وهانت مصر عليهم.. ولكنها بقيت!
لا تفاجئنى هجمات الإعلام أو تصرفات وأفعال البعض فيما بقى من عالمنا العربى مع بلادى التى اعتادت هذا السلوك منذ عقود عدة. فالبعض استمرأ على مدار التاريخ الخنوع للاحتلال، والتبعية للآخر أياً كان من هذا الآخر. وقد رفضت بلادى -رغم سنوات الاحتلال فى العصر الحديث منذ عام 1882- التبعية والخنوع، وأصرت على حفظ هيبتها وكرامتها واستقلالها بل وسعت لاستقلال غيرها من دول عربية وأفريقية ودول عالم ثالث. كما رفضت التحالفات العسكرية مع قوى إقليمية ودولية، لأنها تعلم الهدف منها. كحلف بغداد على سبيل المثال الذى تأسس عام 1955 وضم تركيا والعراق وباكستان وإيران تحت ولاية بريطانيا، وانهار فى نهاية السبعينات مع نجاح الخمينى فى عزل شاه إيران. كما خاضت مصر عام 1977 - 1979 معركة تحرير الأرض بالسلام بعد نصر حرب أكتوبر 1973 على إسرائيل، وارتضت قرار قمة بغداد العربية فى 2 نوفمبر 1978 بمقاطعتها ونقل مقر جامعة الدول العربية إلى تونس، بل وتحملت تطاول الإعلام كما فى ليبيا والعراق والأرض المحتلة فى فلسطين، وقالت كلمتها بأنها لن تنجر إلى معارك الصغار فهى الكبيرة التى لن يدرك محيطها حجم ما فعلته إلا بعد عقود من الزمن حينما يفيقون على ضياع الأرض والفُرص. وهو ما حدث.
وأزيدكم أن من بين المصريين من استقر فى دول المقاطعة العربية يهاجم بلاده فى إعلامها بدعوى رفضه للسلام مع إسرائيل، بل وقبل أن يكون قوته ورزق عياله من سب بلاده فى صحف وقنوات ومحطات إذاعات عربية للأسف!
من هنا أعود للحاضر وأتأمل ما يقدم فى قنوات ومواقع وفيديوهات صغار الدول الممولة من مخابراتهم لصالح دول أخرى لتشويه صورة مصر أو زعزعة وعى أهلها لأتساءل: وما الجديد إلا فى تضاؤل حجم المهاجم أكثر فأكثر؟ فسطحية الطرح وجهالته هى هى، وكذب الادعاء هو هو رغم ما زاد عليه من محاولة استخدام تقنية الاتصالات الحديثة. وكل هذا نعلمه ونعلم أن نجاة هذا البلد تقوض أحلام الكثيرين فى عالمنا المُسمى بالعربى والإقليمى للأسف. رغم أن فى تراجع مصر فناءهم ونهايتهم وتلك حقيقة لا يريد صغار العملاء تصديقها. بينما يصدقون من يبتزونهم ويحلبون ثرواتهم. ولذا أتعجب من انسياق الإعلام فى بلادى وراء ما يقوله الآخر الصغير الممول للخراب. ربما يظن البعض أن ترك الساحة أمام هؤلاء يجعلهم يفرضون سطوة جهلهم وباطلهم على الوعى المصرى أو العربى، وأنه لا بد من الرد عليهم بنفس أسلوبهم وطريقتهم المبتذلة. ولكن بقليل من التفكير نكتشف أن فضح هؤلاء لن يتم إلا بنشر حقائقنا من دون التعرض لهم أو ذكرهم أو منحهم بعضاً من الفخار بأنهم استفزونا إعلامياً لملعبهم ومستواهم المتدنى خلقياً ومهنياً. نعم حقائقنا تكشف زيفهم. شرحنا بمهنية لما يتم على أرض الواقع من إنجازات وما نواجهه من تحديات يقطع الطريق عليهم ويجعلهم دوماً فى حيرة لا يعلمون ماذا يفعلون معنا؟ وكيف يخترقون تحصيننا لمجتمعنا بالوضوح؟ الشمس مجدداً بأشعتها المنيرة قادرة على مواجهة الريح المغرورة المستبدة بقوتها. الشمس أقوى، والريح أضعف.
لا يدعى أحد أن بلادى حققت ما تسعى له وما تخطط له كله، أو أنها تخلصت من كل مشكلاتها، أو عالجت كل خطايا الماضى، ولكن يمكننا القول بملء الفم إننا حمينا وطناً كان فى مهب الريح، وسددنا ثغرات فتحها من ظنوا به النهاية، وخطونا خطوات لا ينكرها حتى الجاحد والكاره، بل وحققنا ما عجز عن تحقيقه من ينفقون أموالهم على خراب غيرهم من دول يسمونها شقيقة! من يعترضون إعلامياً لإثبات موقف القوة الواهن أمام شعوب أو تبع جهلاء بينما يقفون على أعتاب سادتهم مطأطئى الرأس لا يملكون من مصيرهم إلا تكرار كلمة «نعم سيدى». بينما يطلقون علينا من ربوه بدرهمهم وريالهم ودولارهم فصار تابعاً!
يهاجموننا دوماً برخص؟ نعم وسيظلون طالما أننا لم نخن ولم نبع ولم ننحنِ أو نركع.
نرد عليهم بالمثل؟ بالطبع لا، فنحن مصر التى يتمهل التاريخ فى حضرة ذكرها، فهى سجله وذاكرته حتى من قبل أن ينتبه العالم له. فتلك مكانتنا شاءوا ذلك أم أبوا.