وصفت في القرآن بالمباركة.. حصاد "الزيتون" رزق الكبير والصغير بالفيوم
وصفت في القرآن بالمباركة.. حصاد "الزيتون" رزق الكبير والصغير بالفيوم
"يوقد من شَجَرَةٍ مُّبَارَكَةٍ زَيْتُونِةٍ لَّا شَرْقِيَّةٍ وَلَا غَرْبِيَّةٍ يَكَادُ زَيْتُهَا يُضِيءُ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نَارٌ".. آية قرآنية ألهمت أهالي قرية فانوس التابعة لمركز طامية بمحافظة الفيوم، لإيجاد فرص عمل والقضاء على البطالة وتحقيق أرباح مالية مستمرة للكبار والصغار، خصوصًا أنّ أشجاره مُعمرة ودائمة الخُضرة وتطرح الثمار لعشرات السنوات، حتى تحوّلت أراضي الصحراء المحيطة بقرى فانوس إلى مزارع زيتون خضراء يعمل فيها الكبير والصغير.
ومع قدوم فصل الخريف، يتسابق أهالي قرى فانوس والقرى المجاورة للعمل في جني وفرز وتعبئة ثمار "الزيتون" تلك "الثمرة المباركة" التي تُدر أرباحًا هائلة على العاملون فيه بدءًا من زراعته وحتى حصاده، خصوصًا أنّها تحتاج إلى عدد هائل من العمالة على مدار العام، بالإضافة إلى عصره واستخراج الزيت منه، وتعبئته تمهيدًا لبيعه.على بُعد 35 كيلو متر من مدينة الفيوم، وتحديدًا في طريق مصر – الفيوم، تنتشر ملايين شجيرات الزيتون، وتحت أشعة الشمس الحارقة ينتشر العمال كبيرهم وصغيرهم يحملون أقفاص بلاستيكية يطلقون عليها "البرانيك" لجمع ثمار الزيتون فيها، بينما يقوم آخرون بعمل حوض بـ"جلابيته" التي يرتديها ليجمع فيه تلك الثمار المباركة، يتسابقون فيما بينهم على جني أكبر كمية من الزيتون والحصول على أموال أكثر، ويتسامرون وتتعالى ضحكاتهم بينما يعملون غير آبهين بشقائهم، ثم يذهبون بالثمار التي جمعوها إلى منطقة "الفرز" ليقوم آخرون بفرز الزيتون الكبير والصغير بالإضافة إلى التأكد من خلوه من أي أمراض ثم يتم تعبئته في أقفاص تمهيدًا لبيعه.
محمد عيد محمد (32 عامًا) مهندس زراعي مشرف على أكبر مزارع الزيتون، خلفًا لوالده الذي كان يعمل قبله، يقول لـ"الوطن" إنّه نشأ في مزارع الزيتون منذ كان عمره 10 أعوام رفقة أبيه، لذلك فهو يفهم جيدًا طرق زراعة أشجار الزيتون ورعايتها حتى الوصول إلى جني أكبر كمية من الثمار منه، بخلاف دراسته في كلية الزراعة، موضحًا أنّ زراعة "الزيتون" تبدأ في شهر فبراير وتنتهي في شهر يناير من كل عام، ولكنها انتهت مبكرًا هذا العام بسبب عاصفة "التنين" التي دمرت المحصول.
وأشار "عيد" إلى أنّ ارتفاع أسعار الزيتون هذا العام، بسبب قلة المحصول وعدم قدرة المزارع على تلبية احتياجات المواطنين بشكل كامل بسبب تأثر المزارع بعاصفة التنين، موضحًا أنّ المزرعة التي يعمل بها لم تنتج إلا ربع إنتاجها السنوي فقط، مؤكدًا أنّهم كانوا ينتجون 500 طن كل عام ولم ينتجوا إلا 100 طن فقط هذا العام.
