الإفتاء والكنيسة تحبطان فتنة "إعلام الإخوان" حول بناء المساجد والكنائس

الإفتاء والكنيسة تحبطان فتنة "إعلام الإخوان" حول بناء المساجد والكنائس
أحبطت دار الإفتاء والكنيسة القبطية الأرثوذكسية، فتنة حاول ذيول تنظيم الإخوان الإرهابي إشعالها عبر أحد أبواقهم الإعلامية التي تبث من تركيا، مستغلين حالة الزخم في الشارع المصري حول تصدي الدولة بكافة أجهزتها لمخالفات البناء والتعدي على أراضي الدولة والأراضي الزراعية.
"الفتنة" التي حاول إشعالها "محمد ناصر" عمد خلالها على عمل مقارنة بين بناء المساجد والكنائس في مصر، مجتزءا تصريحات الرئيس عبدالفتاح السيسي خلال بعض الافتتاحات في الإسكندرية هذا الأسبوع والتي تحدث خلالها عن مخالفات البناء وضرورة التصدي لها، مشيرا إلى تلاعب البعض بالتعدي على الأراضي الزراعية ببناء مساجد عليها، وتم دمج تصريحات الرئيس مع تصريحات للأنبا يوأنس أسقف أسيوط تم اقتطاعها من سياقها الذي قيل فيه عام 2016 خلال أحد اللقاءات من أقباط المهجر في الولايات المتحدة حول إجراءات الدولة لتلافي عيوب الماضي ومنها إقرار قانون لبناء الكنائس الذي نص على خطوات لتقنين وضع الكنائس غير المرخصة.
الفيديو المجتزأ لم يكمل تصريحات الرئيس السيسي بأنه سيزيل المساجد على الأراضي الزراعية وسيبني بديلا لها، كما لم يعرض خطوات تقنين الكنائس غير المرخصة والتي تشترط استيفاء شروط الدولة وأن تكون مباني الكنيسة ملتزمة بالضوابط والقواعد التي تتطلبها شؤون الدفاع عن الدولة، وهي "عدم إقامتها على مناطق عسكرية"، والقوانين المنظمة لأملاك الدولة العامة والخاصة.
الإفتاء: بِناءَ مسجدٍ على أرضٍ زراعيةٍ بالتحايل على القانون أو بمخالفته أمرٌ غيرُ جائزٍ شرعًا وللحاكم تقييد المباح
وأكدت دار الإفتاء في بيان لها "أن بِناءَ مسجدٍ على أرضٍ زراعيةٍ بالتحايل على القانون أو بمخالفته أمرٌ غيرُ جائزٍ شرعًا"، مشيرة إلى أن الحرمة أشد لو كان ذلك ذريعةً لاستِباحة ما حوله من الأراضي الزراعية المحظور البناء عليها ببنائها، وليس لله تعالى حاجة في بناء بيتٍ يضر مصالح عباده واقتصادهم ولا يقصد به وجهه.
وأوضحت الدار -في فتوى لها- أنه من القواعد التي قررتها الشريعة أن درء المفسدة مُقدَّمٌ على جلب المصلحة، كما أن الشريعة قد راعت ترتيب المصالح وترتيب المفاسد عند التعارض، وترتيب المصالح يكون بتقديم أكثرها نفعًا، كما أن ترتيب المفاسد يكون بتقديم أقلها ضررًا، ومِن ثَمَّ قَدَّم الشرع تحصيل مصلحة الجماعة على مصلحة الفرد عند التعارض، كما قَدَّم دفع المفسدة التي تلحق بالمجموع على دفع المفسدة التي تلحق بالفرد عند التعارض.
وأضافت دار الإفتاء أن الأراضي الزراعية عماد الاقتصاد المصري، والبناء عليها يُعَدُّ إهدارًا واضحًا للثروة الزراعية في مصر، ومساحة الأراضي الزراعية في مصر لا تتجاوز 4% من إجمالي أرضها، وهذه المساحة ضئيلة لا تفي بحاجة أهل مصر، ولا تحتمل النقصان بحال، ونقصانها يترتب عليه ضررٌ على المجتمع كلِّه، ويزيد من مصاعب الوصول للاكتفاء الذاتي؛ حيث يؤكد الخبراء أن مصر بحاجة إلى زيادة مساحة الأراضي الزراعية إلى الضِّعف حتى تصل إلى تحقيق الاكتفاء الذاتي.
وأشارت إلى أن تقديم مصلحة الجماعة واعتبار المآلات يقتضي وجوب التنبه إلى الفساد الذي يمكن أن يسببه التساهل في البناء على الأرض الزراعية، وما يستتبع ذلك من إضعافٍ للاقتصاد القومي.
وأكدت الدار أن الحفاظ على الرقعة الزراعية له بُعد استراتيجي؛ حيث إن الوصول إلى الاكتفاء الذاتي في المحاصيل الأساسية هو سبيل التخلص من التَّبَعِيَّة السياسية، وما حرص المستعمر عبر التاريخ على شيءٍ حرصَه على أن يتحكم في المحاصيل الأساسية القُوتِيَّة للدول التي يرغب في وقوعها تحت تَبَعِيَّتِه.
