وزير الأوقاف يوضح معنى الفقه وحتمية التجديد

كتب: عبد الوهاب عيسى

وزير الأوقاف يوضح معنى الفقه وحتمية التجديد

وزير الأوقاف يوضح معنى الفقه وحتمية التجديد

أوضح الدكتور محمد مختار جمعة، وزير الأوقاف، أن الفقه معناه التيسير بدليل، والرخصة من ثقة، والقدرة على التجديد المنضبط بضوابط الشرع، ومعرفة الأحكام الجزئية المستنبطة من أدلتها الكلية، وفهم مقاصد النصوص وأبعادها ومراميها ومآلاتها دون الوقوف أو التحجر عند ظواهر بعض النصوص.

وأضاف وزير الأوقاف، في تدوينة له على موقعه الرسمي، بعنوان "حتمية التجديد الفقهي"، أن الفقه هو إعمال العقل في فهم صحيح النص، ومراعاة ظروف الزمان والمكان وأحوال المستفتين وعاداتهم وقرائن أحوالهم، ومراعاة ترتيب الأولويات ووضع كل منها في موضعه، وهو ملَكة عظيمة تُبنى على الخبرة والدُّربة وطول الممارسة وكثرة التحصيل والدرس والفهم، وليس مجرد حفظ بعض الأحكام لبعض المسائل حتى دون معرفة مبتداها ولا منتهاها ولا وجوه استنباطها ولا القواعد الفقهية أو الأصولية التي تخرجت أو بُنيت عليها أقوال الفقهاء.

وأشار إلى أنه عندما سأل رجلٌ إياسَ بن معاوية أن يعلمه القضاء، فقال له: إن القضاء لا يعلَّم، إنما القضاء فهم، ولكن قل: علمني العلم، ويقول النبي صلى الله عليه وسلم: "مَن يُرِدِ اللَّهُ به خَيْرًا يُفَقِّهْهُ في الدِّينِ، وإنَّما أنا قاسِمٌ واللَّهُ يُعْطِي، ولَنْ تَزالَ هذِه الأُمَّةُ قائِمَةً علَى أمْرِ اللَّهِ، لا يَضُرُّهُمْ مَن خالَفَهُمْ، حتَّى يَأْتِيَ أمْرُ اللَّهِ"، ويقول أيضًا صلى الله عليه وسلم، في الحديث الذي رواه الترمذي في سننه: "نَضَّرَ اللهُ امرأً سمِعَ منَّا شيئًا فبلَّغَهُ كما سمِعَهُ، فرُبَّ مُبَلَّغٍ أوْعَى من سامِعٍ"، وروى ابن ماجه في سننه: "فرُبَّ حاملِ فقهٍ ليسَ بفَقيهٍ، ورُبَّ حاملِ فقهٍ إلى من هوَ أفقَهُ منهُ".

وأوضح أن ما ثبت بدليل قطعي الثبوت والدلالة، وما أجمعت عليه الأمة وصار معلومًا من الدين بالضرورة كأصول العقائد وفرائض الإسلام من وجوب الصلاة، والصيام، والزكاة، وحج البيت لمن استطاع إليه سبيلا، كل ذلك لا مجال للخلاف فيه، فهي أمور توقيفية لا تتغير بتغيُّر الزمان والمكان والأحوال والأشخاص.

وأكد وزير الأوقاف، "إننا ننظر بكل التقدير والاحترام لآراء الأئمة المجتهدين، وعلى رأسهم: أبي حنيفة، ومالك، والشافعي، وأحمد بن حنبل، ومن كان على شاكلتهم من العلماء والفقهاء المعتبرين في اجتهادهم، ونرى أنهم جميعًا أهل علم وفضل، فقد بذل كلٌّ منهم وسعه في الاجتهاد والاستنباط في ضوء معطيات عصره، وتلقت الأمة مذاهبهم بالرضا والقبول.

وتابع، ومع ذلك فإننا نرى أن بعض الفتاوى ناسبت عصرها وزمانها أو مكانها، أو أحوال المستفتين، وأن ما كان راجحًا في عصر وفق ما اقتضته المصلحة في ذلك العصر قد يكون مرجوحًا في عصر آخر إذا تغيرت ظروف هذا العصر وتغير وجه المصلحة فيه، وأن المُفتَى به في عصر معين، وفي بيئة معينة، وفي ظل ظروف معينة، قد يصبح غيره أولى منه في الإفتاء به إذا تغيّر العصر، أو تغيّرت البيئة، أو تغيّرت الظروف، ما دام ذلك كله في ضوء الدليل الشرعي المعتبر، والمقاصد العامة للشريعة؛ وما دام الأمر صادرًا عن من هو – أو من هم – أهل للاجتهاد والنظر.

وختم وزير الأوقاف حديثه، قائلا: "إننا نؤمن بالرأي والرأي الآخر؛ فإذا كان بعض سلفنا الصالح قد قال: رأيي صواب يحتمل الخطأ ورأي غيري خطأ يحتمل الصواب، فإننا نذهب أبعد من ذلك فنقول: إن كلا الرأيين قد يكون على صواب، غير أن أحدهما راجح والآخر مرجوح، فنأخذ بما نراه راجحًا مع عدم تخطئتنا لما نراه مرجوحًا، ما دام صاحبه أهلًا للاجتهاد، ولرأيه حظ من النظر والدليل الشرعي المعتبر، فالأقوال الراجحة ليست معصومة، والأقوال المرجوحة ليست مهدرة ولا مهدومة، ومن ثمة كانت حتمية التجديد الفقهي".


مواضيع متعلقة