كتاب "الكروان الممنوع".. قصة القارئ الذي منعه الأزهر

كتب: إلهام زيدان

كتاب "الكروان الممنوع".. قصة القارئ الذي منعه الأزهر

كتاب "الكروان الممنوع".. قصة القارئ الذي منعه الأزهر

صدر كتاب "الكروان الممنوع: قصة القارئ الشيخ عنتر مسلم"، عن وكالة الصحافة العربية "ناشرون" في القاهرة، للكاتب الصحفي طايع الديب.

يحكي الكتاب قصة "الشيخ عنتر"، القارئ الذي أصدر الأزهر قرارا بمنع أشرطته، بتهمة أنه يقرأ بقراءات غير معترف بها من "المقارئ المصرية"، وهو الثاني لـ الديب بعد كتابه "جمهورية الضحك الأولى" الصادر مطلع العام الماضي.

وأضاف "الديب"، لـ "الوطن"، أن الكتاب استعرض أن بعض إذاعات العالم الإسلامي كانت تبث تسجيلات الشيخ عنتر يومياً، كمادة إذاعية ثابتة، بينما كانت أشرطته ممنوعة من التداول في مصر، بناء على قرار صدر من الأزهر وقتها إثر الحملة الصحفية المضادة له، وقضى بأن الرجل يقرأ بقراءات غير مُعترف بها من العلماء، موضحا: وكان مسلّم "شيخ طريقة" جديدة من نوعها في دولة التلاوة، فقد كان يتلو القرآن الكريم بأكثر من أربع قراءات مختلفة في الرُبع الواحد، فاعتبر قرّاء الإذاعة طريقته هذه نوعا من الهرطقة، وخرقاً للقواعد الصارمة التي لا مجال فيها للاجتهاد أو الإبداع، وشنوا عليه حرباً ضروس امتدت ساحتها من الإسكندرية إلى أسوان، فحظر الأزهر الشريف طبع وتوزيع أشرطته، أيام كانت شرائط الكاسيت هي النافذة الوحيدة المفتوحة خارج سيطرة الإعلام الرسمي، والإذاعة الشعبية الأوسع انتشاراً في مصر والعالم العربي آنذاك.

ويقول الديب: "لقد اختفى مسلّم، ومُنعت أشرطته في مصر، لكنها عرفت طريقها إلى كل قارات العالم، وباتت تُباع على أسوار "المسجد الأزرق" في مزار شريف، وتنطلق من محال بيع الكاسيت في لاهور، وتُسمع في حضرات الطريقة الصوفية النقشبندّية بإسطنبول، حتى أصبحت تلك هي السابقة الأولى من نوعها: أن يشتهر قارئ مصري في بلاد لا تعرف اللغة العربية مثل أفغانستان وباكستان وتركيا، بينما هو شبه مجهول في مصر"!

وقال الديب إن الشيخ "الصييّت" حُورب في عصره بلا هوادة، إلى حد أن بعض مشايخ السلفية و"الجماعات الإسلامية"، ومنهم الشيخ الشهير عبد الحميد كشك، اعتبره خارجاً عن الملة إن "أُستتيب" عما يفعله ولم يعلن توبته، وحذره "كشك" في خطبة شهيرة من إعدامه شنقاً.

ويضيف "الديب" أنه بعد أن خفتت الضجة التي أثارها بمرور السنين، تم تجاهله تماماً عند أي تأريخ لمسيرة التلاوة.

ومع ذلك، بات للرجل صاحب الأسلوب "الوحدَجيّ" المتفرّد في القراءة، عشرات التلامذة والمقلّدين في عدة دول، منها مصر والعراق وإيران وإندونيسيا وماليزيا والمغرب.

وبات هؤلاء يقرأون علناً بطريقته "الممنوعة" سابقاً، وبعد نحو سنة من البحث والاستقصاء وراء ما تبقى من تراث الرجل، تبيّن - وفق المؤلف- أن الشيخ عنتر وقع بين "شقيّ رحى" لا يجتمعان على شيء، هما الأزهر والمتشددون، وأن الأمر - فوق ذلك- هو أكبر من مجرد سيرة قارئ، بل إن له أبعادا وجذورا سياسية وتاريخية، ضمن قضية كبرى "مسكوت عنها" منذ أيام الحكم العثماني، تلك الحقبة السوداء في تاريخ هذا البلد.

ويعرض الكتاب أن منع أشرطة مسلّم كان جزءاً من وقائع مؤسفة ومعارك غير شريفة، دارت بين مشاهير قرّاء ذلك الزمان سعياً وراء المال والشهرة، منها ما حكاه لي الشيخ الراحل محمد محمود الطبلاوي بنفسه، من أنه كاد يموت بفنجان قهوة "مسموم" في أحد سرادقات العزاء، لولا أن الله سلّم، واصطدم صبي البوفيه أثناء سيره بين المقاعد بالفنجان، فأسقطه! والكتاب، محاولة لبحث الشيخ عنتر مسلّم، وموقعه الحقيقي بين معاصريه من القرّاء، وكيف خاض بمفرده معركة وصلت أصداؤها إلى أروقة الأزهر وأوراق الصحف، وتصدى لخصومه من كبار المقرئين المسنودين بمؤسسات الدولة، بينما ظهره هو إلى الحائط؟ولماذا حوصر رجل رفض "الجنسية الليبية" التي عرضها عليه مبعوث شخصي من العقيد معمر القذافي، وكيف اختفى في النهاية شيخ اعتبره بعض الناس "قارئ العصر"، ثم عاد مرة أخرى إلى الوجود بعد نحو 35 سنة من المنع؟، عاد بملايين المشاهدات والتعليقات على مواقع "يوتيوب" و"ساوند كلاود" و"فيسبوك"، مصحوبا بنفس الجدال الكبير الذي أثاره ذات يوم!


مواضيع متعلقة