"قاضية الصعيد": أنهيت 220 خصومة ثأرية.. وفشلت مع حالة واحدة في المنوفية

"قاضية الصعيد": أنهيت 220 خصومة ثأرية.. وفشلت مع حالة واحدة في المنوفية
«بنت الصعيد، بنت بألف راجل، قاضية الصعيد»، ألقاب عديدة حصلت عليها صفاء عسران، بنت محافظة قنا، بعدما نجحت فى إنهاء وتصفية خلافات وخصومات ثأرية تاريخية بين الكثير من كبار العائلات من خلال مبادرتها «صعيد بلا ثأر». نجاحات صفاء عسران، ذاع صيتها حتى مكتب الدكتور أشرف صبحى، وزير الشباب والرياضة، الذى طلب لقاء الفتاة، وتقديم كافة أنواع الدعم لها، ورعايتها بتوجيهات من الرئيس عبدالفتاح السيسى بعد أن أخبره وزير الشباب والرياضة بفكرة الفتاة، ومبادرتها الفريدة بين بنات جنسها على مدار تاريخ حياة النساء فى الصعيد. «الوطن» التقت «حاقنة دماء الصعايدة»، التى كشفت كل تفاصيل المبادرة.. وإلى نص الحوار:
ما الذى وجّهك للسير فى هذا الطريق؟
- أنا مغرمة بالعمل التطوعى، فى المدرسة والجامعة، وجيناتى الوراثية كلها تتجه للتفاعل الإيجابى مع مجريات الحياة، وهذا ظهر بوضوح عندما تخرجت فى كلية الإعلام، قسم العلاقات العامة، وأردت أن أعمل صحفية، وكان أول تكليف لى أن أقوم بتغطية حدث صلح خصومة ثأرية بين عائلتين فى قنا، استمرت ما يقرب من 8 سنوات وفشل فى إنهائها كل عمداء ومشايخ القرى والنجوع الذين استعانت بهم مديرية الأمن للتوصل إلى صلح، ومن يومها صممت أن أتدخل بنفسى، بين أطراف العائلتين.
الدراسة الجيدة لظروف القتل ومشاكل أطراف الخصومة أهم أسباب إنهائها سريعاً
وهل نجحت فى هذه التجربة؟
- بعد دراسة كل جوانب الخصومة، استطعت الإمساك ببعض خيوط الحل ورزقنى الله حسن الإلقاء والإقناع، وتنقلت بين الطرفين بكل وسائل الإقناع، وكانت المفاجأة أننى وجدت قبولاً من معظم أفراد العائلتين، فضغطت على كل الدوافع الإنسانية عند كبار العائلتين ومن لهم الصوت المسموع والرأى الأول والأخير، ولاقت كل اقتراحاتى للصلح استحسان الطرفين، وتم الصلح تحت رعاية اللواء مجدى القاضى، مدير أمن قنا، قبل ترقيته إلى مساعد وزير الداخلية لأمن منطقة جنوب الصعيد.
كيف استطعتِ إقناع القاتل، بتقديم كفنه لصاحب الدم، رغم أن أهل الصعيد يرفضون ذلك؟
- كانت هذه النقطة هى مربط الفرس، وكلمة السر التى هدانى الله للوصول إليها، وفكرت فى طريقة بديلة لحمل الكفن الذى يعتبره مجتمع الصعيد تحقيراً للقاتل وينظر له الناس نظرة دونية، لذلك فكرت فى حمل درع رمزية لأهل القتيل وصاحب الدم، بدلاً من الكفن أطلقت عليها درع التسامح، وعندما التقيت الدكتور أشرف صبحى، وزير الشباب والرياضة، فى إحدى مسابقات الشباب، وكنت إحدى المشتركات فيها، وعرضت عليه الفكرة، رحب بها كثيراً وقرر دعم الوزارة لى ومساندته الشخصية، وتم الاتفاق على عمل دروع محفور عليها شعار: «درع التسامح.. من شيم الرجال» برعاية وزير الشباب وعليه توقيعه، ولاقت الفكرة قبولاً كبيراً لدى صاحب الدم وأهل القتيل، ولم أنسَ أم القتيل المجروحة، بعد قتل ابنها، ففكرت فى تسليمها هى الأخرى قلادة فضية أطلقت عليها قلادة التسامح الفضية تقديراً لها وتخفيفاً لآلامها.
