يسكنها منذ 66 سنة.. "يسري" أقدم أهالي عمارة الشربتلي: روحي رجعتلي

يسكنها منذ 66 سنة.. "يسري" أقدم أهالي عمارة الشربتلي: روحي رجعتلي
- عمارة الشربتلي
- عمارة الزمالك
- وزير النقل
- كامل الوزير
- مترو الزمالك
- سكان الشربتلي
- عمارة الشربتلي
- عمارة الزمالك
- وزير النقل
- كامل الوزير
- مترو الزمالك
- سكان الشربتلي
بصحبة كوب شاي ساخن وفطور شهي على طاولة صغيرة بشرفة البيت، جلس العجوز الستيني كعادته اليومية، يستمتع بتناول فطوره تحت أشعة شمس الصباح، قبل أن تشتد سخونتها، يتابع حركة المارة في الشارع وأعمال الحفر بمشروع المترو القابع على بعد خطوات من عمارة الشربتلي التي يسكن بها، ممسكا بجريدته الورقية المفضلة، التي تهتز صفحاتها كلما مرت نسمة هواء خفيفة تكسر حرارة الصيف فيعاود ترتيبها بهدوء.
مشهد السكون الذي اعتاده المهندس يسري تيناوي، أحد سكان عمارة الشربتلي، وأقدم سكانها، ليبدأ به يومه اختلف كليا في صباح 26 من يوليو الماضي: "فجأة سمعت دوشة وصوت عالي، افتكرت العمال اللي شغالين في حفر المترو، مكنتش أعرف مشكلة الهبوط الأرضي والشرخ الكبير اللي حصل"، وصف الرجل البالغ من العمر 69 عاما المشهد كما عاشه في بداية حديثه لـ"الوطن".
لم يدرك المهندس الستيني حقيقة الأمر إلا حين سمع نداء سايس الجراج على السكان: "انزلوا بسرعة، انت لسه قاعد؟ العمارة بتقع"، كلمات وقعت كالصاعقة على أذنيه، وسيطرت الصدمة على ذهنه، فهنا عاش طفولته حين جاء مع والديه للعمارة في عمر الـ3 سنوات، وخطت أقدامه خطواتها الأولي بشقتهم الكائنة بالطابق الثاني، وهنا قضى شبابه وتزوج وأنجب وودع والديه: "عمري كله عيشته هنا، أنا بعتبر نفسي عامود من عواميد البيت اللي اترممت"، بحسب تعبيره.
في ثوان معدودة، خرج المهندس يسري وزوجته من البيت يتابعون الموقف من أسفل العمارة التي تحمل رقم 17 بشارع البرازيل، ورغم هول الموقف لم يشك لحظة في قدرة الدولة على تنفيذ وعودها للسكان، اطمئن قلبه بسماع تصريحات المفريق المهندس كامل الوزير، وزير النقل، التي أكد فيها عودة السكان قريبا بعد الترميم.
لم يتذكر الرجل الستيني، أقدم السكان، أحداث ذعر مشابهة مرت بها العمارة التاريخية، فالمشهد الذي عاشه جديدا، حتى حين وقع زلزال 1992 لم تتأثر الجدران: "وقت الزلزال مكنتش في البيت بس رجعت وكل حاجة كانت زي ما هي"، معتبرا أحداث التصدع التي وقعت في يوليو الماضي هي الأصعب التي مرت على السكان.
نحو 42 يوما ابتعد فيها المهندس المحال إلى المعاش حاليا، عن منزله، زاد اشتياقه لغرفته وأريكته وجلسته الصباحية في الشرفة، وما إن سمع عن بدء عودة السكان حتى أعدّ حقائبه وزوجته وكان من أوائل المنتظرين للافتتاح على مدخل العمارة: "رجعت لقيت كل حاجة زي ما هي وأحسن من الأول كمان، رجعت ليا روحي من جديد برجوعي لبيتي وذكرياتي".
أعمال الترميم لم تنل من شكل العمارة الذي عهده عليها سكان المنطقة، محتفظة بالشكل الذي كانت عليه طوال السنوات الماضية.
وأخليت عمارة الشربتلي بمنطقة الزمالك من السكان، بسبب هبوط أرضي في 26 من يوليو الماضي، أدى إلى حدوث ميل وتصدع بالعقار، علاوة على إغلاق المعهد السويسري القابع في محيط الهبوط، حيث مالت العمارة نتيجة حدوث هبوط أرضي بسبب أعمال حفر مشروع مترو الأنفاق.