خيارات المتبرعين بأموال الحج بين تحيا مصر والمستشفيات.. المهم الثواب

كتب: دينا عبدالخالق وسمر صالح

خيارات المتبرعين بأموال الحج بين تحيا مصر والمستشفيات.. المهم الثواب

خيارات المتبرعين بأموال الحج بين تحيا مصر والمستشفيات.. المهم الثواب

"لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك".. في هذا الوقت من كل عام يتسابق الملايين لحجز مكانهم في موسم الحج للطواف حول بيت الله الحرام، بين ترديد الأدعية والسجود في صحن الكعبة المشرفة واستكمال الركن الخامس من أركان الإسلام، في رحلة هي الأهم بحياتهم، يصاحبها الكثير من مظاهر الفرح والسعادة، إلا أنّ هذا العام لم يُكتب لهم ذلك.

بسبب جائحة فيروس كورونا المستجد "كوفيد 19"، التي اقتربت إصاباته من 20 مليون فرد بالعالم، قررت المملكة العربية السعودية قصر الحج على المقيمين بها، والاستمرار في غلق حدودها، ما تسبب في حزن بالغ لدى الكثيرين الذين قرروا أداء الفريضة هذا العام، لكن بعضهم اتجه للتبرع بجزء من مال الحج، في لافتة إنسانية مميزة.

حمدي يداوم على فريضة الحج منذ 27 عاما وتبرع لتحيا مصر ومجدي يعقوب هذا العام

في مثل هذا الوقت كل عام كان يستعد الحاج حمدي النحلة لأداء فريضة الحج بلهفة شديدة وخطوات مسرعة لرؤية بيت الله الحرام، وفي كل مرة يشعر وكأنها الأولى، يعد حقيبته التي لا تخلو من ملابس إحرام إضافية يساعد بها من يحتاجها، وما إن ينتهي من الفريضة ومناسكها حتى يتبرع بملابسه ويساعد بها غيره لنيل الثواب والأجر كاملا.

الحاج حمدي، مصري مقيم في لندن، يؤدي فريضة الحج سنويا منذ 27 عاما دون انقطاع، وجاء فيروس كورونا وما أعقبه من قرارات جديدة تقصر فريدة الحج على المقيمين داخل المملكة ليغير خريطة احتفاله بعيد الأضحى كما اعتاد منذ سنوات، وبحسب روايته لـ"الوطن" قرر أن يتبرع بجزء من قيمة رحلة الحج السنوية لصالح صندوق تحيا مصر ومؤسسة مجدي يعقوب للقلب.

رغم تركه لبلده منذ زمن بعيد، لا يخلو يوم الرجل الستيني من متابعة النشرات الإخبارية بالتليفزيون المصري، للاطلاع الدائم على آخر تطورات الوضع في مصر، لمس بنفسه إنجازات عدة تحققت في عهد الرئيس عبدالفتاح السيسي، كثير منها تحقق بدعم وتنفيذ من صندوق تحيا مصر، ومن أجل هذا قرر التبرع هذا العام بجزء من المبلغ الذي اعتاد دفعه سنويا لأداء فريضة الحج لصالحه: "هكون مبسوط لما أشارك في إنجازات بلدي".

السبب السابق ذاته، هو الذي دفعه للتبرع بجزء من مبلغ الحج لصالح مستشفى مجدي يعقوب للقلب: "بينقذ ملايين من الأطفال وأسرهم مجانا من غير أي مقابل، يستحق نتبرع ليه"، بحسب تعبيره.

اعتاد النحلة وأصدقاءه المسافرين لأداء الفريضة معا، إحضار عدد إضافي من ملابس الإحرام في حقائبهم الخاصة لمن يغفل عن إحضار ملابسه معه، لتوزيعها عليهم على متن الطائرة لمساعدة غيرهم من المسلمين: "بناخد معانا ملابس إحرام زيادة لأن أوقات في ناس بتنسىي تاخد لبس الإحرام معاها على الطيارة وطبعا شرط يحرم قبل الهبوط في المطار وفي الحالة دي بنديلهم اللبس عشان نساعد غيرنا، حسب قوله.

