وبدأت الدروس الخصوصية!!!
بلا رحمة عاد مدرسو الدروس الخصوصية لأنشطتهم الإجرامية دون اعتبار لظروف البلد، عادوا قبل عودة الدراسة بشهرين وبأسعار مضاعفة والدفع مقدماً، وكأنهم يعاقبون أولياء الأمور على تفشى فيروس كورونا، الذى أضاع عليهم أربعة أشهر أغلقت فيها مراكزهم وتوقفت أرصدتهم فى البنوك. مافيا الدروس الخصوصية تعتقد أنها أقوى من الحكومة ولا يمكن الاستغناء عنهم، بحجة أنه لا تعليم فى المدارس، ولكن مجلس الوزراء وعلى لسان وزارة التربية والتعليم أكد أنه لن يسمح بعودة مراكز (أوكار) الدروس الخصوصية ولن يتم ترخيصها. الحكومة قوية وتستطيع القضاء نهائياً على هذا السرطان، لأنها تعرف مواقع (السناتر) والداعمين لها، وخلال ساعات أغلقتها ولكن أصحابها لم يمنعهم الشمع الأحمر من ممارسة تجارتهم غير المشروعة. الحكومة تحذر المواطنين وتطالبهم باتخاذ كافة الإجراءات الاحترازية لحماية أنفسهم وغيرهم من فيروس كورونا، والتجمعات خطر خاصة الأماكن المغلقة، وقيادات الدولة العليا تتعمد الظهور أمام الإعلام مرتدية الكمامة حتى تؤكد أن الخطر ما زال يهددنا، ولكن أباطرة الدروس الخصوصية لا يرون سوى مصلحتهم فقط وتذهب مصلحة البلد للجحيم.
الحاجة أم الاختراع وأزمة كورونا جعلتنا مضطرين للجوء لوسائل جديدة للعمل والتعليم عن بُعد والتوسع فى الخدمات الإلكترونية، والدولة قامت بتطوير وتحديث البنية التكنولوجية حتى يصبح العمل عن بُعد منهجاً وأسلوب حياة وليس رفاهية أو حتى ضرورة فرضتها أزمة كورونا. القضاء على الدروس الخصوصية يجب أن يكون أولى ثمار التحول الرقمى، مع استغلال القنوات والإذاعات التعليمية والتكنولوجيا الحديثة، وهذا سوف يوفر على الأقل 50 مليار جنيه سنوياً للمواطنين تخرج من جيوبهم غصباً إلى جيوب المدرسين. ليس معقولاً أن تنفق الدولة 100 مليار جنيه وأكثر على التعليم قبل الجامعى ومع ذلك كل الطلاب يأخذون دروساً خصوصية من الحضانة حتى الجامعة، والخريجون مستواهم متواضع، كل درجة حصل عليها الطالب فى الثانوية العامة كلفت أسرته والدولة عشرات الآلاف، وللأسف المستفيد الأوحد من ذلك هم فئة قليلة من المجتمع، بعضهم غير مؤهل للتدريس، هذا بالإضافة إلى شكاوى المواطنين من إزعاج مراكز الدروس الخصوصية فى العقارات السكنية تحت سمع وبصر وتواطؤ الفاسدين فى المحليات. الكارثة الحقيقية فى الدروس الخصوصية أنها قضت تماماً على دور المدرسة وهيبة المدرس، لأنه أصبح فى نظر الطالب سلعة يشتريها بأمواله، كما قضت على منظومة القيم والأخلاق التى كانت تغرسها المدرسة فى نفوس الأطفال منذ الصغر، ودمرت الأنشطة التى تشكل وجدان الطالب وتكتشف مواهبه، أيضاً الدروس لا تسمح للطالب بأن يستمتع بحياته، فالعرض مستمر قبل أن ينتهى من الامتحانات يبدأ فى حجز الدروس الخصوصية للعام التالى. أتمنى من حكومتنا القوية الوطنية، التى تُدير أمورنا باحترافية أن تقضى على سرطان الدروس الخصوصية وتنقذ ملايين الأسر من وباء أخطر من الكورونا. الدروس الخصوصية فى بلدى الحقيقة المؤكدة بعد الموت، حيث لم يسلم منها أبناء الأغنياء والفقراء والوزراء والخفراء والأميين والمتعلمين والمثقفين فى القرى والمدن بالتعليم الحكومى والخاص والأجنبى، وحولته من مشروع قومى إلى سبوبة، والقضاء عليها بمثابة منح الشعب علاوة دورية وتحسين مستوى معيشته. وأتمنى أن يخصص مجلس الوزراء خطاً ساخناً للإبلاغ عنها. والله الموفق والمستعان.