لماذا تتكرر حوادث الغرق رغم القرارات الحكومية؟

كتب: دينا عبدالخالق

لماذا تتكرر حوادث الغرق رغم القرارات الحكومية؟

لماذا تتكرر حوادث الغرق رغم القرارات الحكومية؟

رغم عدم انتشال الجثث ومرابطة الأم المكلومة على شاطئ النخيل حتى الآن في انتظار خروج جثمان ابنها الصغير من مياه الإسكندرية منذ 10 يوليو الحالي، والقرارات الحكومية الرادعة لدخول الشواطئ التي تجددت قبل ساعات، إلا أنّ ذلك لم يمنع المواطنين عن تكرار التجاوز لتتكرر الفاجعة مرة أخرى اليوم.

 

غرق 4 في شاطئ الصفا

أكد اللواء جمال رشاد، رئيس الإدارة المركزية للسياحة والمصايف بالإسكندرية، غرق 4 أشخاص بشاطئ الصفا الواقع بجوار شاطئ النخيل بالعجمي، موضحا أنّ الحادث نتيجة تصرفات خاطئة من بعض الجمهور رغم غلق الشواطئ، ورغم حادث الغرق بشاطئ النخيل، إلا أنّ أسرة من القاهرة قررت النزول للشاطئ، ما أسفر عن غرق أفراد صباح اليوم.

وتابع رشاد، لـ"الوطن"، أنّ الأسرة قررت النزول إلى شاطئ الصفا وهو شاطئ مؤجر من قبل المحافظة، ومغلق بحسب قرار رئاسة مجلس الوزراء وليس به أي خدمات، لكن الأسرة قررت النزول للبحر نحو الساعة 5 صباحا، استمرارا لعدم الالتزم من بعض المواطنين.

وأشار رشاد إلى انتشال جثمانين من أصل 4 لـ3 إخوة وابن خالتهم، وجار البحث عن الاثنين الآخرين، مشيرا إلى أنّ توقيت الغرق يوضح أنّ الضحايا نزلوا الشواطئ فجرا وسط تعليق الخدمات هروبا من الملاحقات والحملات.

 

الحكومة: غلق الشواطئ مستمر

وقبل ساعات وجيزة من الحادث، عقد مجلس الوزراء اجتماعا للجنة العليا لإدارة أزمة فيروس كورونا، تضمنت التأكيد على استمرار غلق الشواطئ العامة، والحدائق العامة والمتنزهات، على أن يتم النظر بعد عيد الأضحى في إمكانية السماح بدخول 50% من الطاقة الاستيعابية، للحدائق والمتنزهات التي يتم الدخول إليها عن طريق تذاكر الدخول، لسهولة التحكم في عدد المرتادين من خلال التذاكر التي سيتم طباعتها يوميا.

 

حادث شاطئ النخيل

مساء الجمعة 10 يوليو الحالي، أصدرت الإدارة المركزية للسياحة والمصايف في الإسكندرية، بيانا تفصيليا عن الواقعة، تضمن أنّه في غضون الساعة 5:20 صباحا، نزل بعض المواطنين إلى مياه شاطئ النخيل بنطاق حي العجمي، المغلق حاليا ضمن الشواطئ المغلقة بقرار رئيس مجلس الوزراء، والخاص بحظر ارتياد الشواطئ ضمن الإجراءات الاحترازية والوقائية المتخذة لمواجهة فيروس كورونا المستجد، موضحا أنّهم نزلوا في هذا الوقت المبكر هربا من ملاحقات الأجهزة التنفيذية، التي تنفذ عملية الإخلاء طوال اليوم.

وأشار البيان إلى أنّ 11 مواطنا اندفعوا إلى البحر لمنع غرق طفل - لقي مصرعه - ما أدى إلى غرقهم، وجرى انتشال 6 جثامين، وجار البحث عن الآخرين بمعرفة الإنقاذ النهري التابع للإدارة العامة للحماية المدنية.

استشاري نفسي: الملل والتواكل أسباب عدم الالتزام بالقرارات الحكومية

عدم الالتزام بالقرار الحكومي وتجاهل واقعة شاطئ النخيل، فسّره الدكتور جمال فرويز، استشاري الطب النفسي، بأنّه يرجع لسبب رئيسي هو الملل بطبع الإنسان، فتلك الظاهرة منتشرة بالعالم أجمع حاليا، لزيادة التجاوزات والأزمات لطول فترة العزل المنزلي منذ بداية العام الحالي.

وأضاف فرويز، لـ"الوطن"، أنّه في الأوقاات العادية كان المواطنون ينتظرون الإجازة الصيفية بفارغ الصبر للاستمتاع بالبحر والشواطئ، وزادت الرغبة حاليا في ظل العزل وتفشي المرض الذي منع ممارسة العديد من العادات، وهو ما ضاعف الملل بداخل الجميع، وفاقمه عدم الإدراك والوعي بالألتزام بالقرارت الحكومية لحماية المواطنين.

"التواكل" أيضا هو أحد أسباب عدم التزام المواطنين في رأي استشاري الطب النفسي، موضحا أنّ البعض يتواكل على الله باعتقاده أنّ الأمر لن يكون سيئا لحين وقوع الحادث، فضلا عن اعتقادهم أنّها ستكون فترة وجيزة للاستمتاع، ما يعني اللامبالاة السلبية بأهمية الأمر.

ولتجنب ذلك، اقترح فرويز أهمية زيادة الوعي بين المواطنين بالمنشورات في الشواطئ وزيادة الحراسة حولها لمنع السباحة أو اختراق القوانين.

 

أستاذ علم اجتماع: الفهلوة والاستهتار وراء تكرار العديد من الأزمات

وأيّدت الدكتورة سامية الساعاتي، أستاذ علم الاجتماع، الرأي ذاته، مشيرة إلى أنّ الأمر تكرر في عدة أشكال منذ بداية أزمة كورونا، بين استمرار إقامة الأفراح والعزاء، والاحتفال بشم النسيم، وقبلها الهجرة غير الشرعية، وعدد من المخالفات الأخرى ذات الأضرار الضخمة المعروفة والتي يستمر المواطنين في اتباعها.

وأوضحت الساعاتي أنّ الأمر يرجع لعدة أسباب، بينها انتشار الجهل بالمصلحة الشخصية والعامة، واللامبالاة والاستهتار بالقوانين، فضلا عن "الفهلوة" بين المواطنين في مصر، ومبدأ "الأنا ماليا" التي تعني في علم الاجتماع الاستهتار بمصالح الآخرين والمجتمع.

تلك الأسباب مجتمعة ولّدت التجاوزات والاختراقات الأخيرة، وفقا للساعاتي، إذ استهان أصحابها بالقرارات الحكومية وحادث شاطئ النخيل، عبر أفعال غير مسؤولة أو واعية، أدت لوقوع الحوادث مرة أخرى.


مواضيع متعلقة