي تُسوِّلُ لهم التلطُّخَ والتدنُّسَ بأوحال الشهوات بطريقةٍ بهيميةٍ، وبلا ضابط عقليٍّ أو إنسانيٍّ.

وأضافت "أن الشرع الشريف قد عظَّم من انتهاك الحرمات والأعراض، وقبَّح ذلك ونفَّر منه، وتوعد فاعلي ذلك بالعقاب الشديد في الدنيا والآخرة، فالنبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: "إِنَّ اللهَ لَيُبْغِضُ الْفَاحِشَ الْبَذِيَّ".

وأشارت الدار إلى "أن الشرع كذلك أوجب على أولي الأمر أن يتصدوا لمظاهر هذه الانتهاكات المُشينة بكل حزم وحسم، وأن يأخذوا بقوة على يد كل من تُسَوِّل له نفسُه ارتكاب مثل هذه الأفعال المحرمة".

أنواع التحرش

وقال الدكتور محمد المهدي، أستاذ الطب النفسي بجامعة الأزهر، إن التحرش أنواع متعددة، مشيرًا إلى "أنه ينقسم إلى التحرش العرضي، وهو شخص عادي كان مع الضحية في مكان ما في نفس التوقيت، وشعر وقتها بالضعف تجاه الضحية، وبالتالي تعرض لها بالتحرش، وأنه ليس من الضرورة أن يُكرر ذلك السلوك لأنه ليس لديه دوافع قوية للتحرش ولكن جاءت الواقعة وفقًا لظروف خاصة في وقتها فقط".

وأكد "المهدي" أن النوع الآخر منه هو "التحرش المرضي، وفيه نوع من الضغط الداخلي لدى الشخص أو نوع من الاضطرابات والتشوهات النفسية تدفعه لممارسة التحرش، وينقسم هو الآخر إلى عدة أنواع منها التحككي وهو الذي ينتهز فرصة الوجود في أماكن مزدحمة ويتحكك بالسيدات أو الفتيات".

وتابع أن منها "الاستعرائي، وممارسه يجد النشوة لديه عندما يُظهر أعضاءه الجنسية أمام الضحية ويستمتع بحالة الدهشة أو الصدمة لديها، ومنها أيضًا السادي، وعندها يستمتع المتحرش بتعذيب الضحية بحيث تصبح خائفة أو مرعوبة نفسيًا أو جسديًا، وأخيرًا السيكوباتي، وهنا يتحرش الشخص بالضحية ويمارس بعدها الابتزاز عن طريق صور أو فيديوهات خاصة بالضحية".

وقال: "الحالات المرضية للمتحرش لا تعني إعفاءه من العقوبة الجنائية أو المساءلة القانونية، بل نضعها فقط في الاعتبار لتوضيح أنه لديه قابلية لتكرار واقعة التحرش".

آثار سلبية

وأشار أستاذ الطب النفسي إلى "أن واقعة التحرش لها آثار سلبية على الفتاة التي تعرضت للتحرش، سواء آثار قريبة المدى وهي الشعور بالإهانة الشديدة والصدمة والغضب وأحيانا بالقلق والخوف والتوتر، واضطراب النوم وفقدان الشهية، وأحيانًا تتوجه لنفسها باللوم على أنها السبب في ذلك".

وذكر أنه "في أوقات أخرى تكون لديها الرغبة في الانتقام، ومن الممكن أن تدخل في مرحلة اكتئاب أو ما يسمى بكرب ما بعد الصدمة، أما الآثار بعيدة المدى والتي تظهر خاصة إذا تكررت وقائع التحرش، يصبح لديها نوع من الاكتئاب وفقد الرغبة في الأشياء، ونظرة سلبية تجاه الجنس الآخر بحيث ترى الرجل كائنًا حيوانيًا وعُدوانيًا، ومن الممكن أن يؤثر عليها في رفض فكرة الزواج فيما بعد".

وأكمل: "في حالات أخرى لدى بعض الفتيات من الممكن مع تكرر الوقائع أن ينفتح عندها هذا الملف وتصبح متقبلة فكرة انتهاك الخصوصية لديها وقد تنغمس في ممارسات جنسية منفلتة وخاصة إذا حدث ذلك من خلال أحد المحارم".

تعامل الأسرة

أما عن تعامل الأسرة مع الفتاة أو السيدة التي تعرضت للتحرش، أوضح "المهدي" "أنه لا يجب أن يبدأ أفراد الأسرة بتوجيه اللوم لها ومحاسبتها، ولكنهم يجب أن يستمعوا إليها جيدًا ويشجعوها على حكاية تفاصيل أكثر، ويبدأوا في إجراءات الحصول على حقها من المتحرش".

وأضاف "لازم يبقوا مساندين لها جدًا في المرحلة دي، لأنهم لو عملوا العكس ووجهوا اللوم لها في البداية هتقفل ويزداد الأذى النفسي لديها، وتبقى كده اتأذت مرتين، مرة من المتحرش ومرة من أسرتها".

وأكد "أنه في الغالب لا تحتاج اللاتي تعرضن للتحرش إلى طبيب، ولكن هناك بعض الحالات القليلة وتصل نسبتها إلى 20% هي التي لا تستطيع المرور بسلام من ذلك الموقف، وهي الحالات التي تعرضت فيها للتهديد أو العنف أو إهانة شديدة أو تكررت أكثر من مرة، أو جاءت من أحد المحارم، وتحتاج وقتها إلى برنامج للتعافي من آثار تلك الصدمة".

وختم بقوله "ده يتوقف على التماسك النفسي وصلابة الشخصية قبل حادث التحرش، والمساندة اللي وجدتها".


مواضيع متعلقة