صفاء عسران: "درع التسامح لصاحب الدم.. والقلادة الفضية لأم القتيل" كلمة السر في إقناع الطرفين بقبول الصلح
وهل كان للدرع والقلادة أثر ملموس؟
- فكرة الدرع والقلادة كانت الأساس بعد توفيق الله فى إتمام ونجاح الصلح فى الخصومات الثأرية.
كيف تعرفين بوجود خصومة ثأرية، وهل تبادرين بالتدخل من تلقاء نفسك؟
- فى بداية الأمر وقبل أن تعرفنى عائلات الصعيد، كنت أعلم بالخصومات من خلال وسائل الإعلام، أو من بعض القيادات الأمينة، باعتبارى إعلامية، لكن بعد نجاحى فى إنهاء خصومات كثيرة، أصبح الكثير يسمعون عنى ويقومون بالاتصال بى، للتدخل فى إنهاء الخصومات.
كم حالة أنهيتِ فيها الخصومة الثأرية بشكل تام؟
- 220 حالة، وفقنى الله فى إنهائها، بجهود مشتركة وبدعم لا محدود من جميع مساعدى وزير الداخلية ومديرى الأمن، والقيادات الأمنية، بالوجه القبلى.
هل فكرتِ فى نقل التجربة لمحافظات أخرى بعيداً عن الصعيد؟
- بالطبع فكرت، لكن للأسف لم أبدأ حتى الآن، وكانت هناك حالة وحيدة فى محافظة المنوفية تدخلت فيها لكنى فشلت.
لماذا فشلت فى هذه الحالة؟
- لأن أهل القاتل والقتيل رفضوا إمدادى بالمعلومات الكافية التى تساعدنى وأستطيع عن طريقها أن أصل إلى حلول.
ما أصعب موقف تعرضتِ له فى إنهاء خصومة الثأر؟
- عندما كنت أنهى ثأراً فى إحدى قرى محافظة المنيا ووصلت مديرية الأمن فى وقت متأخر من الليل، وقمنا بإنهاء محاضر الصلح فى قسم شرطة المنيا، فى تمام الساعة 12، كنت بمفردى، وحاول أهالى الطرفين إقناعى بالمبيت فى المنيا، لكننى صممت على السفر والعودة إلى أسرتى، فأصر القاتل وأحد أهالى القتيل على توصيلى إلى محطة القطار، وكان مصدر قلقى الوحيد، أن يُحدث الشيطان الفتنة بين الطرفين وينشب بينهما ما لا يحمد عقباه، بعد إنهاء مهمة سفرى وتوصيلى للمحطة.
أتمنى لقاء الرئيس لوضع مبادرة "صعيد بلا ثأر" تحت رعايته
ما أمنيتك التى تتمنين تحقيقها؟
- أتمنى لقاء الرئيس السيسى، لأنتهز الفرصة وأطلق مبادرة «صعيد بلا ثأر» تحت رعاية الرئيس.
دعم أمنى لمبادرتي
وجدتِ الدعم الكافى من القيادات الأمنية وعلى رأس الداعمين اللواء طيار أشرف الداودى، محافظ قنا، وكل القيادات الأمنية، ومنهم اللواء مجدى القاضى، مساعد وزير الداخلية لأمن منطقة جنوب الصعيد.
ووزارة الشباب تبنت رعاية مبادرتى لـ«صعيد بلا ثأر» لأنها الوزارة، التى تهتم بالشباب ومبادراتهم المجتمعية، فضلاً عن الاهتمام الشخصى والرسمى الذى حبانى به الدكتور أشرف صبحى، عندما علم بهذه المبادرة، وبدوره قام بعرض فيديو لى أثناء قيامى بإنهاء إحدى الخصومات على الرئيس عبدالفتاح السيسى، وأبلغنى بأن الرئيس السيسى أبدى إعجابه كثيراً بالفكرة والأسلوب.