ولفت إلى أنّ "الزيتون" ثمرة مباركة قضت على البطالة بفانوس كاملة، فيعمل فيها الكبار والصغار، مُبينًا أنّ من يعمل بجني ثمار الزيتون ينقسمون إلى قسمين الأول يتم محاسبته بـ"البرنيكة" حيث يحصل على مبلغ مالي يتراوح من 15 إلى 25 جنيهًا للبرنيكة الواحدة حسب كمية الزيتون التي تمكن من جمعها، أمّا من يطلب محاسبته بالكيلو فيحصل على جنيه ونصف إلى ثلاثة جنيهات حسب طول الأشجار التي جمع الثمار من عليها.
وأضاف أنّه يحتاج أيضًا إلى عمالة دائمة معه على مدار العام للعمل في غرس الأشجار وتقليمها وتسميدها، وتوفير الري في مواعيده، حيث تضم المزرعة من 25 إلى 30 عاملا دائما، موضحًا أنّ جني ثمار الزيتون يحتاج إلى 100 عامل يوميًا لتحقيق الكمية المطلوبة، بخلاف عمال الفرز والتعبئة الذين يحصلون على 2 جنيه مقابل الكيلو أو أكثر حسب سرعته في أداء عمله، فهناك من يحصل على 100 جنيه يوميًا وآخر ماهر وسريع يحصل على 250 جنيهًا.
ولفت إلى أنّ المزرعة تُنتج 10 أنواع من الزيتون تنقسم إلى زيتون تخليل وهم "العجيزي والتفاحي والكالاماتا"، وزيتون الزيوت وهم " البكوال، والكورناكي، والمراقي، والكلاماتا، والدولسي، والكرواتينا، والعقص) يُباع منها الأنواع التي يتم تخليلها، كاشفًا أنّ "زيتون المائدة" الذي يتم تناوله مخللًا يتم بيعه للتجار قبل حصاده من على الأشجار بأسعار تتراوح بين 7 إلى 10 جنيهات للكيلو الواحد.
والتقط أحمد ماهر عزام صاحب المزرعة طرف الحديث قائلًا أنّ أنواع الزيتون التي تُنتج الزيت يتم إرسالها إلى معصرة زيتون بمنطقة السادات بالقاهرة، تستخرج من الزيت ويعود إليهم في براميل ضخمة، ثم يتم تعبئته في المصنع الخاص بهم بقرية فانوس، ثم يتم طرحه في الأسواق.
وبيّن أنّ ثمار الزيتون التي يتم عصرها واستخراج الزيت منها، لا يتم حصادها مبكرًا ولكنها تُترك على الأشجار حتى نهاية العام حتى تصل إلى أكبر حجم لها، وتُصبح داكنة اللون، أمّا "زيتون المائدة" يتم قطفه عندما يكون لونها أخضر مصفر قبل أن تبدأ في مرحلة التلوين، وقبل زيادة نسبة الزيت فيها.
وأوضح "عزام" أنّه بسبب كثرة المعروض من زيت الزيتون في الأسواق ابتكروا فكرة جديدة ولاقت إقبالًا كبيرًا من المواطنين، حيث قاموا بإضافة نكهات إلى زيت الزيتون مثل "الروزماري والزعتر والثوم والريحان والفلفل الأحمر" وتستخدم في شوي اللحوم والدواجن وتُعطي نكهات رائعة للمشويات.
وكشف "عزام" أنّ تجارة "الزيتون" هي تجارة الربح فقط لا يوجد فيها خسارة، كاشفًا أنّ الأشجار التي تُصاب بالأمراض أو التي لا تطرح تُباع لمكامير الفحم، أمّا الأشجار التي توقفت عن طرح الثمار بعد عشرات الأعوام تُباع لصُنّاع الأثاث والفنانون ويتم تصنيع التحف الفخمة منها، حتى مخلفات عصر الزيتون يتم بيعها لمصانع الصابون التي تستخدم مادة البيرين الناتجة من عصر الزيتون في صناعاتها.