على أنغام "شفيقة ومتولى".. شاب تخلص من ابنة عمه المطلقة لرغبتها في التمثيل

على أنغام "شفيقة ومتولى".. شاب تخلص من ابنة عمه المطلقة لرغبتها في التمثيل
في ليلة باردة من ليالي شهر يناير من عام 2019، وفي حجرة ريفية بسيطة بقرية كوم جابر التابعة لمركز أبو تشت في قنا، كانت تلك الكلمات تترامى من "كاسيت" قديم: "فى القرطة (المعسكر) عسكري ماشي بكيفه.. بالمال أهله بيكفوه.. متولي ضربه بكفه قال إزاي بتضربني يا جبان.. روح ادفن نفسك جوة جبانة.. آدي صورت أختك جوه جيبي أنا.. متولي لما شاف الصورة بقى ذليل ونفسه مكسورة".
بينما كان مؤدي موال "شفيقة ومتولي" بلهجة صعيدية يعيد ويزيد، كانت الكلمات تشق طريقها إلى مسامع شاب ثلاثيني، تكور على نفسه في الحجرة مهموما حزينا، بينما كان يشعر بوخز الكلمات في قلبه كنصالٍ حادة تمزقه، وتشعل نارا في كيانه، دفعته لينهض ويغلق ويطيح بـ"الكاسيت"؛ ليسكت الصوت الذي يبدو أنه ملأ جراحا لديه بالملح.. نظر الشاب من النافذة بـ"غل" وتصميم، كانت نظراته حادة كتلك الكلمات التي سمعها لتوه.
في تلك الليلة لم ينم الشاب "ع.م.ع" 28 سنة، ولم يسكن قلبه، بقى مشهدا يتقلب على جانبيه كأنه يتلظى في النار، أشعل قطع الفحم وقضى ليلته في صحبة "أنفاس الجوزة" وفحيح العار، كان شاردا ومشتتا بينما يسحب الأنفاس، وكلمات موال شفيقة ومتولى، قصة الصعيد الأشهر، تزلزل كيانه.
لم يكن ذلك الشاب، المحافظ يتوقع أن تتكرر قصة شفيقة ومتولي، أسطورة جرجا في عهد قديم، وأن يكون هو وابنة عمه "ف.ع" 26 سنة بطليها، دخل في نوبة هيستيرية من الضحك المتواصل حتى إنه سعل بشدة، ودمعت عيناه، قبل أن يرفع "قلة" قريبة منه ويبلل ريقه بشربة ماء، ويقف لاهثا، وهو يتذكر كيف يعايره أبناء القرية بسلوك ابنة عمه تلك الفتاة المطلقة و"المارقة"، التى تسافر لتفعل ما يحلو لها في شوارع القاهرة، لتطارد بجنون وبلا شروط حلمها في التمثيل.
في منزل قريب من منزل الشاب، منزل فقير ومتواضع، كانت ابنة عمه في غرفتها، أمام المرآة تفك ضفائرها، تتأمل ملامحها، باسمة ومفعمة بالحماس، تختبر أمام مرآتها أوضع عديدة لوقفة تليق بنجمة سينمائية قادمة، كانت سعيدة كأنها تفرح للمرة الأولى، لقد عادت قبل ساعات من القاهرة وقد مثلت أول أدوارها، مجرد خادمة في عمل درامي، خطوة أولى تستحق الاحتفال.
قضت الفتاة ليلتها سعيدة، تطارد أمانيها البعيدة وهي ممدة في فراشها، وتطلق لأحلامها العنان لتسافر بعيدا لتلون مستقبلها بالسعادة، وتنثر في آفاقها الورود والزهور.
في صباح يوم جديد، هو الصباح التالي لليلة السابقة، شق الشاب طريقه خفية إلى منزل ابنة عمه، التي تقيم بمفردها، كان يخفي وجهه بشال، ويسير متوجسا حتى لا يلمحه أحد، ويحرقه بالنظرات أو الكلمات كتلك التي سمعها من قبل: "مش عارفين تلموا بنت عمك، سيرتها على كل لسان بتروح مصر تعمل إيه".
دخل الشاب منزل ابنة عمه، واجما، عيناه منتفختان، ومرهقتان، ربما لأنه لم ينم في ليلته تلك، وقف أمامها ووجه محتقن بالغضب، بينما كانت هي تنظر إليه باسمة ومفعمة بالأمل، لأول مرة يرى وجهها بكل هذا الجمال، والنضارة، ابتلع ريقه: "كنت فين من كذا يوم".
تعلم الفتاة أنه غاضب، لذلك قالت له بسرعة لعله يهدأ: "كنت في مصر ومثلت دور خدامة في فيلم".
تلك الكلمات التي توقعت الفتاة أن تفرح ابن عمها، وأن تمتص غضبه، لم تفعل، بل دفعت ابن العم الغاضب إلى حافة الجنون، وبدلا من تهنئتها كما توقعت، دخل المطبخ وأحضر سكينا، وسدد لها ضربة في رقبتها، قبل أن يجهز عليها بـ16 طعنة في أنحاء متفرقة من جسدها، كانت الفتاة تقاوم بلا جدوى، بينما كلمات نهاية موال شفيقة ومتولى تتردد في أذن ابن العم، تدب في كيانه كأنها قرع أجراس جنائزية: "بسرعة متولي طلع فوق.. يقول ولا حد معايا متفوق.. شوف السكرانة لما تفوق.. وشافته وفاقت من الخمرة قالتلو خدني وأتوب على إيدك.. قالها يا شفيقة بعد إيه تتوبي.. وتتمحكي وتقولي مكتوبي.. دي رقعة ماتطلعش من توبي".
جاء ذلك وفقا لاعترافات المتهم عقب القبض وما أثبتته تحريات الأجهزة الأمنية في أثناء التحقيق مع المتهم بمعرفة مباحث قسم شرطة أبوتشت حيث أكد أن المجني عليها كانت تعشق التمثيل وتسافر إلى القاهرة بشمل دائم، وفي آخر سفرية لها أذاعت بين أهالي القرية أنها مثلت دور خادمة في فيلم.
وأشار إلى أنه طلب منها عدم السفر والمشاركة في مثل هذه الأدوار، ورفض التمثيل خوفًا من العار، خصوصًا أنها مطلقة ومن عائلة محترمة، ولم يشارك أحد من عائلتنا في الفن، حتى وقعت مشادة بينه وبينها أحضر إثرها سكينا وطعنها 17 طعنة توفيت في الحال. وتمت محاكمة المتهم وصدر حكم منذ يومين من محكمة جنايات قنا بالإعدام شنقًا، بعد أخذ الرأي الشرعي من فضيلة المفتى.