تنمية "سانت كاترين".. حلم يتحقق بجهود "العربية للتنمية الزراعية"

كتب: خالد عبد الرسول:

تنمية "سانت كاترين".. حلم يتحقق بجهود "العربية للتنمية الزراعية"

تنمية "سانت كاترين".. حلم يتحقق بجهود "العربية للتنمية الزراعية"

وسط جبال وصحراء "سانت كاترين" تنبت الآن ثمار أول مشروع زراعي تنموي متكامل بالمدينة، بعد أن تحولت مصادر المحنة التي كانت تُهدد المدينة، ممثلة في السيول، إلى منحة أمكن استغلال مياهها في إقامة مشروعات تنموية شملت بحيرات جبلية لحصاد المياه وآبار جوفية لإستخراجها وصوب زراعية ومناحل وشتلات للزيتون والتوت والخوخ، وغيرها، في إطار المشروع الرائد الذي بدأت المنظمة العربية للتنمية الزراعية وضع لبناته الأولى قبل سنوات، وأعلنت عنه رسميا مؤخرا.

هذا ما يؤكده الدكتور كامل مصطفى السيد، رئيس مكتب المنظمة العربية للتنمية الزراعية بالقاهرة، قائلا إنه "في إطار الخطط والإستراتيجيات التنموية المتكاملة لجمهورية مصر العربية، وبالتعاون الوثيق مع المكتب القُطري لبرنامج الأغذية العالمي ووزارتي الزراعة واستصلاح الأراضي والموارد المائية والري ومحافظة جنوب سيناء، تقوم المنظمة العربية للتنمية الزراعية، ممثلة في المكتب الإقليمي في الإقليم الأوسط العربي بالقاهرة بتنفيذ المشروع الزراعي المائي المتكامل بمدينة سانت كاترين بغرض دعم المجتمعات البدوية بالمنطقة ورفع مستوى معيشة الأهالي وتوفير فرص عمل للشباب وتعزيز دور المرأة البدوية بهدف خلق مجتمع متعدد الأبعاد الاقتصادية".

وأضاف "كامل"، في تصريحات خاصة لـ "الوطن" أنه "تنفيذا لتوجيهات البروفيسور إبراهيم الدخيري، مدير عام المنظمة العربية للتنمية الزراعية، ولتحقيق إستراتيجية التنمية الزراعية العربية المستدامة للمنظمة، فقد شمل المشروع إنشاء بحيرات جبلية لتجميع مياه السيول والأمطار وإعادة تأهيل آبار جوفية ضحلة وتطهيرها لتكون مصدر شبه دائم لمياه الشرب والزراعة واستخدام وحدات الطاقة المتجددة في الري والإنارة".

وكشف الدكتور كامل، لأول  مرة، عن تاريخ ومكونات هذا المشروع الضخم، مشيرا إلى أنه منذ عام 2013 وحتى الآن تم إنشاء نحو 240 بحيرة جبلية لتجميع مياه السيول والأمطار وتحويلها من محنة تدمر الطرق وتخرب البنيان إلى منحة  بتجميع مياهها والاستفادة منها، حيث تظل نحو 8 أسابيع في البحيرات ومن ثم تغذي الحوض الجوفي ليتم استخراجها بواسطة الآبار الجوفية، والاستفادة منها بعد ذلك في الزراعة والشرب وسقيا الحيوانات.

ويوضح مدير مكتب المنظمة في القاهرة أن حجم المياه الذي يتم حصاده من خلال هذه البحيرات قد يصل إلى حوالي نصف مليون متر مكعب من المياه في كل عاصفة مطرية، وبافتراض أن المنطقة تتعرض في المتوسط ل 4 عواصف ممطرة في السنة، فيمكن أن تتراوح الكمية التي يتم حصادها بين 1 مليون إلى 2 مليون متر مكعب في السنة، وبلغة اقتصادية بسيطة تساعد على تقريب الموضوع، فإن تكلفة المتر المكعب الواحد تصل إلى حوالي 16 قرشا فقط، وهو ما يقل كثيرا عن تكلفة تحلية المتر المكعب من مياه البحر والتي قد تصل إلى 10 جنيهات بدون أخذ التكلفة الباهظة لنقل المياه في الحسبان، وهو ما يوضح الميزة الاقتصادية الممكن التمتع بها بحصاد المياه بهذه الطريقة في هذه المنطقة.

وأضاف أن من أهداف المشروع أيضا رفع مستوى المعيشة من خلال توفير فرص عمل لأهالي منطقة سانت كاترين وخصوصا الشباب منهم، وتعزيز دور المرأة البدوية من خلال بناء قدراتها وتوفير فرص عمل مناسبة لها، ودعم وتطوير أنشطة سبل العيش المستدامة للمجتمعات البدوية في المنطقة بدلا من الإعتماد التام والكامل على السياحة الدينية فقط، وخلق مجتمع مرن ومتعدد الأبعاد الإقتصادية، وإكساب الأهالي خبرات في الزراعة والحصاد، وكيفية تجهيز وتسويق المنتج منه.

ويلفت مدير مكتب المنظمة العربية للتنمية الزراعية بالقاهرة، إلى أن إجمالى عدد المستفيدين من مشروع المكون الزراعى المائى المتكامل لدعم المجتمعات البدوية بمدينة سانت كاترين، يبلغ حوالي 400 أسرة ممثل فيها ثلاثة أجيال لكل أسرة بمتوسط عدد مستفيدين يصل إلى حوالي 7500 فرد.

