بلاغات الزنا تذبح النساء ظلماً وبالقانون

لم أعد أصدق أى رجل يقدم بلاغاً بالزنا ضد زوجته، كل ما يكتبه حول شرفه المهدر وكرامته المهانة أو أولاده غير الشرعيين كلام معاد، ودائماً لا يعبر عن واقع، وعلمتنا المحاكم أن لتقديم بلاغ بالزنا عدة أسباب تدور فى مجملها حول التخلص من الزوجة، وأى التزامات أو أعباء تتبع ذلك، بما فيها الالتزامات تجاه أبناء بينهم، لذا عادة ما تكون أسباب البلاغ بالزنا:

- إرهاب الزوجة، لعدم طلب الطلاق أو الخلع.

- التخلص من الزوجة بكل ما لها من حقوق تترتب على ذلك، للتزوج بأخرى.

- التخلص من أى حقوق مالية للزوجة، وإرهابها، للتنازل عن حقوق الأولاد أيضاً.

- إسقاط الحضانة من الأم، ليس حباً فى الأولاد، فقد دمر سمعتهم، أولاداً كانوا أم بنات، باتهام أمهم بالزنا، وإنما طمعاً فى شقة الحضانة.

وهل الاتهام بالزنا سهل إلى هذا الحد؟

يختلف الاتهام بالزنا إذا كان الرجل تجاه زوجته أو الزوجة تجاه زوجها.

إذا كان من الزوجة ضد زوجها فشرط البلاغ لا يتحقق إلا إذا كان الزنا فى فراش الزوجية هو ومن يزنى بها، ولا يفصل بينهما خيط، وأن يكون معها شهود عيان، حفلة من الأصدقاء أو الجيران للشهادة.

أما زنا الزوجة، فيثبت فى أى مكان وبأى طرق الإثبات، مجرد وجود رجل فى المنزل خالعاً حذاءه، حتى لو كان السباك فى قلب بلاعة الحمام، ربما يكون زنا، تعليق من متابع على «فيس بوك» قد يكون زنا، جلسة مع ابن خالة على قهوة بلدى فى انتظار قطار الصعيد ربما يقدّر زنا، لأن زنا الزوجة يثبت فى أى مكان، وبكل طرق الإثبات.

هل الخطورة تقف عند الاتهام فقط؟

خطورة بلاغ الزنا، بالإضافة إلى أن مجرد الإبلاغ هو أقصى درجات الإرهاب وإلحاق الأذى الاجتماعى بالمرأة وعائلتها كلها، وبالطبع أولادها، فالتحقيق فى بلاغات الزنا وإحالتها إلى محكمة الجنح يعد قدراً هائلاً من الذل للنساء، فهى من الجنح القليلة التى يُعد فيها حضور المتهمة أمام القاضى وجوبياً، لا بد أن تحضر بنفسها، لا ينوب عنها محامٍ، يكون معها، لكن لا بد أن تكون حاضرة، وأن توضع فى قفص الاتهام، وبالطبع إن دخلت تظل لآخر الجلسة مع المتهمين فى دعاوى التحرش والتعاطى والسرقة، إلى أن ينتهى القاضى باتخاذ قراره بالإدانة أو البراءة وقد يكون ذلك مساء، فتظل طوال النهار فى القفص، عرضة للفرجة، مع متهمين بعضهم خطر، بلا حمام أو كرسى للراحة، كل هذا لأن الزوج الراغب فى الهروب من التزاماته، الضارب بعرض الحائض سمعته وسمعتها وسمعة أبنائه قدم قصاصة ورق فى بلاغ بأنه مكلوم فى شرفه وشرف القبيلة.

لا بد أن تعلق المرأة على المشنقة تحت رحمة حكم لا يهم إن صدر بالبراءة أو الإدانة، فقد تحقق العار والذل.

ماذا لو صدر بالبراءة وهو الغالب؟

من الممكن أن ترفع جنحة قذف، فعليها بالنضال شهوراً، لحكم تعويض لا يغنى عن ذل واحدة.

كذلك لا تلتفت محكمة الأسرة إلى هذه البراءة، بل كثير من أحكام إسقاط حضانة تمّت بناءً على مجرد البلاغ بالزنا، اعتبرته محكمة الأسرة شبهات كفيلة بالقضاء على جميع حقوقها وحقوق أولادها.

هذا القانون العبثى الذى يميز فى قضايا الزنا بين النساء والرجال ويعطى الرجال حلاً إجرامياً سريع الطلقات دون رقيب، لا بد من مراجعته هو وإجراءاته الجنائية.