"السرقات الأدبية" قضية قديمة لا تنتهي حتى "الحكيم" طالته

"السرقات الأدبية" قضية قديمة لا تنتهي حتى "الحكيم" طالته
مفهوم السرقات الأدبية، هو اقتباس شخص مادة فكرية مملوكة لشخص آخر، فى غفلة من المالك، وهو موضوع قديم جديد، خاصة مع تعدد روافد الثقافة، واتساع رقعة المعرفة، وعلى مدار السنوات الماضية، تنوعت أشكال السرقات الأدبية، سواء الشعرية أو المسرحية أو الروائية، ومنها فى عام 1916، انفصل عبد الرحمن شكرى عن زميله إبراهيم المازنى، بعد أن ثارت إثر ذلك الخصومة، فأخذ شكرى يعيب على المازنى، انتحاله لبعض الأشعار الإنجليزية.
وهو ما تناوله المحامي رجائي عطية فى أحد مقالاته، بعنوان "العقاد ومدرسة الديوان": "خصومة شديدة كانت شجرت بين المازنى وشكرى، إثر ما نشره شكرى فى مجلة (المقتطف) عــن (انتحال المعانى الشعرية)، حيث تضمن المقال اتهام المازنى بسرقة عدة معانٍ بل قصـائد من الشعر الإنجليزى المنشـور فـى المجموعة الرائعة المعروفة باسم (الذخيرة الذهبية) (Golden treasury)، الأمر الذى أثار المازنى ثورة عنيفـة، جعلته يصل فى الخصومة، إلى حد اتهام شكرى بالجنون، وكان هذا سبب ولا أقول مبرر وصفه بـ(صنم الألاعيب) فى المقالات التى نشرها عنه فى الجزء الأول من كتاب الديوان. (الكتاب لعباس العقاد).
الكاتب توفيق الحكيم، وقع فى مرمى هذه التهمة، أكثر من مرة، وكان أشهرها تلك التي جرت أحداثها على صفحات جريدة "الجمهورية" عام 1957، عندما بدأ الكاتب أحمد رشدي صالح، سلسلة مقالات نقدية، قارن فيها بعض مسرحيات توفيق الحكيم، وبين بعض الأعمال الأجنبية.
كان لهذه المقالات صدى واسعاً؛ وكان أكثرها إثارة حينها تلك المقارنة التي عقدها بين كتاب "حمار الحكيم" و"أنا وحماري" للإسباني خوان رامون خيمينيث (1881– 1958)، بعد حصوله على جائزة نوبل في الأدب سنة 1956.
واتهم الكاتب عبدالرحمن شكرى، زميله إبراهيم المازني بالسرقة من مصادر أجنبية.
العصر الحديث كان للناقد والمؤرخ شعبان يوسف، عدة مقالات عن نماذج من سرقات متنوعة، تناول منها كتاب "كتب غيرت الفكر الإنساني"، للكاتب أحمد محمد الشنوانى، والكاتب صادر عن هيئة الكتاب ومكتبة الأسرة، ثم حصل مؤلفه على جائزة معرض الكتاب عن المجلد.
وتابع شعبان لـ "الوطن"، طالبت بإعدام النسخ المتبقية من السلسلة المسروقة فى المكتبات، لكنه لم يحدث شىء، كما أن هناك دكتورة إيمان عامر، أخذت دراسة قدمتها الدكتورة سهير القلماوي من قبل عن ملك حفني ناصف، ونشرتها فى كتاب نسبته لنفسها.
ويوضح "شعبان"، و"مذكرات بديع خيري" لمحمد رفعت، سرقها شخص اسمه إبراهيم حلمي، وكان مذيعا، وهذه المذكرات منشورة بالكامل فى مجلة الكواكب في 1963، ومن إعداد وتقديم الكاتب الصحفى محمد رفعت، الذى ذهب إلى بديع خيرى، وحصل منه على هذه المذكرات، التي كتب لها بديع خيري المقدمة بنفسه: "لولا صداقة محمد رفعت، ولولا نفوذ وسلطان هذه الصداقة، ما كنت كتبت مذكراتى هذه أبدا"
ومنها القضية الشهيرة التى تم تداولها فى المحاكم، والتى رفعها الكاتب الصحفى أسامة الألفى، ضد الدكتور حسام عقل الأستاذ المساعد بتربية عين شمس، والذى حصل فيها الأول على تعويض تبلغ قيمته 250 ألف جنيه، وهوأكبر حكم تعويض لانتهاك ملكية فكرية، تصدره المحكمة الاقتصادية فى القاهرة، وذلك في 2015.
وقال الألفى: حكمت المحكمة الاقتصادية، وقتها بحكم بالتعويض لقيام حسام السيد عقل بسرقة عنوان ومضمون كتاب "لماذا أسلموا؟" وهو من تأليف أسامة الألفى، بينما قام عقل بعمل برنامج حوارى على الفضائيات، وادعى نسبة مضمون البرنامج إليه على خلاف الحقيقة.
ويوضح "الألفي"، بعد حكم تعويضي الذي صدر بناء على 3 تقارير خبرة، أجمعت أن هناك سرقة، وأقر ذلك قضاة محكمة ابتدائية ثم محكمة استئناف، تم التحايل في إبلاغى بموعد جلسة غرفة المشورة التالية لصدور الحكم، تم نقض وإلغاء الحكم.
وقد تناول الكاتب الصحفي حلمي النمنم، آنذاك الموضوع في أحد مقالاته الذى يحمل عنوان "لص في الجامعة"، وجاء منه "الحكم الذى صدر من المحكمة الاقتصادية يدين السارق لأنه سرق العنوان والفكرة، وحولها إلى مادة تليفزيونية فى برنامج بقناة سلفية، لاحظ المفارقة: أستاذ جامعى، المفترض أن يكون مربياً فاضلاً، وقناة دينية يفترض أنها تبشر بحسن الخلق، فإذا بها تعتمد اللصوصية فى عملها، وبهذا الحكم فإن كثيراً من اللصوص لم يعد بمقدورهم الإفلات"!