يسترجع الحاج ذكرياته مع الحج قائلا: "الحج زمان كان مختلف عن دلوقتي تماما، السعي بين الصفا والمرة كانت منطقة محدودة وزحمة جدا وبتحصل تزاحم ومنطقة رمي الجمرات من الزحمة كان بيحصل تدافع وكان في ناس بتموت دلوقتي الشوارع اتوسعت واتمهدت أكتر وبقى في سلالم كهرباء ومبقاش الحج صعب زي زمان"، معربا عن حزنه الشديد لعدم أداء الفريضة هذا العام بسبب ظروف الوباء.

 

"فتحية" قررت التبرع لبناء مسجد ومستشفى في منطقتها

قبل نحو 15 عاما، اعتادت الحج كل سنتين، بصحبة أبنائها المقيمين بالسعودية، إّ سهل لها عملهم بالمملكة أداء مناسك الفريضة بجانب العمرة، لتكون فتحية السيد، على موعد برؤية بيت الله الحرام الذي تستعد له بسعادة بالغة: "كانت بتبقى أحلى أيامي"، ولكن قبل عام عادوا جميعا إلى مصر.

وقبل أشهر قريبة تأهبت السيدة السبعينية للحج من جديد هذا العام بالسعودية، إلا أنّ كورونا حالت دون ذلك ليخيم عليها الحزن البالغ جراء ذلك، بعد قرار المملكة بقصره على المقيمين بها فقط، لتمضي أسابيع باكية: "كان نفسي أشوف بيت ربنا تاني وأصلي فيه، خايفه العمر ميسمحليش تاني".

وسرعان ما بادر لذهنها فكرة بديلة لنيل ثواب الحج، فقررت التبرء بثلثي قيمة الفريضة لصالح بناء مستشفى ومسجد في منطقتها بمحافظة الدقهلية، إلى جانب مستشفى مجدي يعقوب وأهل مصر للحروق، قائلة: "قولت أساعد غيري وأساهم في العمل الخيري بس بجزء كبير المرة دي بقى".

 

"أمينة" تتبرع بقيمة الحج كاملة لمستشفى السرطان ودور أيتام

الفكرة ذاتها، نفذتها أمينة محمد، معلمة اللغة الإنجليزية بإحدى مدارس القاهرة، بعدما لم تتمكن من الحج مع زوجها هذا العام، ليأدوا الفريضة للمرة الثالثة سويا، حيث كانا يقضون شهرا كاملا بالسعودية يبدأونه بالعمرة ثم الحج وينهونه بالعمرة أيضا، قبل اقتنائهم الهدايا لأقاربهم.

كانت تأمل السيدة الخمسينية في أداء فريضة الحج بشدة هذا العام بعدما استجاب الله تعالى لدعائها بشفائها من مرض السرطان، إذ خاضت رحلة طويلة من المعاناة على مدى عامين: "كان نفسي أسجد في الكعبة واشرب من ميّة زمزم واشكر ربنا، كنت مشتاقة أوي".

قررت أمينة تغيير الحزن إلى سعادة أيضا وتقديم مبلغ الحج كاملا عن نفسها إلى مستشفى سرطان الأطفال، واثنين من دور الأيتام التابعين لوزارة التضامن الاجتماعي، كونها غير قادرة على الإنجاب وتتولى كفالة أطفال بها، مضيفة: "المرض والوحدة، خلوني أتأكد إن الفلوس ملهاش قيمة قدام صحة وسعادة الناس".

حاولت من خلال تلك الوسيلة تقديم يد العون للمرضى، وإسعاد الأيتام ومساعدتهم أيضا، فضلا عن أنها ستقضي معهم أول يوم العيد هذا العام: "قولت رب ضارة نافعة، يعني ممكن اتلغى عشان أشوف الأطفال في العيد وأفرحهم وأفرح معاهم".


مواضيع متعلقة