"السادات".. الرئيس الذي غدر به الإخوان

وائل لطفى

وائل لطفى

كاتب صحفي

توافق الذكرى السابعة والأربعون لحرب أكتوبر الذكرى التاسعة والثلاثين لاغتيال الرئيس أنور السادات.. إننى بعد بحث مطول ومدقق وبعد سنوات طويلة أستطيع أن أقول إننا فى حاجة لرد اعتبار للرئيس السادات مع الاحتفاظ بالحق فى الاعتراض على خطوات سياسية قام بها دون دراسة كافية.. إننى بكل الجدية الواجبة أقول إن أحد مداخل فهم الرئيس السادات هو معرفة برج الحظ الذى ينتمى إليه وهو برج (الجدى) إنه برج القادة.. وأصحاب المهام الكبيرة، وهو برج الزعيم عبدالناصر أيضاً بالمناسبة.. إن أصحاب هذا البرج عادة ما ينتهون نهاية مأساوية نتيجة إفراطهم فى الثقة فيمن لا ينبغى الثقة فيه.. ونظرتهم الكلية للأمور التى تمنعهم من النظر للتفاصيل التى تسكنها الشياطين غالباً.. ولا ينطبق هذا على شىء. مثلما ينطبق على علاقة الرئيس السادات بالإخوان المسلمين.. لقد كانت جريمة إعادة الإخوان المسلمين إلى الحياة السياسية كبرى جرائم الرئيس السادات من وجهة نظرى، لكننى بعد بحث مدقق أقول إن ضرورات السياسة بعد نكسة يونيو فرضت على الدولة المصرية نوعاً من التقارب مع جميع أطراف الداخل المصرى، استعداداً لمعركة التحرير.. والواقع أن السادات بدأ اتصالاته بالإخوان فى عام ١٩٦٩، وهو ما زال نائباً للرئيس عبدالناصر.. حيث اجتمع بقيادات الإخوان الموجودين خارج السجون أربع مرات.. كان ثلاث منها فى منزل صديقه د. محمود جامع فى طنطا، وكانت الرابعة فى منزله بشبين الكوم، وكما يذكر اللواء فؤاد علام فى كتابه (الإخوان وأنا)، فقد تم رصد الزيارات ورفعها إلى المستوى الأعلى من قِبل أجهزة الأمن.. والمنطق يقول إن الرئيس عبدالناصر كان على علم باللقاءات إن لم يكن هو من كلف بها السادات.. وبعد توليه الرئاسة مضى السادات إلى آخر الشوط.. والتقى بقيادات الإخوان فى الخارج بالإسكندرية، وقيل إنه قابل عمر التلمسانى عام ٧٢.. وكلف محمد عثمان إسماعيل بتأسيس الجماعات الدينية فى جامعات مصر المختلفة، وكانت المأساة أن أعضاء هذه الجماعات التى سمح السادات للإخوان بتأسيسها فى الجامعات المختلفة هم الذين خططوا لاغتياله فى ذكرى نصر أكتوبر.

إننى أعترف أن موقفى النفسى لم يتغير من الرئيس السادات إلا بعد أن استمعت إلى خطابه الأخير الذى ألقاه فى مجلس الشعب فى خمسة سبتمبر ١٩٨١، وقبل اغتياله بشهر ويوم واحد.. لقد كشف «السادات» فى هذا الخطاب كيف كان مسالماً مع الذئاب.. لقد روى كيف أنه كان يخطط لتعيين عمر التلمسانى لعضوية مجلس الشورى المصرى، انطلاقاً من أنه مجلس (العائلة المصرية).. نعم.. لقد مات «السادات»، لأنه ظن أنه يمكن ضم الإخوان للعائلة المصرية! وكان جزاؤه أن قتلوه.. وكان السادات فى أجزاء أخرى يتحدث عن الداعية الإخوانى السكندرى أحمد المحلاوى، وهو شخص غامض للغاية فى تاريخ مصر.. لقد استخدم السادات لفظاً غير لائق حين وصف المحلاوى بأنه (مرمى زى الكلب فى السجن)، لكن الحقيقة التى يكشفها البحث أن المحلاوى كان مخلب قط إخوانى لاستفزاز السادات.. فالحقيقة أن السادات لم يصدر أمراً باعتقال المحلاوى.. كل ما فى الأمر أنه طلب من الأوقاف منعه من الخطابة، لكن الإخوان ذهبوا إلى المحلاوى واصطحبوه للمسجد فى موكب عسكرى، وضربوا الخطيب الذى أرسلته الأوقاف وطردوه.. وصعد المحلاوى المنبر وقال إنه يتحدى الرئيس السادات!، وكانت المفاجأة أنه لم يُعتقل بعد الخطاب، ولكن طلب للتحقيق أمام المدعى العام الاشتراكى.. وتم الإفراج عنه بعد التحقيق.. لكنه صعد إلى المنبر فى صلاة العيد وقال للمصلين أراد الله أقضى العيد وسط أسرتى.. كما يقضى السادات العيد وسط أولاده.. لأن أسرته ليست أفضل من أسرتى...! هنا فقط صدر قرار اعتقال المحلاوى.. الذى لا نحتاج كثيراً من الجهد لنقول إنه كان مخلب قط لاستفزاز السادات.. الذى رحل ورحل معه كثير من الأسرار.. وترك الكثير من الدروس التى لا نملك إلا دراستها والتوقف أمامها.. ولعل أهم هذه الدروس أن الإخوان ليسوا جزءاً من العائلة المصرية كما كان يظن السادات الذى قتلوه!!