"انفجار بيروت".. هل يضع الإهمال لبنان أمام مأساة تاريخية؟

كتب: محمد حسن عامر

"انفجار بيروت".. هل يضع الإهمال لبنان أمام مأساة تاريخية؟

"انفجار بيروت".. هل يضع الإهمال لبنان أمام مأساة تاريخية؟

وضع تفجير لبنان الذي وقع، أمس، لبنان أمام ظرف مأساوي تاريخي بعد أن شرد نحو 300 ألف من سكانها، وأوضع أكثر من 100 قتيل ونحو 4 آلاف جريح، فيما تشير توقعات إلى أن العدد الأكبر للضحايا لا يزال تحت الأنقاض.

وفي وقت لا يزال غير معلوم بعد سبب الانفجار الضخم بمستودع للمواد المتفجرة في مرفأ بيروت الحيوي، تحدثت مصادر عدة عن الإهمال والتراخي في عملية نقل تلك المواد المتفجرة من المرفأ على مدار سنوات، وتجاهل التحذيرات من إمكانية انفجارها على مدار 6 سنوات.

"رويترز": "سنوات من التراخي والإهمال هي السبب

وقال مصدر مطلع إن التحقيقات الأولية بشأن الانفجار تشير إلى أن "سنوات من التراخي والإهمال هي السبب في تخزين مادة شديدة الانفجار في المنشأة"، مما أدى إلى الحادث. وقال رئيس الوزراء والرئاسة إن 2750 طنا من نترات الأمونيوم، التي تدخل في صناعة الأسمدة والقنابل، كانت مخزنة في الميناء منذ 6 سنوات دون إجراءات سلامة.

وقال المصدر المسؤول لوكالة أنباء "رويترز": "إنه إهمال"، مضيفا أن "مسألة سلامة التخزين عُرضت على عدة لجان وقضاة ولم يحدث شيء لإصدار أمر بنقل هذه المادة شديدة القابلية للاشتعال أو التخلص منها". وأشار المصدر إلى "حريق شب في المستودع رقم 9 بالميناء، وامتد إلى المستودع رقم 12، حيث كانت نترات الأمونيوم مخزنة".

6 وثائق أرسلت إلى السلطة القضائية للتحذير من أن المادة المخزنة بالمرفأ تشكل خطرا

وكان هذا أقوى انفجار تشهده بيروت، المدينة التي لا تزال تحمل ندوب الحرب الأهلية التي دارت رحاها قبل 3 عقود، وتعاني أزمة مالية شديدة تمتد جذورها إلى عقود من الفساد وسوء الإدارة الاقتصادية. وقال المدير العام للجمارك اللبنانية بدري ضاهر لتلفزيون "إل بي سي آي"، اليوم، إن الجمارك أرسلت 6 وثائق إلى السلطة القضائية للتحذير من أن المادة تشكل خطرا، مضيفا: "طلبنا إعادة تصديرها لكن هذا لم يحدث. نترك للخبراء والمعنيين بالأمر تحديد السبب". وقال مصدر آخر قريب من موظف بالميناء إن فريقا عاين نترات الأمونيوم قبل 6 أشهر، حذر من أنه إذا لم تُنقل فإنها "ستفجر بيروت كلها".

وتفيد وثيقتان اطلعت "رويترز" عليهما أن الجمارك اللبنانية طلبت من السلطة القضائية في عامي 2016 و2017 أن تطلب من "المؤسسات البحرية المعنية" إعادة تصدير أو الموافقة على بيع نترات الأمونيوم، التي نُقلت من سفينة الشحن (روسوس) وأُودعت بالمستودع 12، لضمان سلامة الميناء. وذكرت إحدى الوثيقتين طلبات مشابهة عامي 2014 و2015.

وقال غسان حاصباني نائب رئيس مجلس الوزراء السابق وعضو حزب القوات اللبنانية: "يجب إجراء تحقيق محلي ودولي في الواقعة، نظرا لحجمها والظروف التي أُحضرت بها هذه البضائع إلى الموانئ". وقال مدير مرفأ بيروت اليوم: "كنا نعلم بوجود مواد خطيرة في المرفأ ولكن لم نتوقع أنها ستكون بهذه الخطورة"، مضيفا أنه تم إرسال خطاب لإزالتها لكن لم يصل رد على مدار 6 سنوات.

محلل سياسي لبناني لـ"الوطن": الخبراء يؤكدون أن الانفجار لا يمكن أن يقع بشكل تلقائي

بدوره قال محمد سعيد الرز الكاتب الصحفي اللبناني والمحلل السياسي، في اتصال هاتفي لـ"الوطن"، إنه لم يعرف بعد سبب الانفجار والفرضيات ترمى يمينا ويسارا، وأضاف: "بالنسبة للمادة المتفجرة وهي نترات الأمونيوم، كيف دخلت إلى لبنان ومن المسؤول عن إدخالها؟ ولماذا لم تخرج من لبنان؟ كل هذا موضع تحقيق".

وقال "الرز" إن الخبراء أكدوا حتى الآن أن هذه المادة لا تنفجر بشكل تلقائي ولا حتى بفعل الحرائق، وإنما تحتاج إلى ما يفجرها، وبالتالي فإن التحقيقات يجب أن تتركز حول هذه المسألة بالذات.

وتابع المحلل السياسي اللبناني إن هناك تسريبات بشأن سبب الانفجار البعض يقول إن الانفجار يعود إلى الإهمال، والبعض يقول إنه وقع بفعل إجراء تصليحات عبر لحام الكهرباء، والبعض يقول إنه احتكاك كهربائي، وخبراء كثير يستبعدون هذه الفرضيات، ويقولون إنه لا يمكن لمثل هذه الفرضيات أن تدمر نصف "بيروت" بهذا الشكل، إذا أن الانفجار وصل إلى درجة 7 آلاف متر في الثانية.

وقال "الرز": "هناك من يحقق في كيفية التفجير مع فرضيات تقول أيضا إن شهود عيان كثر بأنه كان يتواجد طيران حربي فوق الميناء لحظة الانفجار"، مضيفا: "كل هذه الأمور لا يمكن أن تحسم إلا بإجراء تحقيق شفاف لا يأخذ بعين الاعتبار إلا موضوع التحقيق، بعيدا عن القوى السياسية".

 


مواضيع متعلقة