"إيدي في إيدك"..أب كفيف يصطحب طفله خلال عمله بمواقع البناء: بتسند عليه

كتب: سمر صالح

"إيدي في إيدك"..أب كفيف يصطحب طفله خلال عمله بمواقع البناء: بتسند عليه

"إيدي في إيدك"..أب كفيف يصطحب طفله خلال عمله بمواقع البناء: بتسند عليه

مع أول شعاع ضوء يدب في السماء فجرًا ليكسر ظلام الليل، ينهض الأب أيمن من غفوته حاملًا هم التفكير في كسب قوت يومه، يتجه صوب الماء ليتوضأ ويلقي بهمومه على سجادة الصلاة، يتضرع لله طالبًا منه العون وسعة الرزق، بخطوات محسوبة، يتحسس أركان أثاث بيته البسيط يستدل بأنامل أصابعه التي يرى بها الأشياء من حوله لحرمانه من بصره، وفي غضون ساعة أو أقل يغادر منزله، قاطعا خطوات قليلة إلى الشارع متكئًا على صغيره، يسيران معًا مسافة طويلة من بيتهما باحثًا عن مورد رزقه، تارة يحمل أشولة الرمل في أحد مواقع البناء، وتارة يحمل الأسمنت والطوب بمقابل مادي يكاد يكفيه حق مواصلاته فقط، الأول يستمد قوته من طاقة الثاني، فيسير الصغير مهلًا على خطوات الأب البطيئة، يطمئن به وتسكن روحه المضطربة من عثرات الطريق قليلًا.

الأب الكفيف: أحصل على أجرة أقل من الأصحاء لظروفي الخاصة وحركتي البطيئة

مشهد يتكرر كثيرًا يجسد معنى السند والأمان، بين الأب الكفيف أيمن سعد عبد الحميد، وأحد أبنائه الأربعة الصغار، اعتاد أن يصطحب أحدهم معه إلى مكان عمله ليرشده إلى الطريق ويحميه من العثرات، وبحسب رواية الأب الأربعيني لـ"الوطن" ولد كفيفًا وجاء مغتربا من محافظة بني سويف بصحبة زوجته بحثًا عن العمل، لتقف إعاقته حائًلا دائمًا أمامه، "مليش شغل ثابت بشتغل أي حاجة قدامي عشان ظروفي مفيش مكان بيرضى يشغلني".

رغم ظروفه الخاصة اعتاد الأب الأربعيني حمل أشولة الطوب والرمل والأسمنت في مواقع البناء، مقابل أجر يومي لا يتجاوز المائة جنيه فقط، "أصحاب أماكن العمل بيخلوا أجري اليومي أقل من اللي شغالين معايا عشان ظروفي وحركتي البطيئة"، إلا أنه لم يستسلم للواقع الصعب ويسعى صباح كل يوم وراء قوت يومه.

 

في خفية دون علمه، التقط أحد سكان منطقة الزمالك مقطع فيديو للأب الكفيف وهو يحمل أشولة الأسمنت في موقع عمل بأحد العمارات هناك، بجانبه ابنه الصغير يشد من أزره خشية تعسره في الطريق ونشره على صفحته الشخصية على موقع فيس بوك مناشدًا المسؤولين بمساعدة الرجل وتوفير حياة كريمة له، "معرفش مين اللي صورني أنا كل همي أقدر أجيب فلوس أصرف بيها على ولادي".

أيمن المغترب بحثا عن لقمة العيش زوجته ربة منزل لا تعمل وأبناؤه الأربعة في أعمار صغيرة تتطلب نفقات تعليم ومأكل وملبس دون استطاعته توفير كل ذلك لهم، وبحسب تعبيره، يحلم بوظيفة ثابتة ودخل مناسب.


مواضيع متعلقة