الشاعر مجدي نجيب: عبدالحليم حافظ "لئيم" وبطلت أكتب لـ هاني شاكر لما سكن في قصر

كتب: إلهام زيدان

الشاعر مجدي نجيب: عبدالحليم حافظ "لئيم" وبطلت أكتب لـ هاني شاكر لما سكن في قصر

الشاعر مجدي نجيب: عبدالحليم حافظ "لئيم" وبطلت أكتب لـ هاني شاكر لما سكن في قصر

شاعر كبير تغنى بكلماته كبار مطربي مصر، فتعاون معه العندليب عبدالحليم حافظ، وكتب لشادية ونجاة، ورفض التعاون مع أم كلثوم، وساهم في بدايات هاني شاكر ومحمد منير، ليحفر اسمه بأحرف من نور في الوسط الفني المصري والعربي بشكل عام.

تجربة ممتدة ومتنوعة لمجدي نجيب، الذي عرف بشاعر الألوان، بدأت تتشكل منذ دخوله المعتقل السياسي، في أواخر الخمسينيات، ثم عمله بالصحافة والرسم وكتابة الأغنية والتأليف للأطفال، وغيرها من المحطات المهمة في حياة الشاعر، ويروي شاعر الألوان، لـ "الوطن"، كواليس تجربة السجن، وأثرها في حياته وبداياته في كتابة الأغاني وعلاقاته بالفنانين المشاركين له في تجربة الإبداع، في الحوار التالي:

* كيف استقبلت خبر الجائزة الأخيرة من اتحاد الكتاب؟

كل جائزة لها مسمى، وهذه الجائزة تحمل اسم فؤاد حداد، وهذا شيء جميل، لأن فؤاد حداد شاعر يختلف كل شعراء العامية ولا يمكن مقارنته بأحد آخر من السابقين له ولا من جاءوا بعده، فهو لا يعرف المناورة ولا يسعى لعمل دعاية لنفسه، فبيرم التونسي شاعر كبير لكنه دارج، وصلاح جاهين متعدد المواهب، أما فؤاد حداد يكتب الشعر فقط، وعند قراءة دواوينه نجد شيئا مذهلًا.

*ما أعز التكريمات بالنسبة لك؟

لدى عدد من التكريمات منها درع من نقابة الصحفيين وآخر من السيدة سوزان مبارك، وكان في 2003، لأني كنت أقدم أعمال للأطفال، وكانت عن كتاب "انتحار قلم رصاص"، وبمناسبة ذكر أن سوزان مبارك، فهي شخصية جيدة كونها شجعت دور النشر لإصدار كتب للأطفال، ونشر وقتها كتب كثيرة، فكان الناشرون يتسابقون لإصدار الكتب.

*حدثنا عن تجربة المعتقل السياسي في الخمسينيات؟

قضيت نحو ثلاث سنوات في المعتقل السياسي، وقت عبدالناصر، عيث ألقي القبض على الشيوعيين، وقبلهم الإخوان، وأنا كان لي معارف من أصحاب الفكر الشيوعي، ولم نكن لنا ممارسات سوى الكلام.

*كيف قضيت هذه الفترة؟

تجربة السجن بالنسبة لي كانت جميلة في أحد جوانبها، فوجدت نفسي في مكان مفتوح (صحراء الواحات)، وبدأنا في زراعة الصحراء، لكن المشكلة كانت في الإخوان، الذين سبقونا إلى المعتقل ووضعوا أيديهم على المكان، واستولوا على مهمة الطبخ، فكانوا يقوموا بممارسات شريرة، منها "أنهم يحطوا لنا رملة في الأكل"، لأنهم لم يكونوا يحبوننا باعتبارننا شيوعيين، مع إن المفترض أننا سجناء في مكان واحد، وكان منا أطباء فى المعتقل، اقترحوا علينا أكل بذور الخروع، وهذه البذور تسبب إسهال في البداية، لكن عند الاعتياد عليها، أحسسنا أنه مثل اللوز، والغريب أن الخروع كان منتشر في الصحراء، فحين يسمح لنا بالخروج، نجد الكثير من شجر الخروع، التي أنقذتنا من أفاعيل الإخوان.