وأوضحت الفتوى أنه من المقرر شرعًا أن للحاكم تقييد المباح، وذلك لأنه هو المنوط بتقدير المصالح وتحقيقها، ولَمَّا كان للثروة الزراعية أهميتها -كما سبق بيانه- للنهوض بالوطن ومصلحة أفراده وتحقيق الاكتفاء الذاتي لهم مَنَع وَلِيُّ الأمر البِناء على الأراضي التي يتحقق بها هذا المراد، ووجب على الأفراد الامتثال لهذا المَنْع، وكان عصيانهم حرامًا شرعًا.
وأشارت إلى أنه من الواضح من هذه النصوص أن المشرِّع في قانون الزراعة وفي التعديلات التي أدخلت عليه حرص على إضفاء الحماية اللازمة للرقعة الزراعية وصيانتها مِن التبوير أو مِن كل فعل أو امتناع عن فعل يؤدي إلى المساس بخصوبتها، أو يمكن أن يؤدي إلى ذلك، واعتبر أن المساس بتلك الحماية المقررة لها هو عملٌ يرقى إلى مصافِّ الجريمة الجنائية التي توجب على المحكمة المختصة توقيع الجزاء المقرر، بل قَرَّر في بعض الأحوال ضرورة التدخل العاجل من جهة الإدارة دون انتظارٍ لحكم القضاء، إمَّا بوقف أسباب المخالفة؛ للحيلولة دون استِفْحالِها، وإمَّا بإزالة أسباب المخالفة وإعادة الأرض الزراعية إلى ما كانت عليه.
وذكرت دار الإفتاء في ختام فتواها أن القانون في ذلك لم يكن متعسفًا، بل أوجد البديل؛ حيث جعل في زمام كل جهة كردونًا للمباني يستطيع أهل القرية البناء فيه، كما أعطى الحقَّ لملَّاك الأراضي الواقعة بزمام القرى في إقامة مسكنٍ خاصٍّ أو مبنى يخدم الأرض، وذلك في الحدود التي يصدر بها قرارٌ مِن الوزير المختص.
الكنيسة: نشهد أن قيادة الدولة الحالية تقف على مسافة واحدة من الكل في التعامل مع أي تعدٍ للقانون
أما الكنيسة القبطية الأرثوذكسية، فأكدت في بيان لها، أنه "بخصوص الادعاءات التي رددتها إحدى القنوات المعادية للدولة والتي تحاول بث الفتنة بين أبناء الشعب المصري، بعمل مقارنات بين معايير بناء دور العبادة في مصر، لضرب الصف الوطني، واستخدمت في ذلك تصريحات لأحد الأساقفة، بشكل ينطوي على مغالطة، بعد أن تم اجتزاء هذه التصريحات، والتي قيلت قبل صدور قانون بناء الكنائس. وهو القانون الذي وضع شروطًا واضحة لبناء الكنائس، تلتزم بها الكنيسة التزامًا كاملًا، فالكنيسة لا يمكن أن تقر التعدي على الأراضي باي شكل من الأشكال".
وأعادت الكنيسة التأكيد أن المصريين جميعًا يعلمون أن الكنيسة المصرية تحترم الدستور والقوانين وكانت وستظل من أول الداعمين للمشروعات القومية في الدولة، وأن تعلي دومًا المصلحة العامة وهو ما تثبته العديد من المواقف، وتشهد الكنيسة أن قيادة الدولة المصرية الحالية، تقف على مسافة واحدة من الكل في التعامل مع أي تعدٍ للقانون فلا يوجد فرق التعامل مع دور العبادة كلها".
وتابع بيان الكنيسة: "كما نؤكد على الحقائق الآتية:
1- تؤكد الكنيسة القبطية الأرثوذكسية أنه لا يوجد أي كنيسة مقامة على أراضٍ مملوكة للدولة إلا تلك التي خصصتها الدولة للكنيسة وفقًا للقانون، وذلك في المدن الجديدة فقط.
2- الأراضي التي تحدثت عنها القناة الكاذبة، هي أراضٍ زراعية وضمت إلى كردون المدينة والقري وما زالت إلى هذا اليوم لها هذا المسمى في الأملاك أرض زراعية، فهي أملاك خاصة لأشخاص وليست ملك للدولة.
3- جميع الكنائس المقامة ضمن الكتل السكنية العامرة بالسكان منذ زمن بعيد، قبل القانون رقم 8 لسنة 2016، قدمت لتقنين أوضاعها طبقا لما ورد بالقانون المشار إليه إلى اللجنة الوزارية المشكلة برئاسة رئيس مجلس الوزراء والتي تضم الوزارات والجهات المعنية للنظر في تقنين أوضاع الكنائس المشار إليها.
4- أي كنائس بنيت بعد صدور القانون المشار إليه، بنيت طبقًا لهذا القانون.