ويلتقط الدكتور سيد سالم، خبير الصحة الحيوانية بالمنظمة العربية للتنمية الزراعية، وأحد المسئولين عن المشروع، طرف الحديث متحدثا عن المكونات المختلفة للمشروع، والتي تشمل 8 مكونات، قائلا: "بجانب البحيرات الجبلية التي تم إنشاؤها والتي يستفيد منها ما يقرب من 4 آلاف فرد، تضمن المشروع كذلك إعادة تأهيل عدد من الآبار الجوفية الضحلة لحمايتها وتطهيرها لتكون مصدر شبه دائم لمياه الشرب والزراعة بعد جفاف البحيرات الجبلية القريبة منها".

وإلى جانب ما سبق، وفقا لشرح الدكتور سيد سالم: "تأتي وحدات الطاقة الشمسية التي تٌستخدم في إنارة موقع المشروع التنموي المتكامل، وضخ  المياه من الآبار الضحلة من أجل الزراعة والاستخدامات اليومية ولتعظيم استخدام مصادر الطاقة المتجددة كبديل متطور للطاقة الإحفورية، تم تركيب نظامين لإنارة موقع المشروع فضلا عن 6 أنظمة ضخ بالطاقة الشمسية  لضخ مياه الابار.

بعد ذلك تأتي "الصوب الزراعية، والتي يعد الهدف الأساسى من إنشائها المساعدة على إقامة مجتمعات زراعية نموذجية إنتاجية متكاملة بها جميع سبل الحياة، بالاضافة إلى خدمة المقيمين والحفاظ على استقرارهم، وتخصيص هذه التجمعات التنموية للمنتفعين بهدف إدارتها وتسويق منتجاتها بأنفسهم، وقد تم في هذا السياق إنشاء عدد من الصوب الزراعية و التي تصل مساحتها إلى 3000 متر مربع، يستفيد منها قرابة 500 فرد وتسوق المنتجات لكل سكان المدينة. ومما هو جدير بالذكر أن هذا المكون هو بمثابة نواة لإحداث مشروع ضخم يؤدي إلى نقله نوعية في إطار سعي المدينة لتحقيق درجة مقبولة من الاكتفاء الذاتي".

وتشمل مكونات المشروع أيضا ، وفقا للدكتور سيد سالم، توزيع شتلات الزيتون على 50 عائلة بواقع 40 شتلة لكل عائلة، حيث تم توريد 2000 شتلة زيتون بالفعل، وتهدف هذه الزراعات لجعل سانت كاترين مدينة الزيتون في المستقبل القريب وفتح مجالات صناعية وزراعية رائدة في المنطقة يقوم علي رعايتها الأسر البدوية، لاسيما وأن أصناف الزيتون المزروعة من الأصناف التي يستخرج منها زيت الزيتون.

ولم يفت المشروع في هذا السياق، الاهتمام بالثروة الحيوانية من خلال توزيع الماعز العشار من سلالات تتميز بالإنتاجية العالية في اللحوم و الألبان على المجتمع المحلي بسانت كاترين حيث تم توزيع عديد من رؤوس ماعز عشار من السلالات النقية المتأقلمة مع البيئة الجبلية لمنطقة سانت كاترين، بالاضافة إلى كم كافي لنصف سنة من الأعلاف الحيوانية، وهو الأمر الذي يستفيد منه 25 أسرة من بدو سانت كاترين، أي ما يقرب من  500 فرد معظمهم من السيدات، بهدف إيجاد سبل العيش لهن وتحسين الظروف المعيشية وفتح آفاق جديدة لتصنيع الألبان ومنتجاتها، والاستفادة من الولادات سواء في الاستهلاك أو البيع والمحافظة على السلالات لانتاج قطيع من هذه السلالات يتميز بالانتاجية العالية.

ولأنه من المعروف أن العسل الجبلي المنتج من سانت كاترين ذو جودة عالية، معروفة عالميا، نظرا لانتشار النباتات الطبية والعطرية بالمنطقة، تم توريد وتركيب خلايا نحل عسل ومكوناتها وتوزيعها على 10 أسر من بدو سانت كاترين، تشمل ما يقرب من 100 فرد، بغرض انتاج عسل النحل المميز لمنطقة سانت كاترين، وفتح أسواق لبيع العسل.

ويشير الدكتور سيد سالم أنه قد تم مؤخرا اضافة عنصر آخر للمشروع، شمل توزيع شتلات اشجار المحاصيل البستانيه مثل الخوخ والمشمش والتفاح والرمان والتين البرشومي واللوز وغيرها، في أنحاء مدينة سانت كاترين، بالاضافه إلى أشجار التوت بأنواعها المختلفة، وذلك بغرض جعل سانت كاترين أحد المراكز المتميزة في انتاج الحرير الطبيعي بمشروع يشمل ربات البيوت و فتيات المدارس.

ولا يقتصر الأمر عند ما سبق، إذ أن هناك، كما يعود ويوضح الدكتور كامل السيد، رئيس مكتب المنظمة بالقاهرة، مقترحات مستقبلية طموحة لتطوير المشروع، بالسعي لدى الجهات المانحة لتوريد وتركيب ماكينات تصنيع الأعلاف الحيوانية، وإنشاء مركز تجميع ألبان وتصنيع منتجات ألبان شامل التجهيز والأدوات والأجهزة، وتوريد وتوزيع خلايا نحل أكثر بمشتملاتها، وتوريد وتركيب حضانات بيض بجميع مشتملاتها، وتوريد وتركيب عصارات زيتون بجميع مشتملاتها، ليتغير وجه الحياة كلية في هذه المدينة، ويكون نموذجا لما يمكن أن يتحقق بأرض الفيروز كلها.


مواضيع متعلقة