مجزرة حمام الشط.. الذكرى الـ35 لاغتيال قيادات منظمة التحرير في تونس

كتب: محمد علي حسن

مجزرة حمام الشط.. الذكرى الـ35 لاغتيال قيادات منظمة التحرير في تونس

مجزرة حمام الشط.. الذكرى الـ35 لاغتيال قيادات منظمة التحرير في تونس

ثلاثون عاما مرت على مجزرة "حمام الشط" التي نفذتها ثماني طائرات تابعة لسلاح الجو الإسرائيلي جنوب العاصمة التونسية، واستهدفت المقر الرئيسي لمنظمة التحرير في المغرب العربي.

عقب إجبار منظمة التحرير على النزوح من العاصمة اللبنانية بيروت في عام 1982، عملت إسرائيل على تعقب أعضاء المنظمة في معظم البلاد العربية بهدف تدمير ارتكازاتها العسكرية أو السياسية، وتمكن الموساد من رصد أحد الاجتماعات المهمة في مقر المنظمة في تونس، وعلى الفور قصفت 8 طائرات من سلاح الجو الإسرائيلي مقر منظمة التحرير، أو كما كان يسمى مقر ياسر عرفات في ضاحية حمام الشط، بسيل من القنابل، ما أدى إلى تدمير المقر بالكامل وبعض منازل المدنيين في المنطقة، بعد أن اتخذت الحكومة الإسرائيلية قرارا بنهاية صيف 1985 بتصفية القيادة الفلسطينية في تونس.

ويؤكد السفير بركات الفرا سفير دولة فلسطين السابق بالقاهرة، أن ما حدث في مجزرة حمام الشط في تونس من قبل العدو الصهيوني "جريمة من ضمن الجرائم التي ارتكبها الاحتلال ضد الشعب الفلسطيني ولم يعاقب عليها".

وأضاف الفرا، في تصريحات خاصة لـ"الوطن": "نسأل لشهداء المجزرة الجنة وسيأتي يوم الحساب، ويذكرنا هذا العمل الإجرامي باستمرار الولايات المتحدة الأمريكية والمجتمع الدولي في الصمت عن جرائم الصهاينة، والدليل على ذلك احتلال الكيان الصهيوني لدولة عضو مراقب في الأمم المتحدة، لكننا نعاني في الساحة الفلسطينية من انقسام بين الفصائل والحركات".

وعن محاكمة الاحتلال الإسرائيلي عن جرائمه التي ارتكبها ضد الشعب الفلسطيني قال الفرا: "سيتم تقديم الملف بالكامل للمحكمة الجنائية الدولية، وستدان إسرائيل على جرائم الحرب التي قامت بها ضد الفلسطينيين، ونأمل أن تقوم بمحاكمة جميع الذين ارتكبوا جرائم ضدنا وهم معروفون جيدا ومدانون بالوثائق".

وأوضح أسامة عويدات عضو المكتب السياسي لحزب حركة الشعب التونسية، أن مجزرة حمام الشط التي ارتكبها الطيارون الصهاينة واستهدفت مقر منظمة التحرير الفلسطينية استشهد فيها 86 فلسطينيا وتونسيا وجرح أكثر من 100، وامتزج الدم التونسي بالدم الفلسطيني، إضافة إلى خسائر تفوق الـ 5 مليارات دينار.

وأضاف عويدات، في تصريحات خاصة لـ"الوطن": "الكيان الصهيوني وجه رسالة إلى العرب جميعا مفادها أنه مستعد لتدمير الوطن العربي بأسره من أجل إقامة دولته المزعومة وضمان امتداده في الأراضي المغتصبة، وبعد 35 سنة من المجزرة ورسالة إلي الأجيال القادمة الصراع مع الصهيونية سيبقي صراع وجود، وأن هذا العدو يستهدف النسيج المجتمعي العربي وليس الفلسطيني فقط كما يريد البعض حصر القضية الفلسطينية في العملية الإرهابية".

وأشار عويدات إلى أن المقاومة ليست بالسلاح فقط، وكل تطور علمي وإنجاز فلسفي يرتقى بالإنسان ويكرس قيمة الحرية يدخل في إطار التحرر من العدو الإرهابي الصهيوني ومحاربة الجهل أيضا.

ومن جانبه قال المؤرخ الفلسطيني محمد أبو سيف، إنه في حمام الشط وجدت عائلات المقاتلين الفلسطينيين الذين اضطروا للرحيل عن لبنان بعد حصار طويل للعاصمة بيروت وقتال وصمود وتألق في المعركة، ووجدوا المنزل المؤقت الجديد والاستقبال الشعبي الكبير والرعاية والاحتضان من أهل تونس، فالفدائيون الذين صعدوا السفن لمدة أسبوع كامل مبحرين في البحر من بيروت حتى وصلوا تونس الخضراء، خرجت جموع غفيرة وهائلة من جماهير الشعب التونسي الشقيق في استقبالهم.

وجاءت الجماهير من العاصمة وضواحيها ومن الجريد وصفاقس والقيروان ومن كل أرجاء تونس للترحيب بهم كأبطال وأهل وصلوا ضيوفا بعد شدة وقهر، وما كاد للفدائيين الفلسطينيين أن استقروا بتونس بعد ملحمة بيروت الأسطورية وتأقلموا مع المجتمع هناك حتى تفاجأوا بالطائرات الصهيونية في فجر أكتوبر عام 1985، تشن غارة عنيفة على مقر إقامة الرئيس الراحل ياسر عرفات في حمام الشط تلك المدينة الساحلية الهادئة الآمنة.

وأضاف أبو سيف في تصريحات خاصة لـ"الوطن": "أطلقت القيادة الصهيونية على هذه الجريمة البشعة اسم الساق الخشبية وكأنها تعرف أنها ستترك أشخاصا بسيقان خشبية جراء فعلتهم النكراء".

وتابع المؤرخ الفلسطيني: "تقدمت الحكومة التونسية رسميا بشكوى لمجلس الأمن الدولي لكن الفيتو الأمريكي منع صدور قرار يلزم الصهاينة بالتعويض ويدين غاراتهم على تونس، وما مجزرة حمام الشط إلا حلقة من حلقات المجازر الوحشية والتطهير العرقي الصهيوني المستمرة من النكبة إلى دير ياسين وقانا وصولا لحرق عائلة دوابشة والطفل أبو خضير، ولا زالت هده الوحشية مستمرة على مرأى العالم الحر الذي ارتضى السكوت عن همجية الاحتلال بحق أعزل كل ذنبه أنه يحب الحياة ما استطاع إليها سبيلا".


مواضيع متعلقة