70 عاما والقارئ الرسمي للدولة ينحصر بين "مصطفى إسماعيل" و"أحمد نعينع"

كتب: محمد شنح

70 عاما والقارئ الرسمي للدولة ينحصر بين "مصطفى إسماعيل" و"أحمد نعينع"

70 عاما والقارئ الرسمي للدولة ينحصر بين "مصطفى إسماعيل" و"أحمد نعينع"

"يقال لصاحب القرآن اقرأ وارتق ورتل كما كنت ترتل في الدنيا فإن منزلتك عند آخر آية تقرأها".. قول الرسول الكريم "صلى الله عليه وسلم"، يحدثنا فيه عن منزلة قارئي القرآن الكريم، ومصر عرفت حناجر ذهبية، أدمعت العيون وأضحكت القلوب بترتيلها العذب لآيات الذكر الحكيم، وكان من بين هؤلاء محمد رفعت قيثارة السماء، وعبد الباسط عبد الصمد صاحب الحنجرة الذهبية، ومنهم من نال لقب القارئ الرسمي للدولة، لاقتران سماعهم بمناسبة رسمية وطنية أو دينية يحضرها الحاكم وكبار رجال الدولة. أشهر هؤلاء كان الشيخ مصطفى إسماعيل، معجزة التلاوة في مصر، والذي ظل لأكثر من 35 عاما القارئ الرسمي للدولة، يتردد صدى ترتيله في القصور الملكية والمناسبات الرسمية، بداية من عهد الملك فاروق، في واقعة طريفة، فاستدعاه الملك إلى قصره بالبوليس من بيته، وتم ترحيله من مديرية الغربية إلى قصر عابدين، واستقبلوه بترحاب وقابله رئيس الديوان الملكي في ذلك الوقت مراد باشا محسن وقال له: "سمعتك أنا والملك فاروق تقرأ القرآن في الإذاعة، وأعجب الملك بصوتك، وقرر اختيارك لتكون قارئا للقصر الملكي" وكان ذلك في عام 1943، ومن وقتها وحتى ثورة يوليو 1952، ظل أحد سكان فندق "شبرد" بأمر الملك، ولم يكن الشيخ مصطفى إسماعيل، وحده قارئ القصر الملكي، بل كان وقتها يرتل معه، كبار المشايخ مثل الشيخ أبو العنين شعيشع، ثم الشيخ محمد عكاشة، ثم الشيخ طه الفشني، وكانوا يفتتحون الحفلات الملكية. انتقلت مصر من الملكية إلى الجمهورية، وظل الشيخ مصطفى إسماعيل، القارئ الرسمي للدولة، بعد ثورة 23 يوليو 1952، في عهد محمد نجيبي كان يفتتح جميع الحفلات الرسمية، واستمر في عصر الرئيس جمال عبدالناصر، الذي منحه وسام الاستحقاق عام 1965، كما كان على علاقة قوية بالرئيس السادات، وكان السادات يقلد صوته ويتبارك به، لدرجة أنه اصطحبه معهه إلى إسرائيل، وزار المسجد الأقصى وصلى به وقرأ قرآن الفجر منه للإذاعة المصرية، وظل مصطفى إسماعيل المقرئ الرسمي للدولة حتى رحيله في عام 1978.[FirstQuote] "نعينع" تسلم الراية من مصطفى إسماعيل، بعد وفاته، بوصلة مديح من الرئيس الراحل أنور السادات، الذي قال عند سماع صوت المجند بالقوات البحرية أحمد نعينع: "أنت مصطفى إسماعيل في الأربعينيات"، ومن عام 1979 وحتى الآن ظل أحمد نعينع قارئ الدولة الرسمي، مر عليه 4 رؤساء، وثورتين، وما زال هو القارئ الذي سار على خطى مصطفى إسماعيل لمدة 35 عاما أيضا. 70 عاما، أحتل فيها مصطفى إسماعيل وأحمد نعينع، منصة القراءة للملوك والرؤساء، ظهر فيها بعض من المشايخ العظام في مواقف رسمية، كان منهم الشيخ شعبان الصياد، أول قارئ يتلو آيات الله في مسجد القنطرة شرق بمحافظة سيناء في حضور الرئيس الراحل أنور السادات، بعد عودة سيناء إلى مصر من أيدي الاحتلال، وأثنى الرئيس السادات على أدائه، ولكن القدر جعل الشيخ الصياد على رأس عدد من القراء في عزاء الرئيس محمد أنور السادات، كما حدث من قبل في وفاة الزعيم جمال عبدالناصر. أما الشيخ المنشاوي، فقد كان الأبرز في معارضته القراءة أمام الملوك والرؤساء، فرفض أن يكون قارئا بالقصر الملكي عندما طلب منه ذلك الملك فاروق، واشترط على الملك أن تمتنع المقاهي عن تقديم المشروبات ولعب الطاولة اعتبارا من الساعة الثامنة مساء وقت إذاعة القرآن الكريم، والذي كانت تنقله الإذاعة من القصر الملكي قائلا للملك: "إن للقرآن جلاله فهو كلام الله ويجب ألا ينشغل الناس عنه وقت تلاوته بالسؤال عن المشروبات والحديث واللهو ولعب الطاولة"، فقال له الملك: "ذلك يعني أن نكلف حارسا على كل مقهى وهذا أمر يتعذر علينا" فقال الشيخ: "كذلك فهذا أمر يتعذر علينا أيضاً" وفي عهد الزعيم جمال عبدالناصر، حدث موقف مشابه، عندما وجه له أحد الوزراء دعوة للقراءة في حفل قائلاً له: "سيكون لك الشرف الكبير بحضورك حفلا يحضره الرئيس عبدالناصر"، فرفض أن يلبي الدعوة قائلا: "لقد أخطأ عبدالناصر حين أرسل إلي أسوأ رسله".