"الدبح عليه والزباين عليها"..دنيا تدير جزارة والدها: بقف وسط الصنايعية

كتب: سمر صالح

"الدبح عليه والزباين عليها"..دنيا تدير جزارة والدها: بقف وسط الصنايعية

"الدبح عليه والزباين عليها"..دنيا تدير جزارة والدها: بقف وسط الصنايعية

وسط رائحة اللحم ولون الدم المنتشر، تستقبل الزبائن بملابسها المرتبة وحجابها المهندم بابتسامة تكسر حالة الجمود الذي يخيم على أرجاء المكان، يُملون عليها طلباتهم فتبدأ هي بمحاورتهم وعرض الأفضل عليهم، اختارت منافسة الرجال في أكثر المهن قسوة، اكتسبتها بفعل الوراثة أبًا عن جد، باتت سندا لوالدها كتفًا إلى كتف معه، لم ترهب الموقف يوماً، قليلات هن اللواتي يرضين العمل فى تلك المهنة،"بابا كان نفسه ابنه الكبير يبقى ولد ويساعده وأنا حبيت أعوضه"، تقول دنيا في بداية حديثها لـ"الوطن".

قبل سنوات عدة وحين كانت في المرحلة الإعدادية من تعليمها، اختارت دنيا مساعدة والدها في محل الجزارة الخاصة به والكائن في منطقة حلمية الزيتون، بدأت بمتابعة نظام العمل، لم يكن الأمر سهلا في بدايته عالم جديد على فتاة صغيرة تخطو خطواتها الأولى في مهنة أداتها الأولى السكين، ولكن ظروف مرض والدها حينها كانت دافعًا قويا للتمسك بقرارها دون أن تعير بالا لانتقادات البعض "كنت في الأول طفلة نازلة حابة أقف مه والدي في المحل وفي وقت قليل فهمت المهنة واتعلمتها".

بعيدًا عن أمور الذبح و"تشفية" اللحم باتت مهمة دنيا الإبنة الأكبر لوالدها تتمثل في البيع وعرض أنواع اللحم الأفضل على الزبون ومحاسبة التجار وتسليم الأضاحي في العيد الأضحى، وفور حصولها على شهادة الدبلوم التجاري أتقنت إدارة المحل،"فضلت واقفة في المحل مع الصنايعية حتى بعد شفاء والدي ورجوعه المحل"، وحين عاد الأب سامي وجد العمل يسير كما كان عليه من قبل حينها بات فخورا بابنته،"أبويا قالي انتي سندي وضهري ودراعي اللي بتعكز عليه".

دنيا: أوقات بنزل في السعر شوية عشان أجذب زبون

كلمتها في محل والدها كالسيف لا تخالف اتفاقا ولا موعدا مع التجار وتحرص على كسب الزبون،"أوقات بنزل في السعر شوية عشان أجذب زبون"،هي الآمر الناهي في الجزارة في غياب والدها، يومها لا يخلو من العثرات حين تضطر التعامل مع بلدية الحي، يرمقها البعض بنظرات دهشة واستغراب لكونها فتاة في العمر الـ22 تدير جزارة،"بلاقي ناس بتبص ليا مستغربة إني بنت وواقفة بوجه الصنايعية وبتعامل مع التجار بس المهم عندي إسم أبويا وإسم عيلة الغنام تفضل مرفوعة في المنطقة".

على خطى دنيا بدأت أمل شقيقتها الأصغر تباشر إدارة الفرع الآخر لمحل والدها الكائن في نطاق عين شمس أيضا حتى "تتشرّب الصنعة"، يساعدها أخيهم الأصغر، شعارهم الدائم هو"كسب الزبون"، الذي أصبح يثق بهم والبعض يطلب احتياجاته عبر هاتف المحل،"الحمدلله الناس بقت تثق فينا وأوقات بيطلبوا اللحمة دليفري".

نجاحها في إدارة محل الجزارة لم يكن كافيًا لتحقيق شغفها الدائم لرفع اسم والدها بين محلات الجزارة، بدأت تخترق زحام الحضور أثناء الذبح لترى بعينيها ما كانت ترهبه في الماضي، تساعد والدها في فصل جلد الذبيحة، حتى خاضت لأول مرة تجربة ذبح عجل بنفسها في رمضان الماضي في منزل العائلة لتوزيعه على الفقراء كعادة سنوية،"دبحت تحت إشراف وتوجيه بابا وبدأت اتعلم منه حاجات أكتر".


مواضيع متعلقة