يؤثر المحتاج على نفسه.. "مسعد" بائع يكسو من عرته الحياة: كله مال ربنا
يؤثر المحتاج على نفسه.. "مسعد" بائع يكسو من عرته الحياة: كله مال ربنا
شارع واسع به حارتان، يفصلهما رصيف عريض، تحيطه السيارات المركونة من الجانبين، تنتظم على حافة الشارع شبه متلاصقة، تاركة بينها فراغ لسيارة واحدة، يستغله أحد الباعة في وضع بضاعته حتى تظهر للمارة، بعد أن رصهم بشكل منظم بطريقة دائرية، وسندها بـ4 قولب من الطوب من جميع الجهات، متظر الزبائن أملًا في العزدة لبيته بمال يكفي قوت يومه.
محمد مسعد عبد الرحيم، رجل خمسيني، يخرج من بيته في الساعة الـ11 صباحًا، بحثا عن الرزق، يقف بجانب قمصان المستعملة التي يبيعها بأسعار زهيدة مقارنة بأقرانها من الجديدة، وشمس النهار تغزو صلعته دون رحمة، تلك المهنة الشاقة التي يمارسها يومين في أسبوعيًا.
عمل "عم مسعد" في أحد المصانع يمنعه من النزول يوميًا لبيع القمصان، ليقوم بذلك في يومي إجازته، في شارع كعبيش بمنطقة الطوابق، من أجل تحسين دخله البسيط، ليصرف على أسرته المكونة من 3 أفراد غيره، زوجة وبنتين، ولا يجد حرجًا في أن يعلمهم بأمر عمله الآخر.
على الرغم من حاجة ابن الجيزة للمال، إلا أنه يسعى لكساء أي محتاج يقابله خلال وقت عمله، يعطيه أحد القمصان مجانا، ويطلب العوض من الله، "المال مال ربنا يعين أنا مبديش حد حاجة من جيبي، هو اللي بيرزق، يمكن هو جاعلني سبب في كسوة حد محتاج".
أحد المشردين مر من أمام "مسعد" بملابس ممزقة ومتسخة تكاد تكون غير موجودة، تكشف جسده وسط حرارة الشمس الحارقة، وفور أن لمحه ابن الطوابق، أحضر أحد قمصانه من على شماعته، ووقف وسط الشارع يلبسه إياه، "عملت كده بشكل تلقائي ومعرفش إن ممكن حد ياخد باله أو يصورني، أهم حاجة رب الخلق يشوفني ويجازيني خير"، حسب قوله لـ"الوطن".
يحكي "مسعد" رفض المحتاج للقميص الذي أعطاه له، ورغم ذلك صمم على أن يكسوه به، "ببقا فاهم أن أوقات المحتاج ده بيبقى عنده مشكلة في عقله، فلازم نهاوده عشان يرضى يلبس، وبقوله كلمتين أنه ميرميش اللبس ده ويفضل لابسه علطول".
مشهد مساعدة المحتاج وصفه أصحاب المحلات المحيطة بـ"الشهم"، على حد قول مصطفى الجابري، صاحب محل "الجابري" للأثاث المنزلي، والذي يقف البائع أمامه، حيث شاهد الموقف وأثنى عليه بعدها، "قولناله ربنا يباركلك ويعوض عليك، مع إنه مبيقفش هنا كتير بس ارتحنا له كلنا بعد اللي عمله".