*قلت إن التجربة كان فيها جانب إيجابي ما هو؟

كنت في مجتمع مثقف في المعتقل، يفكر ولديه آراء تجري مناقشتها وكتب يتم قراءتها، وبعض المسجونين يسجلون أفكارهم على ورق "بفرة"، بقلم كوبيا، ويخفونها تحت البلاط، فيزيد حجم الكلمات المكتوبة بفعل الرطوبة، وتكون أكثر وضوحًا، وبالطبع كانت هذه الأمور ممنوعة ولو ضبطت يجري مصادرتها، وقرأت كتبا لم أكن قرأتها من قبل، وهناك واقعة يسرت ذلك، وهي تعرض ابن مأمور السجن لمرض، ولم يكن متاحا عيادات في الصحراء، فقام صلاح حافظ (أحد السجناء معنا) بعلاج الحالة، وبعد شفائه، تعامل معنا المأمور بشيء من الرحمة، وابن المأمور كان اسمه مجدي، ولهذا السبب تعاطف معي المأمور أيضًا، فسمح لي بمشاركة معتقل اسمه وليم اسحق (فنان كبير) محكوم عليه بعشر سنوات، بالرسم في المرسم القديم، وكان المأمور يأخذ نتاج عملنا، ويبيعه للسياح، ويشتري لنا بالمقابل ألوان وأدوات رسم، كما شاركت أنا والمعتقلين في تقديم عروض مسرحية داخل السجن.

*كيف تغيرت وجهة نظرك في عبدالناصر بعد المعتقل؟

*أحب عبدالناصر وإلى الآن، ولكن عندي له نوع من العتاب، وكتبت أغنية "شبابيك" من أجله، كنت أريد أن أقول له أنا واحد يحبك، ليه تسجنه، ويختلف الشيوعيين عن الإخوان في موقفهم من عبدالناصر، فهو قائد له الفضل على إفريقيا وليس مصر فقط، وقبله لم يكن أحد يعرف شيئا عن هذه القارة، وبعد رحيله بسنوات، وخلال زياراتي لكثير من البلاد، شاهدت الناس، في بلاد عربية وإفريقية، لا يتجمعون للاستماع إلى الأغاني، ولكن للاستماع إلى خطب جمال عبدالناصر.

*وماذا عن بداياتك في كتابة الأغاني؟

بعد خروجي من السجن كنت أخاف من نزول الشارع، وكان يطبق علي نظام المراقبة، كما وجدت صعوبات كبيرة في الحصول على عمل مستقر، عملت في مصانع نسيج لرسم رسومات على الأقمشة الحريمي، لكن صاحب العمل حين كان يعرف موضوع السجن كان يطردني، وفي المعتقل والدي توفي، وأنا كبير الأسرة، وبدأت في كتابة تجربتي الشعرية، فجاء ديوان "صهد الشتا"، وطبعته في مطبعة بشارع محمد علي، والديوان عمل جدل كبير وقتها، ومحمود السعدني "شلفطني" في مقال صحفي، بسبب كآبة الديوان، وبعدها بسنوات أصبحنا صديقين، وبعد الديوان فكرت في طريقة للخروج من المأزق، فبدأت في كتابة الأغاني، وجاءت البداية في أغنية "قولوا لعين الشمس" لشادية.

تقاضيت خمسة جنيهات على الأغنية الأولى "قولوا لعين الشمس"

*ما أبرز كواليس التجربة الأولى؟

عملت محرر صحفي بالقطعة فكتبت "بريد القراء" في مجلة صباح الخير، وكان رئيس التحرير أحمد بهاء الدين في روزاليوسف وفي دار الهلال، فشجعني على رسم كاريكاتير، بعنوان "روميو وجوليت"، وساعدني كثيرا، ونصحني بالعمل في الكواكب مع رجاء النقاش، وأحد المحررين اسمه عبدالنور خليل، اصطحبني إلى جنينة معهد الموسيقى في رمسيس، فوجدت عالما مختلفا، من المؤلفين والملحنين في مجموعات في الجنينة، وكان بليغ حمدي موجود وعرفني عبدالنور عليه، ولحن الأغنية وبعد ذلك قابلنا شادية في معهد الموسيقى، وغنت شادية "قولوا لعين الشمس"، وحصلت على 5 جنيهات من الإذاعة مقابل الأغنية باعتبارها أول تجربة لي.

