الطفلة "فجر" تعلم أطفال غزة المناهج رغم صواريخ الاحتلال وكورونا

كتب: سمر صالح

الطفلة "فجر" تعلم أطفال غزة المناهج رغم صواريخ الاحتلال وكورونا

الطفلة "فجر" تعلم أطفال غزة المناهج رغم صواريخ الاحتلال وكورونا

في حارات وأزقة امتلأت شوارعها بحطام المنازل التي قصفها طيران الاحتلال، يكسر مشهد الأجواء الخانقة صوت طفلة في الثالثة عشر من عمرها، يعلو بشرح المناهج التعليمية لأطفال في المرحلة الابتدائية، جيث تصحبهم إلى عالم آخر يخلو من الصراعات يتناسون به ما حل بمدينتهم من خراب، فتتبدل أصوات المدافع في آذانهم، بكلام علمي تتلهف أذانهم لسماعه داخل فصل جدرانه من المشمع ومقاعده من ألواح خشبية مُجمعة يدويا، يتشبثون بالحياة ما استطاعوا إليها سبيلاً بشتى الوسائل المتاحة والممكنة في ظل ظروف وباء عالمي زاد من معاناتهم.

في قرية المغراقة جنوب مدينة غزة المحاصرة، استغلت الطفلة "فجر حميد"، غلق المدارس بفعل أزمة كورونا للتدريب على رغبتها في أن تصبح معلمة، فحولت قطعة أرض فارغة بجوار منزلها إلى فصل لاستكمال شرح الدروس المتبقية من المناهج لأطفال المخيم والمنازل المجاورة لبيتها.

في صباح كل يوم يجتمع أطفال الحي في منزلها للاستماع إلى شرحها، فلم يمنعها خوفها من كورونا ولا ظروف المخيم الصعبة، "بعمل ده لوجه الله وأتمنى أكون مدرسة"، تقول الفتاة الغزواية في بداية حديثها لـ"الوطن".

الفكرة بدأت بالتدريس لشقيقتها وصديقتها وانجذب إليها أطفال القرية

برداء المعلمة تقمصت الطفلة فجر، الدور الذي أدته ببراعة، بدعم من والدها الذي آمن بموهبتها، تشرح للأطفال اللغتين العربية والإنجليزية وقليلا من مبادئ الرياضيات، تميزت بـ"كاريزما" أقنعت الطلاب المستمعين إليها حتى ذاع صيتها بين منازل القرية، وزاد الإقبال عليها فاقتسمت وقتها إلى فترتين للدارسة صباحا ومساءً، لم تغفل خلالهما تخصيص وقت للترفيه للطلاب الذين يفصلهم عن عمرها سنوات قليلة.

أعمار متفاوتة من الحضانة حتى الصف السابع الابتدائي، هم طلبة "فجر"، يجلسون أمامها في تركيز شديد لما تملكه من أسلوب جذاب تعتمد فيه على التشجيع والترغيب بالهدايا، سبورة الفصل المتمثلة في باب خزانة قديم كانت كافية لتوصيل المعلومات إلى الصغار،"البداية في مارس الماضي كنت بدرس لأختي الصغيرة وأصحابها بس وبعد وقت قليل بدأ أطفال القرية يطلبون الحضور" ومن هنا أضحت مبادرة معلنة لتعليم طلاب المغراقة خلال فترة غلق المدارس دون مقابل.

"وقت  الحظر وغلق المدارس بدل ما نقعد في البيوت عندنا ملل حاولت أستفيد وأفيد غيري"، تواصل الطفلة الفلسطينية المتطوعة حديثها عن مبادرتها التي نالت إعجاب الأمهات والأباء في القرية، "عرضوا عليها تاخد أي مقابل مادي رفضت لإنها بتعمله لوجه الله ولحبها في التدريس"، بحسب تعبير والدها.

شرح المناهج التعليمية ليس المهارة الوحيدة التي تتميز بها "فجر"، بل تهوى الرسم في وقت فراغها تشارك بأعمالها التي لونتها بأنامل أصابعها الصغيرة في مسابقات فنية بمدرستها، سبق لها أن حصلت على المركز الثالث في إحداها، ولايزال حلمها الأكبر هو أن تمتلك مركز تعليم خاص بها تساعد به أطفال قريتها المهمشة.


مواضيع متعلقة