*كيف كان صدى الأغنية؟

الأغنية لاقت صدى واسع وكانت شهادة ميلاد لي، بعدها تعاونت مع عبدالحليم حافظ في "كامل الأوصاف"، وعدد من الأغاني لشادية ونجاة وصباح وفايزة، وغيرهم.

*لماذا لم يتكرر التعاون مع عبدالحليم؟

حدث موقف مع عبدالحليم، عمل حركة وضعت حاجز بيني وبينه، فخلال خروجي معه من بيته من العجوزة، قابلنا شاب ينتظره أمام باب العمارة، في يده ورق مكتوب ليقدمه لعبدالحليم، إلا أن عبدالحليم دفعه بيده بعنف، والموقف ضايقني لأني وضعت نفسي مكان الشخص الذي تعرض للدفع، ومن هنا بدأت مشاعري تتغير تجاه عبدالحليم ولم أفكر في كتابة أي أغنية أخرى له.

لابد من مرور أي منتج موسيقي أو غنائي من خلال الإذاعة 

*ماذا عن تعاونك مع هاني شاكر منذ بداياته؟

كتبت لهاني شاكر كنوع من التعاطف لأن عبدالحليم كان يهاجمه وقتها، وكانت الصحافة في حالة جدل حول هذا الموضوع، وطلبت من محمد سلطان تلحين أغنية له فكتبت له أغنية "سيبوني أحب" وعبدالحليم وقتها تضايق وأرسل لي، وذهبت له وظل يتحدث معي عن موضوعات بعيدة موضوع أغنية هاني شاكر (عبدالحليم كان لئيم)، وكان يرغب في قطع الطريق على هاني شاكر، فحكى لي عن زواجه من سعاد حسني وغيره، وبعدها كتبت "ياريتك معايا" لكن تغيرت العلاقة بيني وبين هاني بعدما كبر وسكن في قصر، وأحسست أنه ليس هو الذي عرفته من قبل.

*ولماذا لم يكتمل مشروع التعاون مع أم كلثوم؟

* عندما أصبح محمد الموجي صديقي، قال لي لازم نعمل أغنية لأم كلثوم، وأنا من أيام المعتقل والشيوعين كان عندهم وجهة نظر أن أم كلثوم وكرة القدم من أسباب تأخر الشعب، لكن الموجي كان مُصرا وأخذ معاد وذهبنا إليها، ومعي الأغنية، لكن أم كلثوم طلبت التعديل على الأغنية أكثر من مرة وفي المرة الثالثة رفضت، وقلت للموجي "خلاص مش عايز أم كلثوم، ولا الأغنية"، وهكذا انتهى المشروع، وحين علمت أم كلثوم بقراري، عاقبت الموجي بعدم التعاون معه لمدة سنة.

*ما أحدث مشاريعك الإبداعية؟

*صدر لي حديثا ديوان "دهشة" عن الهيئة العامة للكتاب.

*ما موقفك من أغاني المهرجانات؟

أنا ضد منع أي أغاني، والزمن سيقوم بمهمة الفرز للجيد، والسيء سينسى مع الوقت، والأمل في الجيل الجديد، فقد تقابلت مع مطربة اسمها نوران أبو طالب، واستمعت إلى صوتها ومن المحتمل عمل أغنية لها قريبا.

*كيف يمكن رفع مستوى الذوق العام؟

*الناس فعلا ذوقها سيء، لو هي تستمع إلى الأغاني الحالية، أما رفع الذوق بأن يمر أي منتج غنائي أو موسيقى على لجنة متخصصة في الإذاعة كما كان من قبل.

 


مواضيع متعلقة